شفقنا العراق-واصلت القوات الأفغانية هجماتها المضادة على مواقع حركة طالبان بعد أسابيع من تقدم الأخيرة بعدد من مناطق في البلاد، وسط استمرار التصعيد بين الطرفين تزامناً مع انسحاب قوات حلف الناتو، وفيما أوفدت طالبان وفداً إلى الصين في سياسة “علاقات عامة” تتبعها الحركة جنباً إلى جنب مع القتال، اعتبرت الولايات المتحدة أن أفغانستان ستصبح “دولة منبوذة” في حال وصول الحركة للسلطة بالقوة.
وفي أحدث التطورات الميدانية أعلنت الحكومة الأفغانية اليوم الأربعاء (28 تموز 2021)، مقتل عناصر من حركة طالبان في قصف لها على مناطق بولاية جاوزجان شمالي البلاد.
وأشارت وزارة الدفاع الأفغانية أن 16 من حركة طالبان قتلوا، وجرح 13 آخرون بقصف على مواقع للحركة في قرى قرب مدينة شبرغام بولاية جاوزجان بالشمال.
من جهة ثانية، أكد الرئيس الأفغاني أشرف غني أن حكومته تؤمن بالحل السياسي ولا يوجد حل عسكري في أفغانستان.
وفي كلمة أثناء اجتماع مجلس التنسيق والمراقبة في القصر الرئاسي، نفى غني أن تكون حكومته قد طلبت من الإدارة الأميركية تغيير قرارها بالانسحاب.
وعبر الرئيس الأفغاني عن احترامه قرار واشنطن بسحب القوات مؤكدا على أنه قد آن الأوان لأفغانستان أن تجد طريقها بنفسها، وفق تعبيره.
وفي السياق ذاته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ إنه أكد -خلال مكالمة هاتفية مع غني- أهمية التوصل إلى تسوية سلمية، في ظل الوضع الأمني الذي ما زال يمثل تحديا كبيرا.
وشدد ستولتنبرغ -في تغريدة له على تويتر- على استمرار دعم الناتو لأفغانستان في مجالات التمويل والوجود المدني وعمليات التدريب خارج البلاد.
وفد من طالبان في الصين
في هذه الأثناء أعلن وفد من حركة طالبان الأفغانية، خلال زيارة للصين اليوم الأربعاء (28 تموز 2021)، أن الجماعة “لن تسمح باستخدام أفغانستان كقاعدة للتآمر ضد دولة أخرى”.
ويبلغ طول الحدود المشتركة مع الصين 76 كيلومترا فقط (47 ميلا) تتشكل من مرتفعات وعرة دون طريق ممهد، لكن بكين تخشى أن تُستخدم أفغانستان كنقطة انطلاق للانفصاليين الأويغور في إقليم شينجيانغ غرب الصين.
من جانبه اعتبر المتحدث باسم طالبان محمد نعيم إن “هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة”.
وحسبما ذكر المتحدث فإن بكين “وعدت بعدم التدخل في شؤون أفغانستان، لكنها ستساعد في حل المشاكل وإحلال السلام”.
وأشار نعيم الى ان وفد طالبان ضم نائب الشؤون السياسية في الحركة عبد الغني برادر وعقد اجتماعات منفصلة مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونائب وزير الخارجية والممثل الصيني الخاص لأفغانستان، وانه تمت مناقشة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية المتعلقة بالبلدين.
بلينكن: قلقون من تقدم طالبان
الى ذلك أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، اليوم الأربعاء (28 تموز 2021)، أن التقدم الأخير لمسلحي حركة طالبان في أفغانستان يثير قلق الولايات المتحدة.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار: “ما نراه (في أفغانستان) خلال الأسبوع الأخير، تقدُم طالبان إلى المراكز الإقليمية، وتهديد عواصم المقاطعات … إنه أمر مقلق للغاية. وبطبيعة الحال، فإن هذا يلقي بظلال من الشك على نواياهم تجاه البلد ككل”.
وحذر وزير الخارجية الأمريكي من ان أفغانستان ستصبح “دولة منبوذة” في حال وصول الحركة للسلطة بالقوة.
أدلى وزير الخارجية الأمريكي بهذه التصريحات اليوم الأربعاء، للصحفيين في الهند، حيث يقوم بأول زيارة رسمية للبلد الآسيوي، بحسب “فرانس برس”.
