شفقنا العراق-متابعة-انتهاك تلو الآخر تُصدره “تركيا” تجاه “العراق”، مما يُعتبر تعديًا على السيادة العراقية لأراضيها، فمؤخرًا هدد الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، بأن: “تطهر تركيا بذاتها مخيم مخمور” للاجئين في “العراق”، محذرًا من توغل أكثر للقوات التركية داخل الأراضي العراقية.
قائلاً، في مقابلة مع قناة (TRT) التركية، مساء الثلاثاء، إن مخيم (مخمور)، الذي يقع على بُعد 180 كيلومترًا، جنوبي الحدود التركية، ويؤوي لاجئين أكرادًا منذ أكثر من 20 عامًا، يُعد: “حاضنة” للمسلحين، الذين تعتبرهم “أنقرة”، إرهابيين، ويتعين التعامل معه.
وأضاف “إردوغان”: “إذا لم تطهره الأمم المتحدة؛ فسنقوم نحن بذلك باعتبارنا دولة عضو بالأمم المتحدة”.
وأوضح أن “أنقرة” تعتقد أن مخيم (مخمور) يُشكل تهديدًا لا يقل عن التهديد، الذي تُمثله “جبال قنديل”، معقل “حزب العمال الكُردستاني”، والواقعة على مسافة أبعد باتجاه الشمال، وأردف متسائلاً: “إلى متى يتعين علينا الصبر بشأنه ؟”.
شهداء بقصف تركي استهدف “مخمور”
وبعد أيام على تهديد إردوغان باستهداف مخيم (مخمور)؛ بداعي استخدامه من قبل “حزب العمال الكُردستاني”، كقاعدة لمهاجمة “تركيا”، في انتهاك صارخ لسيادة “العراق” وسط صمت حكومي، أفاد عضو الاتحاد الوطني الكُردستاني، “غازي كاكائي”، السبت، بسقوط 3 شهداء بقصف تركي استهدف مخيمًا للاجئين في “قضاء مخمور”، شرقي محافظة “نينوى”.
وقال “كاكائي”؛ في تصريح صحافي؛ إن: “قصفًا تركيًا استهدف مخيمًا للاجئين، وتحديدًا حديقة خاصة بألعاب الأطفال، وأدى لاستشهاد 3 وإصابة 5 آخرين”.
وأضاف أن: “المتواجدين داخل المخيم لا علاقة لهم بحزب العمال الكُردستاني، وهم يتواجدون في مخمور، منذ عام 1997، وفقًا لاتفاقية حماية اللاجئين”.
في السياق؛ طالبت “وزارة البيشمركة”، يوم السبت، الحكومة العراقية المركزية؛ بالتدخل الفوري، لمنع التحركات العسكرية والهجمات المتواصلة للقوات التركية، وكذلك تحركات “حزب العمال الكُردستاني”.
وقالت الوزارة، في بيان؛ إنه: “خلال هجوم، اليوم؛ في جبل متين بالعمادية، تعرضت قافلة لقوات (البيشمركة) لاستهداف غير مبرر من قبل قوة من مقاتلي حزب العمال، أسفرت عن استشهاد 5 من قوات (البيشمركة)، وجرح 7 آخرين”.
وأضاف البيان أن: “مقاتلي حزب العمال الكُردستاني؛ استخدموا الأسلحة الخفيفة والثقيلة في هجومهم، وذلك أثناء توجه قوة من (البيشمركة) للحدود، بهدف حماية الأمن والاستقرار في المنطقة، مثل باقي المناطق الحدودية لإقليم كُردستان، حيث ترى قوات (البيشمركة)، أنه من حقها التحرك والتمحور في الأوقات التي تستوجب ذلك”.
تقديم شكوى تركية
وفي هذا السياق، قال مسؤول عراقي بارز، لوكالة (رويترز)، الأربعاء، إن “أنقرة” أشتكت لـ”بغداد”، الأسبوع الماضي، من: “أنشطة إرهابية يُطلقها، حزب العمال الكُردستاني، من مخيمه في (مخمور) ضد تركيا”.
