خاص شفقنا- “داعش انبعث من الظلام.. ومن لحقوا به هم من لم يكن لديهم الوعي الكافي”، هذا الكلام هو لطالبة في جامعة الموصل، عادت الى مقاعد الجامعة لانهاء امتحانات الفصل الأول في فرع اللغة الانكليزية في كلية التربية، بعد تحرير الجامعة من قبضة “الدواعش” التي حولوها الى مركز لعملياتهم الاجرامية.
الطالبة وتدعى سناء رافع لم يمنعها الدمار الذي ضرب جامعتها من الحضور للامتحان بعد حرمانها من الدراسة ثلاث سنوات، فقالت وباصرار”لم يمر شهر بعد على تحررنا من غرب الموصل وعدت فورا إلى الدوام.. أشعر بالراحة رغم كل الدمار الذي أراه. مجرد تنشق الهواء يعني اننا سلمنا وأن الامور تعود الى طبيعتها في الموصل”.
رغم اجواء التفاؤل التي رسمها الطلاب وهم يشاركون في امتحانات الفروع الانسانية في جامعة الموصل، الا ان الامر الذي حز في نفوس الجميع هو مصير مكتبة الجامعة التي كانت تضم ما يقارب مليون ونصف المليون كتاب داخل، منها كتب كان يمنع إخراجها من الجامعة لقيمتها النادرة كالمخطوطات والموسوعات القيمة والدواوين، حيث احرقها “داعش” جميعا، كما فعل المغول بمكتبة بغداد.
ما اصاب الجامعة ومكتبتها لم يزرع اليأس في قلوب الطلاب والهيئة التدريسية والعاملين في الجامعة ولا المواطنين خارج الجامعة ، فقد شمر الجميع عن سواعد الجهد فقاموا فور طرد “داعش” بأعمال التنظيف في كل الكليات تقريبا ورفعوا آلاف الأطنان من الأنقاض ومخلفات الحرب خلال أربعة أشهر.
الدراسة والامتحانات في الاختصاصات الانسانية استؤنفت فقط، فيما لا تزال الكليات العلمية التي تضم العدد الاكبر من طلاب الجامعة مقفلة بقرار من وزارة التربية لعدم جهوزية المختبرات بعد، وتخطط إدارة الجامعة لاستئناف الدروس بشكل طبيعي مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر على أن يتم في الفترة الفاصلة عن هذا الموعد إنهاء الامتحانات وإكمال العام الدراسي من حيث توقف في العام 2014.
هذه الصفحة المملوءة بالامل بالمستقبل، ما كانت لتكون لولا تضحيات الجيش والقوات الامنية وقوات الحشد الشعبي الذين قدموا الالاف من الشهداء والجرحى، من اجل ان تعود الحياة الى جامعة الموصل، ومن اجل ان يعود الطلاب الى مقاعد الدراسة بأمن وآمان بعد ان حرمهم “الدواعش” منها.
في مقابل هذه الصفحة الناصعة التي رسمها ابطال الجيش والحشد الشعبي في الموصل، مازالت هناك مناطق اخرى من محافظة الموصل تنتظر ابطال الجيش والحشد لتطهيرها من دنس “الدواعش” الذين ارتكبوا، في نفس الوقت الذي كان طلاب جامعة الموصل يشاركون في امتحانات الفصل الاول، جرائم يندى لها جبين الانسانية ضد ابناء قضاء الحويجة الواقع جنوب غربي كركوك .
الجريمة الجديدة لـ”داعش” تمثلت بإعدام 30 مدنياً غالبيتهم نساء وأطفال من سكان قضاء الحويجة رميا بالرصاص بتهمة ترك ما يسمى “ارض الخلافة”، وهم يحاولون الهرب إلى ناحية العلم في محافظة صلاح الدين، وبذلك يصل عدد الذين أعدمهم “داعش” في مناطق جنوبي كركوك وغربيها وصل إلى قرابة ألف رجل وشاب منذ حزيران العام 2014″، بالاضافة وجود نحو ثلاثة آلاف مغيب ومعتقل فضلا عن تدمير المئات من المنازل والمباني الحكومية في هذه المناطق.
وجوه العشائر في هذه المناطق طالبوا القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي والعمليات المشتركة، إلى تحرير الحويجة فورا بالتنسيق مع اللجنة الامنية في محافظة كركوك وقيادة الحشد الشعبي والبيشمركة.
هذه المناشدات تاتي لتؤكد حجم التشويه الذي تعرضت له صورة الحشد الشعبي في الاعلام العربي الذي يعتمد في معلوماته حول ما يجري في العراق على اشخاص باعوا شرفهم قبل ان يبيعوا اهالي المناطق الغربية والموصل بثمن بخس ل”الدواعش” والجهات الاقليمية التي تقف وراء “الدواعش”، فاليوم ورغم كل هذه الهجمة الشرسة على الحشد، نرى انه ليس امام اهالي تلك المناطق من وسيلة للتحرر من اجرام “داعش” الا اللجوء الى القوات المسلحة العراقية وفي مقدمتهم الحشد الشعبي.
ان تجربة الاعوام الثلاثة الماضية كشفت للعراقيين وخاصة ابناء الموصل وابناء المناطق الغربية، من هم الاشقاء والاصدقاء ومن هم العملاء والمرتزقة، فالدماء التي اريقت من ابناء الجنوب والوسط على ثرى الموصل والمناطق الغربية من تحريرها وتحرير اهلها، اخرست كل ابواق الفتنة في الداخل والخارج وكشفت عن حقيقة ما يجري في العراق بعيدا عن الكذب والخطاب الطائفي المقيت.
ان شعلة العلم التي اشعلتها دماء شهداء الجيش والحشد فوق جامعة الموصل، ايذانا بعودة الحياة الى هذا الصرح العلمي، هي افضل وسيلة لمحاربة الظلام والظلاميين من “الدواعش” والتكفيريين، وهذه الحقيقة اشارت اليها الطالبة سناء رافع التي تأمل أن تنهي تحصيلها العلمي لتصبح مدرسة، عندما قالت أن “ديننا الإسلامي الحقيقي والتعلم هو ما نحارب به داعش”.
النهایة