وقال بلينكن : “أفغانستان التي لا تحترم حقوق شعبها، أفغانستان التي ترتكب الأعمال الوحشية ضد أبناء شعبها، سوف تصبح دولة منبوذة”.
مساعدات أمريكية
وفي سياق آخر، نقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر مطلعة أن البيت الأبيض طلب تخصيص مليار دولار للمساعدة في إعادة توطين الأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية في أفغانستان.
ونقلت شبكة بلومبيرغ عن مصادر مطلعة أنه سيتم تقاسم المبلغ بين وزارتي الدفاع والداخلية، على أن تحصل وزارة الصحة على 25 مليون دولار. وستخصص الأموال لتغطية نفقات السكن المؤقت للاجئين الأفغان وغيرها من الإجراءات الضرورية.
وقال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية لموقع “ذا هيل” إن المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يعملون لضمان تقديم مزيد من الدعم للأفغان الذين ساعدوا القوات الأميركية.
وفي سياق الانسحاب الأميركي، قالت القيادة الوسطى الأميركية إن عملية انسحاب قواتها من أفغانستان مستمرة وإنه تم تنفيذ أكثر من 95% منها.
وجددت القيادة الوسطى، في بيان صادر عنها، التذكير بإعلان الجنرال كينيث ماكينزي من كابل أن الولايات المتحدة زادت -في الأيام الماضية- من وتيرة ضرباتها الجوية ضد طالبان دعما للقوات الأفغانية، وأنها مستعدة لمواصلة هذا الدعم في حال استمرت طالبان في هجماتها.
وأضاف البيان أن ماكينزي أكد أن بلاده ستقدم أيضا لقوات الأمن الأفغانية الدعم اللوجستي في كابل وخارجها وكذا التمويل وتبادل المعلومات الاستخباراتية والمشورة الأمنية.
انتقاد روسي للانسحاب الامريكي المتسرع
من جهته قال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، اليوم الأربعاء، إن تصاعد النشاط الإرهابي في أفغانستان “على خلفية الانسحاب المتسرع للقوات الأجنبية من هذا البلد” والتدهور السريع للوضع يتطلب اتخاذ تدابير مناسبة.
وقال شويغو خلال مباحثاته مع نظيره الطاجيكي شيرعلي ميرزو: “العمل المشترك لتحييد التهديدات القادمة من أراضي أفغانستان المجاورة يأتي في المرتبة الأولى اليوم. لقد أدى الانسحاب المتسرع للقوات الأجنبية من هناك إلى تدهور سريع للوضع، وزيادة النشاط الإرهابي وتصاعده. هذا الوضع يتطلب اتخاذ التدابير المناسبة. هذا العمل جار بالفعل”.
واندلعت اشتباكات عنيفة في أنحاء البلاد خلال الشهرين المنصرمين في الوقت، الذي تشن فيه طالبان هجمات كبرى وتسيطر على مناطق ريفية ومعابر حدودية وعواصم إقليمية، ما دفع القوات الأفغانية والأمريكية لشن ضربات جوية في مسعى لدحر عناصر الحركة.
18 مليون أفغاني يواجهون أوضاعاً إنسانية صعبة
في هذه الأثناء صرحت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان (يوناما)، ديبورا ليونز، أن ما لا يقل عن 18 مليون أفغاني على الأقل يواجهون تحديات إنسانية حادة.
وقالت ليونز، في اجتماع لمجلس التنسيق والرصد: “في الوقت الحالي، يعاني ما يقرب من 18 مليون أفغاني من مشاكل إنسانية حادة. وقد تضاعف هذا الرقم منذ العام الماضي؛ اليوم هو بالفعل نصف سكان البلاد. وبينما نحن هنا في هذه القاعة، يجب علينا أولاً وقبل كل شيء التفكير في هؤلاء الـ 18 مليوناً، والذين يحتاجون إلى البقاء على قيد الحياة من الموجة الرابعة من فيروس “كورونا” المستجد في ذروة الصيف (بالإضافة إلى دول أخرى حول العالم) والجفاف المستمر والقتال الذي أودى بحياة عدد قياسي من السكان الأفغان”.
ويوم الاثنين الماضي، نشرت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان “يوناما”، تقريرا يفيد بزيادة أعداد القتلى والجرحى المدنيين في أفغانستان في النصف الأول من عام 2021، مع ارتفاع ملحوظ في أعمال العنف في أيار/مايو الماضي، عقب بدء انسحاب القوات الأجنبية.
المصدر:الجزيرة+سبوتنيك
