خاص شفقنا-تراوح أزمة شح الدواء في الصيدليات مكانها، فيما يدفع المواطن الفاتورة الأكبر لكل الأزمات التي يعانيها لبنان من غلاء المعيشة وعدم توفر البنزين والمازوت وإنقطاع الكهرباء وإرتفاع كلفة إشتراكات المولدات. “تخزين الدواء في البيوت والتهريب هما سببين أساسيين لأزمة الدواء وفقدانه من الصيدليات” يقول عضو تجمع أصحاب الصيدليات الدكتور علي صفا في حديث خاص لـ”شفقنا”، ويرجع أسباب التخزين في البيوت إلى كونها ردة فعل طبيعية من قبل المواطنين خوفا على صحتهم، فيما اعتبر أن في ملف التهريب هناك تواطئ ما بين المستوردين وبعض الصيدليات وبين المهربين.
ولفت إلى أن على المستوردين تسجيل الدواء المستورد في وزارة الصحة والتصريح عن كيفية إدخاله وكمية الإدخال وإلى أين ولمن تم التوزيع والبيع، ولكن ومنذ بداية أزمة الدواء في لبنان يعمد بعض المستوردين على فوترة كميات كبيرة من الأدوية على أسماء بعض الصيدليات، ليصار فيما بعد إلى بيعها في الخارج وتحقيق أرباح هائلة، كون دولار الدواء في لبنان يعادل 1500 ليرة فيما الدولار في السوق السوداء تجاوز سعر صرفه عتبة ال 19500 ليرة.
صفا أشار لـ”شفقنا” إلى ان الأدوية الموجودة حاليا في لبنان هي ثلاثة أنواع: الأول البراند (brand) وهو الماركات التجارية العالمية، الثاني الجينيريك والذي يحتوي على نفس التركيبة العلمية للدواء البراند، والثالث أدوية الصناعات الوطنية، مؤكدا أن 60% من أدوية البراند الموجودة في لبنان يوجد لهم بديل إما صناعة وطنية أو جينيريك والذي يكون سعره عادة أقل.
وتابع: الصيادلة منذ أكثر من سنة ونصف وهم يطالبون وزارة الصحة بأخذ قرار بترشيد الدعم على الدواء، فيما الوزارة تنفق المال الذي تحصل عليه من مصرف لبنان والبالغ مليار و200 مليون دولار لدعم الدواء البراند وكل ما يشبهه من جينيريك وصناعات محلية، أي مثلا لو كان للبنادول 10 أنواع تشبهه ما بين جينيريك وصناعات محلية فإن الوزارة تدعم كل هذه الأصناف، وهذا الأمر لا يمكن أن يستمر طويلا، ونحن طلبنا أن يتم دعم أدوية الجينيريك والمصنوعة محليا، أما أدوية البراند فيتم دعم تلك التي لا يوجد لها بديل. لافتا إلى أن الدعم الحاصل حاليا يتسبب بهدر المال العام ومال الناس.
وأضاف: منذ بداية هذا العام ومصرف لبنان لم يفتح الإعتمادات للشركات المستوردة، التي كانت تلتزم بالآلية التي يعتمدها المصرف المركزي لدعم الدواء والمتمثلة بأنّ يرسل المستورد بعد إدخال الدواء إلى البلد الفواتير إلى المصرف الذي بدوره يفتح الإعتمادات لتغطية الفروقات ما بين دولار الفرش (Fresh Dollar) وسعر صرف السوق ليصار إلى توزيع الدواء بعد ذلك.
ومن ثم قام المصرف بتغيير طريقة فتح الإعتمادات واشترط أن يتم إرسال فواتير الأدوية قبل استيرادها إلى وزارة الصحة، التي بدورها تتبين أي من الأدوية تستحق الدعم وترسلها مجددا إلى المركزي الذي يقوم بدوره بفتح الإعتمادات. ولكن ما حصل في الواقع هو أن المصرف المركزي لم يفِ بإلتزاماته ولم يفتح الإعتمادات، والأدوية التي اشتراها المستوردون ما تزال محجوزة في المستودعات داخل لبنان، وتقدر قيمتها بـ 600 مليون دولار، وترفض الشركات الإفراج عنها لحين سداد قيمتها من قبل المصرف.
وحذر صفا من أن الخطوة التي قام بها مصرف لبنان والمتمثلة بتخفيض حصة وزارة الصحة من 600 مليون إلى 400 مليون دولار والتي باتت تشمل الدواء والمستلزمات الطبية وتعطى لمرة واحدة فقط ولآخر هذا العام، أي أننا في شهر 12/2021 سنكون أمام رفع كلي للدعم، وهذا ما دفع بالصحة اللبنانية متأخرةً إلى الشروع بالبحث عن مصادر اخرى لشراء الأدوية والتي تكون غير مدعومة ولكن سعرها يكون مقبولا، مثلا دواء سعره المدعوم الان 5000، عند رفع الدعم سيصبح 25000، بينما اذا توجهنا لشراء دواء غير مدعوم أساساً وسعره 10000، هذا سيساعدنا ويساعد المواطنين. مؤكدا مطالبتهم بالافراج عن لوائح الادوية المدعومة وتلك غير المدعومة والتي ستتضمن ما طالبنا به منذ سنة ونصف أي دعم لأدوية الجينيريك والمصنوعة محليا.
وحول الإضراب الذي دعت إليه الصيدليات في وقت سابق، أكد صفا أن هدفنا هو ليس معاقبة الناس ونحن لم يعد لدينا دواء لنبيعه والناس تهاجمنا وتعتبرنا من المحتكرين والمخزنين للدواء، والنقابة لم تلتزم به كون النقيب يعتبر انه كجهة رسمية لا يمكنه ان يدعو للاضراب. مشيرا إلى أن أصحاب الصيدليات اتخذوا قرارا بتخفيض ساعات العمل لتخفيف الضغط وفي نفس الوقت لتيسير امور المواطنين.
ونبه صفا في الختام من خطورة استمرار هذه الأزمة التي فتحت مجالا لأدوية التهريب لتدخل إلى السوق، وهذه الأدوية المهربة يمكن ان تكون تالفة لاسباب عديدة ابرزها سوء التخزين وتعرضها للشمس، وبدلا من أن تكون دواء للداء تصبح سلاحاً سُمياً قاتلاً.
مهدي سعادي/شفقنا لبنان