وأضاف المسؤول؛ أن قادة أمنيين ومسؤولين محليين تحروا الشكوى التركية وأبلغوا الحكومة بأن مخيم (مخمور) يسيطر عليه مقاتلون من “حزب العمال الكُردستاني”؛ ولا يسمحون لقوات الحكومة بدخوله.
المنطقة تقع تحت مسؤولية الجيش العراقي
فيما نفى المتحدث الرسمي باسم العمليات المشتركة، “تحسين الخفاجي”، أنباء تواجد “حزب العمال الكُردستاني”، في منطقة “مخمور”، بمحافظة “نينوى”، مؤكدًا أن المنطقة تقع تحت مسؤولية الجيش العراقي.
وقال “الخفاجي”، في تصريح صحافي؛ إن: “منطقة مخمور تقع تحت مسؤولية الفرقة (14)، التابعة للجيش العراقي، وتحت سيطرة الحكومة الاتحادية، وجميع إدارة الأمن مسؤولية قيادة العمليات المشتركة”.
وبيّن إن: “إدارة الملف الأمني لمنطقة مخمور؛ مسؤولية العمليات المشتركة، التي تعمل على مطاردة الإرهابيين في المنطقة”، موضحًا أن: “أنباء تواجد حزب العمال الكُردستاني غير صحيحة”.
ولفت إلى أنه: “يوجد منطقة بين حرس الإقليم وبين الفرقة (14) وسلسلة جبلية تدعى بسلسلة جبال قرة جوخ، والتي استطاع أن يتخندق فيها الإرهابيين، وهنالك عمل كبير من خلال مراكز التنسيق المشترك بين المشتركة و(البيشمركة) لمطاردة الإرهابيين في المنطقة”.
تكثيف الهجمات على قواعد “حزب العمال”
وكانت القوات التركية قد كثفت هجماتها على قواعد “حزب العمال الكُردستاني”، داخل شمال “العراق”، خلال العام الماضي، وركزت نيرانها وتوغلها بالأساس على قطاع من الأراضي يمتد 30 كيلومترًا داخل “العراق”.
ونفذت القوات التركية، في السنوات الماضية، عمليات مكثفة ضد المسلحين الأكراد، الذين تعتبرهم إرهابيين، في كل من “العراق” و”سوريا”، قائلة إن ذلك يأتي ردًا على هجمات نفذها أو خطط لشنها عناصر “حزب العمال الكُردستاني”، الذي تُحاربه “تركيا”، على مدار 37 عامًا، داخل البلاد وخارجها.
محاولات لإنهاء مبررات التدخل العسكري
وفي محاولة من الحكومة العراقية؛ لإنهاء الذرائع التركية لتبرير التدخل العسكري في شمال البلاد، وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، أوائل شهر آيار/مايو الماضي، إن: “بلاده لن تكون ساحة لتهديد تركيا وجيرانه الآخرين”، مشيرًا إلى بسط سلطة الدولة على مناطق كانت تحت سيطرة جماعات مسلحة، عبر التنسيق بين “بغداد” و”أنقرة”.
وأضاف “الكاظمي”، في تصريحات لصحافيين وزعها مكتبه الإعلامي: “لا يمكن أن يكون العراق ساحة لتهديد جيرانه، تركيا وإيران والسعودية والكويت والأردن، من غير المنطقي أن نقبل بأي تهديد لدول الجوار بعمليات مسلحة”.
وتطرق رئيس الحكومة العراقية؛ إلى مخاوف بلاده من التدخلات التركية، قائلاً: “لنا علاقات جيدة مع تركيا، وعبرنا في أكثر من مرة عن امتعاضنا من بعض التصرفات فيما يخص تدخلات تركيا لتصفية حساباتها مع حزب العمال الكُردستاني؛ وكان هناك تفهم تركي لموقف العراق هذا”.
