شفقنا العراق-يعيش صيادو السمك في جنوب العراق قلقا دائما عند الحدود المشتركة مع دول الجوار، فتارة تعتقلهم القوات الإيرانية في شط العرب، وتارة أخرى توقفهم قوات كويتية لدخولهم المياه الإقليمية.
ومن موقعه المتميز المطل على الخليج وشط العرب حيث تختلط مياه نهري دجلة والفرات يبدو ميناء الفاو العراقي هادئا بعدما كان في الماضي في واجهة الصراع مع إيران في الثمانينيات، وبعدها بسنوات قليلة مع الكويت.
وفي الضفة المقابلة من شط العرب يرفرف العلم الإيراني إلى جانب صور مؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني والمرشد الأعلى للجمهورية حاليا علي خامنئي.
ويقول عبد الله -وهو صياد عراقي في الستينيات من عمره ورفض الكشف عن اسمه الكامل- “لدينا الكثير من المشاكل مع الإيرانيين”، مضيفا “بمجرد عبورنا الحدود بسبب التيار يعتقلوننا”.
في الماضي، كانت هذه الحدود غير المرئية والواقعة في منتصف نهر شط العرب سببا في حرب طويلة بين البلدين.
وفي أيلول/سبتمبر 1980 نشبت الحرب العراقية الإيرانية، وتخلى العراق عن اتفاقات الجزائر لعام 1975 التي رسمت الحدود بين البلدين بشأن شط العرب.
وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 أكدت طهران وبغداد الرغبة بالعودة لاتفاقية الجزائر.
اعتقال وغرامة عالية
ويشتكي صيادون عراقيون -بينهم طارق زياد- من أنهم “يتعرضون لمضايقات”، سواء من إيران أو الكويت، وعندما تغادر قوارب الصيد شط العرب إلى أعالي مياه الخليج تجرفها التيارات إلى المياه الإقليمية الكويتية أو الإيرانية.
ويقول زياد “الإيرانيون يدخلونك السجن ويغرمونك 3 آلاف دولار، قبل أيام قليلة اعتقل أخي من قبل دورية نهرية إيرانية ودفع 3 آلاف دولار”.
ولم ترد السلطات الإيرانية على طلب وكالة الصحافة الفرنسية الحصول على التعليق.
من جانبه، أكد رئيس نقابة صيادي الفاو بدران التميمي أنه “ليس هناك أي دعم من الحكومة” العراقية.
ولفت إلى أن الكويت تسارع لاعتقال الصيادين العراقيين الذين يدخلون “دون قصد” إلى مياهها الإقليمية.
وقال التميمي “مساء أمس ذهبت إلى الحدود الكويتية لاستقبال 3 صيادين اعتقلوا” من قبل الكويت، مضيفا “هذا الأسبوع فقط ذهبت 3 أو 4 مرات”.
بدوره، أكد مصدر أمني كويتي ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية بأن “الأشخاص الذين يتم ضبطهم على الحدود يسلّمون من قبل القوات البرية وهم بصحة جيدة وبالتنسيق مع الجانب العراقي”.
تراجع الموارد
وفضلا عن الاعتبارات الجيوسياسية يجد صيادو الفاو أنفسهم في مواجهة تحديات بيئية أيضا.
ويقول عبد الله بحسرة واضحة “نبحر للصيد وبعد 8 أو 10 أيام نعود بـ500 كيلوغرام، فيما كنا نصيد 3 أو 4 أطنان قبل 20 عاما” بنفس الفترة.
وفي ظل المراقبة المشددة من قبل الدول المجاورة للعراق إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود في السنوات الأخيرة باتت رحلات الصيد تقتصر على مناطق محدودة.
حتى داخل نهر شط العرب لم يعد حجم الصيد يكفي لإطعام الصيادين وحدهم، نظرا لانخفاض منسوب النهر بسبب الجفاف الشديد في العراق جراء نقص المياه من دولتي المنبع (إيران وتركيا) اللتين أقامتا سدودا على مجاري الأنهار النابعة منهما.
ولفت عالم الأحياء في الجامعة المستنصرية ببغداد إياد عبد المحسن إلى أنه عند انخفاض منسوب مياه النهر يرتفع مستوى مياه الخليج “ونرى الكثير من الأحياء البحرية في شط العرب بسبب زيادة الملوحة”.
كما أن أنهار العراق تعاني من تلوث هائل سببه “الأنشطة البشرية، مثل الصرف الصحي والنفايات” التي تلقى فيها وتتسبب بـ”أمراض الجهاز الهضمي والإسهال وحتى الكوليرا”، وفقا لعالم الأحياء.
المصدر : الفرنسية