شفقنا العراق-مكافحة المخدرات تتقدم بخطوات واسعة عبر تنفيذ 34 عملية كبرى في أقل من عام، لكن خبراء يشيرون إلى أن الأمن ليس كافيًا وحده دون منظومة علاجية وقانونية ومجتمعية توقف تمدد الظاهرة في المدن والحدود.
أعلنت السلطات الرقابية العراقية في العاصمة بغداد، اليوم الثلاثاء، تمكنها من إتلاف قرابة 5 أطنان من المواد المخدرة في 34 عملية نفذتها منذ بداية 2025. ويتزامن الإعلان مع استمرار العمليات الأمنية التي تتولى الإشراف عليها الحكومة بهدف التضييق على تجار وشبكات تهريب ونقل المخدرات وتوزيعها، التي باتت إحدى أبرز المشاكل الأمنية في البلاد بالسنوات الأخيرة.
وقال المدير العام لهيئة الجمارك، ثامر قاسم داود، إن المواد المخدرة التي ضبطَت متنوعة، وتشمل الأقراص المخدرة التي بلغت أكثر من 9 ملايين قرص، ومن أنواع مختلفة، ضبطَت خلال العمليات الجمركية المشتركة مع الأجهزة الأمنية المختصة.
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد أعلنت في إبريل/ نيسان الماضي، ضبط أكثر من طنين من المخدرات في الربع الأول من عام 2025، والقبض على 3 آلاف وستة متورطين في المتاجرة بها. وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إن الحرب على المخدرات “لا تقل أهمية عن الحرب على الإرهاب”.
سوق المخدرات
وأوضح الخبير في الشؤون الأمنية ومكافحة المخدرات، العميد المتقاعد عدنان الكناني، أن “الكمية المعلن عن إتلافها تعَدّ مؤشراً إيجابياً على ارتفاع كفاءة الجهود الأمنية العراقية في ملاحقة شبكات التهريب والترويج، لكنها في الوقت ذاته تكشف حجم المشكلة واتساع سوق المخدرات في البلاد”.
وبين أن “إتلاف خمسة أطنان خلال 34 عملية يعني أن العراق ينفذ بمعدل يقارب عملية كل أسبوع، وهو رقم غير مسبوق مقارنة بالسنوات السابقة، ما يدل على تصاعد وتيرة المواجهة الأمنية مع هذه الظاهرة الخطيرة”.
وأضاف أن “الإتلاف خطوة ضرورية لضمان عدم تسرب المواد المضبوطة مجدداً إلى السوق، لكنها ليست نهاية المعركة، والجهود الأمنية تحتاج إلى دعم تشريعي وعلاجي ومجتمعي متكامل، لأن مشكلة المخدرات لم تعد أمنية فقط، بل اجتماعية وصحية واقتصادية أيضاً”.
وتابع الكناني أن العراق، حسب تقارير الأمم المتحدة، أصبح من المناطق الحساسة في الشرق الأوسط لانتشار المواد المخدرة وتنامي ظاهرة الإدمان، خصوصاً بين فئة الشباب، والحدود الطويلة مع دول الجوار تجعل البلاد هدفاً رئيساً لشبكات التهريب الإقليمية، ما يتطلب تنسيقاً أكبر في تبادل المعلومات وتعزيز الرقابة الحدودية”،
مؤكداً أن “الحكومة العراقية قطعت خطوات مهمة خلال العامين الماضيين، بواسطة إنشاء مراكز متخصصة لعلاج المدمنين وتوسيع برامج التوعية، إلى جانب إطلاق استراتيجية وطنية للحد من المخدرات للفترة 2023-2025 بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة “.
المعركة ضد المخدرات
وختم الخبير في الشؤون الأمنية ومكافحة المخدرات قوله إن “ما تحقق حتى الآن نجاح أمني مهم، لكن المؤشر الحقيقي لقياس التقدم هو تراجع أعداد المتعاطين وانحسار السوق السوداء، وليس فقط كمية المواد التي أتلِفَت، فالمعركة ضد المخدرات تحتاج إلى توازن بين الردع والعلاج والتوعية”.
وتعَدّ المخدّرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، ولا سيّما أنّ تجارتها قد اتّسعت في الفترة الأخيرة بشكل خطر، وقد تحوّل العراق إلى ممرّ لتلك المواد من إيران في اتّجاه عدد من الدول العربية.
وفي السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي عام 2003، صار العراق من بين البلدان التي تنتشر فيها المخدرات بشكل واسع، التي تهرَّب عبر الحدود من إيران، وأخيراً سورية.
وكان القانون العراقي قبل الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 يعاقب مروجي المخدرات بالإعدام شنقاً. لكن بعد الاحتلال، ألغيت عقوبة الإعدام وفرضت عقوبات تصل إلى السجن مدة 20 عاماً.

