خاص شفقنا-من بين الكم الهائل من التصريحات والتصريحات المضادة بين طرفي الصراع الخليجي ، السعودية والامارات والبحرين من جانب وقطر من جانب اخر، استوقفتني تصريحات وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة الإمارات أنور قرقاش، لغرابة تلك التصريحات.
من بين التغريدات الكثيرة للوزير قرقاش اخترنا تغريدة ، تثبت بالقطع ان قرقاش اما منقطع عن محيطه، او انه تجاهل هذا المحيط بارادته ، وذلك عندما كان يتحدث عن قطر وسعيها لتحصين نفسها امام تهديدات شقيقاتها الخليجيات.
يقول قرقاش في احدى هذه التغريدات: “التصعيد الكبير من الشقيق،المربك والمرتبك، وطلب الحماية السياسية من دولتين غير عربيتين والحماية العسكرية من إحداها لعله فصل جديد مأساوي هزلي .. كنت أتمنى أن تتغلب الحكمة لا التصعيد، أن يراجع الشقيق حساباته لصالح موقعه الطبيعي في محيطه، الهروب إلى الأمام والحماية الخارجية لا تمثل الحل”.
جميل ان يدعو مسؤول في بلد ما ، الى رفض الاستقواء بالخارج واحترام استقلالية هذا البلد ، فهذه دعوة مسؤولة ومحترمة ، فالتدخل الخارجي هو سبب بلاء ومصائب البلدان ، فالاجنبي ليس جمعية خيرية ، فتواجده في اي منطقة من العالم يعني ان هناك اطماع له يحاول الحفاظ عليها عبر خلق اوضاع فتنة واضطرابات ، فهذه الاوضاع هي التي تشرعن وجوده وتجعله مقبولا ، فالهدوء والاستقرار في اي منطقة من العالم ، يعني ان هذه المنطقة لا حاجة لتواجد الاجانب وقواتهم العسكرية ، ولكن للاسف الشديد تصريحات قرقاش تصطدم وبشكل مباشر مع حقيقة مُرّة ومؤلمة لايمكن لقرقاش ان ينكرها وهي وجود غابة من القواعد العسكرية الامريكية والغربية في منطقة الخليج الفارسي ، تستقوي بها بعض الانظمة مقابل تهديدات وهمية روجت لها البلدان التي تعود لها تلك القواعد وصدقتها الدول المستضيفة لها.
ومن اجل ان نضع القارىء الكريم في صورة هذه القواعد العسكرية في الدول الخليجية ، والتي تعتبر رمزا للاستقواء بالاجنبي ومساسا باستقلال الدول ، سنمر مرورا سريعا على اهم هذه القواعد مستعينين بمصادر اعلامية تابعة لهذه الدول:
السعودية:
كان يوجد على أرض المملكة السعودية أحد مراكز قيادة القوات الجوية الأميركية الإقليمية المهمة، داخل قاعدة الأمير سلطان الجوية بالرياض، وبواقع 5000 جندي تابعين للجيش وسلاح الجو الأميركي، وأكثر من 80 مقاتلة أميركية، وقد استخدمت هذه القاعدة في إدارة الطلعات الجوية لمراقبة حظر الطيران الذي كان مفروضًا على شمال العراق وجنوبه إبان فترة العقوبات الدولية، كما كانت تعمل مركزًا للتنسيق بين عمليات جمع المعلومات والاستطلاع والاستخبارات الأميركية في المنطقة. منذ أواسط العام 2003 تقريبا، انتقل حوالي 4500 جندي أميركي إلى قطر، وبقي بالسعودية حوالي 500 جندي أميركي ظلوا متمركزين فيما يعرف بـ”قرية الإسكان”.
حديثا نقلت وسائل الإعلام الأمريكية معلومات مؤكدة تشير إلى أن الولايات المتحدة أنشأت منذ اكثر من عامين قاعدة سرية لطائرات من دون طيار في المملكة العربية السعودية ، تستخدمها في قصف مناطق في دول أخرى وخاصة في اليمن.
