شفقنا العراق-تستقبل آلاف العائلات العراقية تاسع رمضان لها في مخيمات النزوح، وسط ظروف إنسانية سيئة مع غياب أبسط الطقوس والتقاليد الرمضانية التي اعتاد عليها العراقيون في كل عام.
وفي كل رمضان يستعيد نازحو المخيمات ذكرياتهم مع الشهر الفضيل، ويبدون حسرتهم لما آلت إليه أوضاعهم، ويحدوهم الأمل في تحسن حالتهم المأساوية خلال الأعوام القادمة.
رمضان المخيمات
ويقول مروان محمد حامد -وهو نازح من الموصل منذ عام 2014- إنهم اعتادوا على حياة المخيم، وإنه بإمكانهم الخروج منه والدخول إليه بكل حرية وفي أي وقت.
ويبين حامد للجزيرة نت أن العائلات في المخيمات تقتات على المواد الغذائية والمساعدات التي ترسلها المنظمات الإنسانية، لافتا إلى أن بعض شبابهم يذهبون للعمل، منهم من يعملون في بعض الشركات، وبعضهم يعملون في المعامل والمصانع أو في المحلات البسيطة ومراكز التسوق، ومنهم من يمتلكون عربات “التوك توك” ويعملون عليها.
أما عن الأجواء الرمضانية فيقول حامد إنها طبيعية، ويقوم الناس باتباع بعض العادات والتقاليد من حيث تبادل صحون السحور والإفطار، ورغم محاولتهم إحضار الطقوس الرمضانية المعتادة فإنها تمتزج بآلام ومعاناة الخيام التي يسكنونها.
ويستعيد حامد ذكريات شهر رمضان في مدينته الموصل، ويصفها بالقول “كانت الأجواء رائعة جدا، وذلك بالزيارات العائلية عند الفطور واجتماع كل العائلة على سفرة واحدة، ولكن الآن في ظل هذا النزوح فقد تفرقت العوائل وبدأت تواجه صعوبات كبيرة خلال سنوات النزوح منذ عام 2014”.
وعن سبب استمرار نزوحه يقول “نحن نبحث عن الأمان والاستقرار والتعايش وعدم التفرقة، وهي هذه كلها ما زالت مفقودة في مناطقنا”.
ظروف صعبة
من جانبها، تقول مديرة مخيم بحركة في أربيل ألفا علي إن حياة الإنسان النازحين فيها صعوبة، ابتداء من نوعية السكن التي لا تقيهم من البرد أو الحر، إضافة إلى حرمان معظم الأطفال من التعليم بسبب الفقر، وفقدان الوثائق الثبوتية، وتوجد جهود حثيثة لحل هذه المشاكل.
وتشير ألفا في حديثها للجزيرة نت إلى أن جائحة كورونا أدت إلى انسحاب أغلب المنظمات من المخيمات، وبالنسبة للجهات الحكومية فدورها من البداية كان محدودا، ولكن في السنتين الأخيرتين تقريبا لم نرَ لها أي وجود.
وأشارت إلى أن شهر رمضان مختلف واحتياجاته أكثر، وللأسف الكثير من النازحين الذين هم تحت خط الفقر لا يستطيعون تأمين هذه الاحتياجات.
ودعت إلى وضع خطط جذرية وحلول دائمة تساعد النازحين على العودة إلى مناطقهم الأصلية، وهو عبء على الحكومة أن تتحمله، فالنازحون بحاجة إلى مساعدة جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية.
سلال رمضانية
بدوره، يشير مدير منظمة بريدج للإغاثة والتنمية الإنسانية أحمد صبحي إلى أن مجمل العائلات النازحة في مخيمات الإيواء هي في صراع مستمر من أجل توفير متطلبات المعيشة بالدرجة الأساس، والمشكلة تكمن في عدم وجود حلول تلوح الأفق، وهذا يزيد معاناتهم.
وفي حديثه للجزيرة نت يؤكد صبحي أن العائلات النازحة تعاني من ظروف قاسية، سواء كانت صحية أو اقتصادية، ومع حلول شهر رمضان تزداد المعاناة، وسط غياب التمويل الحكومي ونقص الغذاء وفقدان متطلبات الحياة الأساسية.
وعن أجواء رمضان، يشير صبحي إلى وجود فرق شاسع بين عائلة تستقبل الشهر الفضيل في بيتها، وأخرى تستقبله في خيمة، لكن النازحين يحاولون صناعة الأمل والحياة باستعادة بعض الأجواء الرمضانية في المخيم.
ويلفت إلى أن “العراقيين اعتادوا تقديم السلال الرمضانية لكل المحتاجين خلال أيام شهر رمضان، وهناك جهات ومنظمات إغاثية إنسانية تقوم بذلك، ومنظمتنا تعمل على تجهيز العائلات النازحة باحتياجات شهر رمضان، وهناك العديد من المنظمات الأخرى التي تعمل على المشروع ذاته”.
ودعا صبحي إلى تعاون دولي للتدخل، وإنهاء ملف النزوح في العراق بإعادة العائلات النازحة إلى مناطق سكنها الأصلية، وذلك من خلال توفير البيئة الآمنة وتحسين الواقع الاقتصادي والخدمي والمعيشي.
حرمان وحلول
بدوره، يقول الصحفي والباحث محمود النجار إن النازحين تحولوا إلى قصة منسية في العراق، إذ تعرض هذا البلد لحروب وهجمات ونكسات وصراعات داخلية كثيرة منذ سنوات طويلة.
ويشير النجار في حديثه للجزيرة نت إلى وجود أكثر من 250 ألف نازح يعيشون في المخيمات العراقية وبعض المخيمات الموجودة في سوريا وغيرها، وهؤلاء النازحون خسروا بيوتهم وأملاكهم وكل حقوقهم هناك.
ويلفت إلى أن النازحين يعانون منذ 9 أعوام الحرمان ونقصا حادا بالمواد الغذائية، ولا توجد مراكز صحية وطبية جيدة لاستقبال المرضى في المخيمات، وهناك أمراض منتشرة بين الأطفال والنساء، وتوجد نسبة بطالة عالية جدا بين شريحة الشباب، مع غياب المدارس والمراكز التثقيفية التي تهتم بالأطفال والفتيات والشبان لتعليمهم لكي يعودوا إلى مناطقهم في يوم ما ويبنوا مجتمعاتهم.
وقال النجار إن “الحكومة العراقية تتعمد إبقاء هؤلاء النازحين في المخيمات وذلك لأسباب، أبرزها صفقات سياسية في الانتخابات”.
ويعرب عن اعتقاده بأن أزمة النازحين يمكن إنهاؤها إذا تم حلها قضائيا وإذا أعيد إعمار مناطقهم المدمرة، وإبعاد الفصائل المسلحة والعشائر التي تملك السلاح من مناطق النازحين، وأن تمسكها قوة من الجيش العراقي، وأن يعود النازحون إلى مناطقهم وفقا لخطة تدريجية تتعلق بتثقيف المجتمع، وتطبيق حلول منطقية ومصالحة مجتمعية.
المصدر : الجزيرة
————————
التقارير التي يعاد نشرها من المواقع اﻷخرى تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–