شفقنا العراق -من الممكن أن يكون الترقي في مدارج العلم إن لم يكن مصحوباً بتزكية النفس والعياذ بالله- وبالاً على صاحبه وعلى الناس ممن يحيط به وعلى موقعية الدين في نفوسهم.
من جملة ما أفاده أستاذنا سماحة آية الله السيد محمد رضا السيستاني حفظه الله) الأربعاء ۲۲ شعبان / ١٤٤٤ هـ؛ بعد يوم الدرس السابق لتعطيل شهر رمضان المبارك – وقد طلب منه بعض طلابه وفقهم الله منه تذكرة – حادثة مفادها:
أن والده المعظم قد حضر – في بعض أسفاره إلى المشهد الرضوي المقدس – في مجلس.
وكان من جملة من حضر تاجر كبير ومعروف وقد خاطب هذا التاجر مَنْ حضر في المجلس من أهل العلم بما مضمونه إنني وأمثالي من العامة لا قدرة لنا على الاستدلال على أحقية هذا المذهب بالبراهين التي يستدلّ بها أهل العلم والاختصاص، وقد سافرت في حياتي كثيراً، كما وأنّي قد التقيت في سفراتي بكثير من ممثلي الأديان والطوائف فلم أجد عندهم من النباهة وحسن الجواب ما يروي الغليل بحيث يطمئن إلى أحقية دينهم ومذهبهم.
وإنَّ الشيء الذي جعلني أحسن الاعتقاد بمذهبنا هو ما شاهدته من أحوال عالمين من علماء مشهد -وهما ممن لم يدركهما سماحة السيد السيستاني دام ظله – فإنَّ من جملة مزاياهما خصلتان؛ بهما أتيقن من صحة ديننا ومذهبنا، وهما:
الخصلة الأولى
ما وجدته فيهما من النباهة والذكاء الشديدين؛ بحيث لا يمكن لهما أن يخدعا بالأدلة الواهية البالية، وذلك ما يجعلني أعتقد بأنَّ عندهما – حتماً من الأدلة والبراهين القوية التي جعلتهما يعتقدان بصحة ما هما عليه، فأنا أعتقد بذلك تبعاً لهما.
الخصلة الثانية
تحليهما بالأخلاق الفاضلة والآداب الرفيعة وأنها لا يأمران أحداً بشيء من الواجبات أو المستحبات أو ينهيان عن شيء من المحرمات، إلا وقد وجدتهما قد سبقا بالعمل إليه قبل ذلك.
فإنني أرجو منكم – ولا يزال الخطاب من التاجر لمن حضر من رجال الدين – أن تتزيّنوا بالتقوى والورع والأخلاق العالية؛ حتى يمكن لمن يحيط بكم أن يطمئن لدينه من خلالكم، فإن مقامكم عظيم، وبما تتحلّون من صفات تبقى للدين هيبته وعزّته، وبفعلكم الحسن يُستدل على صحته، والعكس بالعكس.
أهمية تزكية النفس
وقد ختم سيدنا الأستاذ أيده الله كلامه بالحثّ على تزكية النفس، واستغلال ما بقي من شهر شعبان المعظم فإنّه شهر له شأنه.
وكذلك الأمر في شهر رمضان الذي هو فرصة عظيمة ينبغي حسن استغلالاها في جميع آنات الشهر الفضيل؛ فإن كان حتى النوم فيه عبادة فكيف بالأعمال الصالحة.
وقد بيّن حفظه الله أنّ سعي طالب العلم إلى تزكية نفسه أمر مهم جداً بالنسبة إليه وهو كمال له.
حيث أنه من الممكن أن يكون الترقي في مدارج العلم إن لم يكن مصحوباً بتزكية النفس والعياذ بالله- وبالاً على صاحبه وعلى الناس ممن يحيط به وعلى موقعية الدين في نفوسهم.