الإمارات:
توجد في الامارات ﻗﺎﻋدة اﻟظﻔرة اﻟﺠوﻴﺔ ، وﺘﻀم اﻟﻔرﻗﺔ اﻟﺠوﻴﺔ اﻷﻤرﻴﻛﻴﺔ رﻗم 380، يوﺠد ﻋﻠﻰ أراﻀﻴﻬﺎ ﻤﻨﺼﺎت إﻨطﻼق طﺎﺌرات ااﺴﺘطﻼع ﻴو-2، وطﺎﺌرات إﻋﺎدة اﻟﺘزود ﺒﺎﻟوﻗود، وحسب بعض التقديرات تصل القوات الأمريكية في قاعدة الظفرة الجوية إلى 5000 فرد من القوات الأمريكية، كما يوجد في ميناء جبل علي سفينة حربية كبيرة، وتنتشر في قاعدة الظفرة طائرات أمريكية من نوع جلوبال هوك وطائرات الأواكس.
بالإضافة إلى قاعدة الظفرة الجوية يوجد ﻤﻴﻨﺎئا زاﻴد ورﺸﻴد ويطلان على مياه الخليج الفارسي العميقة، الأمر الذي يبرز أهميتهما بالنسبة للسفن العسكرية الكبيرة.
البحرين:
حيث مقر الأسطول البحري الأميركي الخامس في المنامة، الذي يخدم فيه 4200 جندي أميركي، ويضم حاملة طائرات أميركية وعددا من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من 70 مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزود بالوقود المتمركزة بقاعدة الشيخ عيسى الجوية.
قطر:
توجد في قطر قاعدة العديد الجوية التي تشتمل على مدرج للطائرات يعد من أطول الممرات في العالم، واستعدادات لاستقبال أكثر من 100 طائرة على الأرض.
وتعتبر هذه القاعدة مقرا للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، ما جعل بعض العسكريين يصنفونها أكبر مخزن إستراتيجي للأسلحة الأميركية في المنطقة.
الكويت:
يوجد بالكويت معسكر يطلق عليه اسم “معسكر الدوحة” يتمركز فيه أفراد الفرقة الثالثة الأميركية مشاة إضافة إلى عدد من الأفراد التابعين لسلاح الجو. مع كامل معداتهم وأسلحتهم التي منها دبابات طراز (M-1A12) وعربات مدرعة طراز (M-2A2) بجانب الطائرات الهليكوبتر الهجومية وأكثر من 80 مقاتلة، وأيضا بعض وحدات القوات الخاصة سريعة الانتشار.
عُمان:
تستمد أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة من حيث موقعها كمركز متعدد المهام لخدمات دعم الجسر الجوي، وقامت الولايات المتحدة بإنشاء قاعدة جوية فيها، تتمركز بها قاذفات طراز (B1) وطائرات التزود بالوقود.
اعتقد انه بعد هذا السرد السريع بأسماء القواعد الامريكية المعلنة في الدول الخليجية ، ارى ان تغريدة قرقاش حول “مأساوية وهزلية” طلب قطر الحماية غير العربية امام تهديدات السعودية والامارات والبحرين المدعومة بتهديد امريكي اكبر ، ستكون في غير محلها ، او على اقل تقدير انها غير صائبة ، ومردود عليها.
اخيرا اذا كانت قطر التي تضم اكبر قاعدة جوية امريكية في المنطقة ، تطلب الحماية من تركيا او ايران ، فهذا يعني ان القواعد الامريكية لا يمكن الوثوق بها ، فانها بدلا من ان تكون مظلة لحماية الدول التي تستضيفها ، فانها تتحول الى مصدر تهديد بالغزو ، وهذا الامر يجب ان يُقلق ليس قطر فحسب ، بل بقية الدول الخليجية ومن بينها دولة الامارات.
النهایة