شفقنا العراق-فيما يخيّم الهدوء الحذر على منطقة الطيونة شرق العاصمة اللبنانيةقال الصليب الأحمر اللبناني إن عدد قتلى الاشتباكات التي دارت أمس الخميس في بيروت ارتفع إلى 7 أشخاص، في حين تشهد البلاد اليوم إغلاقا عاما، حدادا على ضحايا هذه الأحداث التي أعادت شبح الحرب الأهلية.
ومن بين القتلى رجل أصيب برصاصة في الرأس وآخر في الصدر وامرأة عمرها 24 عاما أصيبت برصاصة طائشة في منزلها، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر طبية.
مصدرٌ في الجيش أكد توقيف 8 أشخاص اعترف عدد منهم بالإعداد لأحداث الطيّونة، فيما اتّهمت قيادتا حركة أمل وحزب الله حزب القوات اللبنانية بالاعتداء المسلّح على المحتجين.
الرئيس اللبناني العماد ميشال عون ندّد في كلمة له بـ”لغة السلاح”، وتعهّد بمحاسبة المسؤولين والمحرّضين على القتل. أمّا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، فقدّم اعتذاره من جهته إلى اللبنانيين، وأكدّ أنّه أجرى اتصالات مع الجيش اللبناني الذي أفاد بتحسّن الوضع الأمني في الشارع الذي شهد الأحداث الأليمة اليوم.
وأعلن ميقاتي الحداد العام اليوم الجمعة على أرواح الشهداء.
وقد أعلن الجيش اللبناني الخميس، توقيف 9 أشخاص على خلفية الاشتباكات التي شهدتها العاصمة بيروت، وأسفرت عن مقتل 6 أشخاص و33 جريحا.
وأضاف الجيش -في بيان- أنه عزز على الفور انتشاره في المنطقة وسير دوريات، ودهم عددا من الأماكن بحثا عن مطلقي النار، وأوقف 9 أشخاص من كلا الطرفين (من دون تسمية) من بينهم سوري.
ولفت البيان إلى أن قيادة الجيش تجدد تأكيدها عدم التهاون مع أي مسلح، في حين تستمر وحدات الجيش بالانتشار في المنطقة لمنع تجدد الاشتباكات.
كذلك نعت حركة أمل 3 من أعضائها “الذين قضوا خلال مشاركتهم في التظاهرة السلمية”، حسب وصفها.
هدوء حذر
وساد هدوء حذر منطقة الطيونة جنوبي بيروت، بعدما كانت أمس أشبه بساحة حرب شهدت إطلاق نيران الرشاشات والقذائف الثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية.
وقالت مراسلة الجزيرة كاترين حنا إن حركة السيارات والمارة عادت نسبيا إلى المنطقة، وأن الجيش يواصل تعزيز انتشاره عند التقاطع الذي شهد أعنف الاشتباكات.
وقد دارت الاشتباكات حوالي 5 ساعات في المنطقة التي تبعد عشرات الأمتار عن قصر العدل، على الرغم من انتشار وحدات الجيش سريعا في الموقع الذي يعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990)، حيث يفصل بين منطقة الشياح ذات الأغلبية الشيعية ومنطقة “عين الرمانة -بدارو” ذات الأغلبية المسيحية.
وبدأت الأحداث بإطلاق نار كثيف خلال مظاهرة نظمها مؤيدون لحزب الله وحركة أمل للتنديد بقرارات المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار والمطالبة بعزله.
واتهم حزب الله وحركة أمل مجموعات من حزب القوات اللبنانية -أبرز الأحزاب المسيحية التي شاركت في الحرب الأهلية- بقتل وجرح مؤيدين لهما خلال المظاهرة.
وقالا في بيان مشترك إن مسلحين تابعين لحزب القوات اللبنانية -الذي يتزعمه سمير جعجع- أطلقوا النار على المحتجين من أسطح مبان في بيروت مصوبين النار على رؤوسهم، في هجوم قال الحزب والحركة إنه استهدف “جر البلد إلى فتنة”.
وقد وجها دعوات إلى الجيش للتدخل سريعا لاعتقال المتسببين في ما حدث، كما طالبا أنصارهما بالهدوء.
“القوات اللبنانية” تنفي
في المقابل، نفى حزب القوات اللبنانية هذه الاتهامات “جملة وتفصيلا”، وندد بالعنف الذي حمل مسؤوليته لما قال إنه “تحريض” من قبل حزب الله ضد القاضي طارق البيطار.
وقال سمير جعجع رئيس الحزب -في بيان- إن “السبب الرئيسي للأحداث في بيروت هو السلاح المتفلت الذي يهدد المواطنين في كل زمان ومكان”.
واستنكر ما وقع من اشتباكات، داعيا إلى إجراء تحقيقات كاملة لتحديد المسؤوليات عما جرى.
من جهته، قال الجيش اللبناني -في بيان صدر مساء أمس- إنه “أثناء توجه عدد من المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام، حصل إشكال وتبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة- بدارو”.
وأضاف أنه “دهم عددا من الأماكن بحثا عن مطلقي النار، وأوقف 9 أشخاص من كلا الطرفين بينهم سوري”، من دون أن يحدد هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص أو انتماءاتها.
وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي أن “الإشكال بدأ بإطلاق النار من خلال القنص”.
دعوات خارجية للتهدئة
وفي ردود الفعل الخارجية، قالت وزارة الخارجية السعودية -اليوم الجمعة في بيان لها- إن المملكة تتابع باهتمام الأحداث الجارية في لبنان وتعرب عن أملها في استقرار الأوضاع بأسرع وقت.
وأضاف البيان “تتطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين دون استثناء”.
من جهة أخرى، دعت فرنسا أمس إلى “التهدئة”، كما دعت الولايات المتحدة إلى “وقف التصعيد”، وشدد كلاهما على “استقلالية القضاء” في لبنان.
أما ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فقد دعا إلى “وقف الأعمال الاستفزازية” وإلى “تحقيق غير منحاز” بشأن انفجار المرفأ.
وقد رفضت محكمة التمييز في لبنان طلب تنحية القاضي طارق البيطار المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، مما سيتيح له استئناف عمله.
وكان وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر تقدما إلى المحكمة بطلب ثان لتنحية المحقق عن القضية، على اعتبار أن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو المرجع لمحاكمتهما.
وتسبب انفجار مرفأ بيروت -في الرابع من أغسطس/آب 2020- بمصرع 214 شخصا على الأقل وجرح أكثر من 6 آلاف و500 آخرين، إضافة إلى دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار إلى تخزين كميات كبيرة من “نترات الأمونيوم” من دون إجراءات وقائية.
المصدر : الجزيرة + وكالات + وكالة سند