شفقنا العراق-رحب “صباح زنکنه”، الدبلوماسي الإيراني السابق، بالأخبار المنشورة في عدد من الوسائل الإعلامية؛ بخصوص إجراء حوار بين “مصر” و”إيران”، وقال: “سوف يرتبط البلدين، في عدد من الحوزات، بشكل إستراتيجي طويل المدى، وهذا الحوار من شأنه تقوية وتوفير المصالح المشتركة بين الجانبين”.
وللتعليق على أهمية هذا الحوار؛ أضاف: “تلعب مصر وإيران، بوصفهما من البلدان المهمة في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، دورًا بارزًا في التطورات السياسية، والتاريخية، والاقتصادية، والثقافية بالمنطقة، وسبق أن اتسمت العلاقات بين البلدين بالتقارب الشديد في بعض المراحل”. وَفْقاً لوكالة أنباء الطلبة (إيسنا) الإيرانية، يوم الثلاثاء (20 تموز 2021).
عمق العلاقات تاريخيًا..
واستشهد، “زنكنه”، بلقاء الرئيس المصري، “جمال عبد الناصر”، مع رئيس الوزراء الإيراني، “محمد مصدق”، ووصف كلاهما بالشخصية الوطنية، وأردف: “فيما يخص مِلَفّ تأميم قناة السويس، فلقد استفاد الرئيس، عبد الناصر، من تجرِبة السيد، مصدق، في تأميم صناعة النفط الإيرانية، وهذا يُفسر سبب وجود شارع بالقاهرة يحمل اسم: (محمد مصدق)، ويؤشر إلى حجم أهمية وثقل الأخير بالنسبة للمصريين. بدليل أنه حين ذهب، عبد الناصر، وتولى: محمد أنور السادات، المسؤولية، لم يتغير اسم الشارع رغم اختلاف السياسات، وهذا السلوك الاجتماعي من جانب المصريين يعكس حجم تقديرهم للأشخاص الذين قدموا إليهم خِدْمَات، وآمل ان نكون كذلك”.
وتطرق إلى مرحلة زواج، “محمد رضا بهلوي”، من شقيقة الملك المصري، “فاروق”، حيث كانت العلاقات بين البلدين جيدة جدًا، وارتفع معدل التعاون بين البلدين، وقال: “بعد سقوط النظام الملكي، في مصر، وصعود، عبد الناصر، طرأ تغيير على طبيعة العلاقات بين البلدين، لأن مصر كانت قد خرجت نوعًا ما من تحت مظلة الدول الغربية، وهذه المسألة لم يكن في صالح إيران. وفي هذا الإطار ساعدت إيران الدولة المصرية، أحيانًا، في حروبها ضد الكيان الصهيوني، لكنها في مرحلة ما لم تنضم إلى الحظر النفطي العربي”.
مرحلة توتر العلاقات..
ثم انتقل للحديث عن توتر العلاقات بعد انتصار الثورة، في “إيران”؛ بسبب التطبيع المصري مع “الكيان الصهيوني”؛ وأوضح: “في ذلك الوقت صدرت ردود أفعال من التيارات الدينية المصرية ضد، السادات، انتهى بمشهد اغتيال الأخير على يد، خالد الإسلامبولي، هو جزء من منظومة الجماعات المتشددة والمتطرفة المصرية، ولا يُعرف إذا كان سبب الاغتيال التطبيع مع الكيان الصهيوني، أو تطاول، السادات، على أحد القيادات الدينية”.
وفي هذا الإطار قررت “الثورة الإيرانية”؛ إطلاق اسم: “الإسلامبولي”، على أحد شوارع “طهران”، وهو ما أثار استياء الجانب المصري، واستطرد: “في رأيي لا يمكن لتلكم الصغائر تشويه أساس الأمن القومي المصري والإيراني ومصالح الدولتين”.
أهمية العلاقات “الإيرانية-المصرية” للمنطقة..
وأوضح “زنكنه”؛ حاجة “مصر” و”إيران” إلى بعضهما؛ وإقامة علاقات جيدة، وأضاف: “مصر تتحكم في قناة السويس، وثمة احتمال إذا حدث مشكلة في القناة أن يشق الكيان الصهيوني قناة صناعية في المنطقة، ثَمّ خروج قناة السويس عن حيز الانتفاع ويُسيطر الكيان الصهيوني على المصير الاقتصادي للكثير من الدول، وهو شيء ترفضه مصر وإيران معًا”.
وشدد على طبيعة العلاقة الإستراتيجية طويلة المدى، التي تربط مصالح الدولتين، وأوضح: “هذه مسألة مؤكدة يتعامل معها المصريون بإيجابية”.
ثم انتقل للحديث عن مشكلات الشرق الأوسط؛ وأكد على أهمية أمن “البحر الأحمر” بالنسبة للجانب المصري، وقال: “الشعب اليمني، وتيار (أنصار الله) وباقي التيارات الأخرى؛ لا تنوى إلحاق الضرر بالمصريين وسيطرتهم على موانئ: (الحديدة) و(باب المندب)، لا يعني الإضرار، بمصر والسودان، وإنما هذا من القضايا التي يمكن للجانبين المصري والإيراني الحديث بشأنها مستقبلًا، وتسهم في زيادة مكاسب الدولتين”.
وتطرق هذا الدبلوماسي الإيراني السابق؛ للحديث عن “القضية الفلسطينية”؛ وأكد: “لطالما كانت مصر تدعم فلسطين، وقد كانت غزة يومًا ما جزءً مصريًا، وكان أهل غزة يغادرون القطاع عبر مصر مدة سنوات. وبمقدور إيران ومصر التحاور بشأن القضية الفلسطينية. ورغم توقيع الجانب المصري على اتفاقية كامب ديفيد، لكن تُجدر الإشارة إلى أن المسألة الفلسطينية تحتل مكانة متقدمة جدًا في الأمن القومي المصري… عمومًا فالحوار بين البلدين في مختلف الحوزات، لاسيما الأمنية والاستخباراتية مسألة مهمة. فللمصريين مخاوف بشأن أمنهم القومي، وكذلك إيران، وباستطاعة البلدين التباحث بشأن هذه المخاوف. ونحن نشهد مساعي مصرية للوجود في منطقة الخليج، وما كان لذلك أن يحدث دون إشارات إيجابية من إيران”.
ويختتم “زنكنه”؛ بالتأكيد على أهمية الحوار بين “مصر” و”إيران” في القضاء على مخاوف البلدين والتمهيد للمصالح الاقتصادية والاستراتيجية “المصرية- الإيرانية”.