خاص شفقنا-الإمام محمد بن علي الجواد التقي هو الإمام التاسع من ائمة أهل البيت “ع” الذين اذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهم من افضل خلق الله واعظمهم واتقاهم وأنقاهم واحسنهم كفا بعد رسول الله “ص”.
يتميز الإمام الجواد “ع” بأنه استلم الإمامة مبكرا عن والده الإمام علي بن موسى الرضا “ع” وكان عمره الشريف لم يتجاوز الثماني سنوات، ما اثار جدلا لدى المشككين من حوله بإمامته، واستلام الإمامة مبكرا ليس بالأمر العزيز على الله وليس بالامر الصعب فإن الله جعل نبي الله عيسى “ع” نبيا وهو في المهد صبيا، “قال اني عبد الله قد آتاني الكتاب وجعلني نبيا”، وكذا الرسول “ص” نص على امامة الحسن والحسين “ع” فقال: “الحسن والحسين امامان قاما او قعدا”، وقد دامت مدة امامته حوالى سبعة عشر عاما وهو من الأئمة الذي اعتبر الأصغر سنا، حيث عاش حوالى خمسة وعشرين سنة، وفارق الحياة وهو في ريعان شبابه.
وفي ذكرى استشهاده “ع” يقول فضيلة الشيخ بسام العيتاوي في حديث خاص لـ”شفقنا”: “لقد تصدى الإمام الجواد عليه السلام لمحاولات التشكيك بإمامته وبعلمه من خلال أسلوب المناظرات، ما أدى إلى هزيمة فقهاء البلاط وعلمائه، وأشهرها محاججته ليحيى بن أكثم في مسألة المُحرِم الذي قتل صيداً ما عزّز من اجتماع الشيعة والموالين حوله.
وعلى الرغم من صغر سنه، فقد ساهم الإمام “ع” في اغناء مدرسة اهل البيت واستمرارها، يقول الشيخ العيتاوي: “لم يقتصر على نشر علوم اهل البيت “ع” وعلوم القرآن والفقه والحديث فحسب، بل تجاوز الى ان كان يُعلّم الناس بقية العلوم الأخرى فمزج بين الطب والفلك والحساب والكيمياء وغيرها”…
كيف استطاع أن يجمع بين الثقافات الدينية والمذهبية مع الثقافة العلمية؟
وتابع فضيلته، استطاع الامام الجواد ان يجمع تحت منبره اصحاب الديانات والمذاهب، فناقش أهل الانجيل بأنجيلهم وأهل التوراة بتوراتهم وأهل القرآن بقرآنهم ، وكل المذاهب حسب ما عندهم من علوم وحجج ويحتج عليهم بدينهم وكلماتهم وائمتهم وساداتهم، واحتج على النصارى واليهود وبعض فرق المسلمين وبعض الخلفاء وعلى كثير من اصحاب الفلسفات والافكار، فاستطاع ان يجمع بين الطاقات والثقافات والحضارات وجمع الكلمة ووحدة الصف.
متحدثا عن دوره عليه السلام في ظل وجود حكام عصره، اشار الشيخ العيتاوي الى انه اهتم بمسألة الولاية والتمسك بأهل البيت والبراءة من أعدائهم فلعب دورا بارزا في ترويج شريعة سيد المرسلين وآله الطاهرين ونشر علومهم، اضافة الى دوره في رد البدع والضلالات والشبهات التي انتشرت آنذاك، وكان له الدور البارز في التمهيد لغيبة الإمام المهدي “عج” الذي بدوره استلم الإمامة مبكرا كما الإمام الجواد.
شهادة الإمام الجواد كشهادة الإمام الحسين
وقال مضيفا، لقد احب المسلمون الإمام الجواد واتبعوه، حيث ان هناك تشابه بين حياته عيله السلام وممن سبقه من الائمة ومن اتى بعده، وحتى في شهادته تشابه بين شهادة الإمام الحسين، فقد بقي ثلاثة ايام على سطح داره مسموما غريبا من دون كفن وغسل ودفن، وشابه أباه الامام الرضا في الغربة وآباءه في العلم.
رسائل الى شباب اليوم
وتوجه فضيلته الى شباب اليوم بجملة من الرسائل، داعيا اياهم الى الاقتداء بهذا الامام العظيم الشاب، والتأسي به وانتهاج نهجه والسير على خطاه، فيتعلموا من علومه واخلاقه ويغرفوا من وصاياه وحكمه ومناظراته، والإبتعاد عن المحرمات والفساد والزنا.. وقال: اغتنموا الشباب فإن فيه الحيوية والنشاط، فاعتماد الامة عادة يكون على شبابها وطاقتهم ومستقبلها يتوقف عليهم في المقاومة ومواجهة اعداء اهل البيت والجهل، فإن كان تقيا ورعا فالامة ستكون بخير.
وختم بالقول: لقد ترك لنا الامام الجواد تراثا عظيما، فمن وصاياه عندما سأله رجل قال له يابن رسول الله اوصني، قال: أَوَتقبل؟ قال: نعم. فقال: توسد الصبر واعتنق الفقر وارفض الشهوات، وخالف الهوى، واعلم أنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون.
وايضا من حكمه القصيرة والهامة والتي ينبغي ان تدوّن بماء الذهب: المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال: توفيق من الله، وواعظ من نفسه، وقبول ممن ينصحه.
ملاك المغربي