وشرح رئيس الحكومة العراقي جهود بلاده لمواجهة المتمردين الأكراد، كما هو الحال مع التنظيمات غير القانونية الأخرى، قائلاً: “عملنا على بسط نفوذ الدولة العراقية على بعض المناطق، التي كانت تحت حوزة بعض الجماعات المسلّحة في المناطق المحاذية مع الإقليم والمناطق المحاذية مع سوريا، ومعالجتها عن طريق تنسيق العمل مرّة مع حكومة الإقليم، ومرة تنسيق وتقريب وجهات النظر مع الجارة تركيا، وسنعمل مع حكومة الإقليم لتخفيف وطأة هذه العمليات وتقليل الأضرار على القرى الكُردية”.
ونددت الحكومة العراقية مرارًا بالعمليات العسكرية المتتالية للجيش التركي، وهددت باللجوء إلى “مجلس الأمن”، لكبح جماح التدخل التركي.
ولكن السلطات التركية؛ تجاهلت دعوات الحكومة العراقية وواصلت حلمتها العسكرية، بل وقام وزير الدفاع، “خلوصي أكار”، بدخول الأراضي العراقية دون التنسيق مع الحكومة المركزية، وهو ما ضاعف غضب حكومة “الكاظمي”.
ذريعة واهية تستهدف بسط النفوذ !
ويرى مراقبون، أن ملف “حزب العمال الكُردستاني”؛ ليس سوى ذريعة واهية لتبرير تدخل يهدف في النهاية إلى بسط النفوذ والتطلع إلى ثروات “العراق”، خاصة في محافظة “كركوك”.
وحذرت قوات (الحشد الشعبي) مرارًا، “تركيا”، من مغبة إجتياح مناطق في العمق العراقي، خاصة في “سنجار”؛ بحجة ملاحقة المتمردين الأكراد، مؤكدين أنهم قادرون على مواجهة تلك التدخلات.
لا إمكانية لصد الهجمات التركية على العراق
تعليقًا على تهديدات “إردوغان”، قال مستشار رئيس الجمهورية العراقي، “إسماعيل الحديدي”، إنه: “كانت هناك اتفاقات وقعتها الحكومات العراقية السابقة، مع تركيا؛ تسمح بدخول القوات التركية لمسافة محدودة جدًا في الأراضي العراقية، لكن أنقرة بدأت مؤخرًا في اختراق الحدود العراقية بشكل أكبر بدون قيد وبدون شرط”، مستنكرًا: “عدم قدرة العراق على منع هذه الانتهاكات لسيادته”، مشددًا على: “ضرورة معالجة مشكلة تواجد مسلحي (حزب العمال الكُردستاني) على أراضيه لعدم إعطاء ذريعة لتركيا للقيام بهجماتها على العراق”.
وأوضح، “الحديدي”، أنه: “يتعين على أنقرة؛ أن تتعاون مع بغداد لمواجهة التهديدات التي يُشكلها (حزب العمال الكُردستاني) عليها لا أن تعتدي على سيادة العراق”، لافتًا إلى أنه: “لا توجد إمكانية لصد الهجمات التركية على العراق الأمر الذي يُشكل خطرًا كبيرًا على مصالح البلاد، حيث تضغط أنقرة على بغداد في العديد من الملفات”.
تستغل أزمات العراق للتواجد في الساحة..
من جهته؛ قال الخبير الأمني، “أحمد الشوقي”: “إن التهديدات التركية واختراق السيادة العراقية؛ تأتي بحجة محاربة (حزب العمال الكُردستاني)؛ وإن أنقرة تحاول التواجد في الساحة العراقية مستغلة ما يمر به العراق من أزمة سياسية واقتصادية كبيرة”، مشددًا على أن: “ما يُمثله الحزب من تهديد في مخيم مخمور المتواجد على الأراضي العراقية؛ يخص الحكومة العراقية وحدها، وعليها التعامل مع الأمر وليس تركيا، وعلى الأخيرة أن تخاطب بغداد بشكل رسمي وقانوني ومن ثم يتم تشكيل لجان تحقيقية من قبل الحكومة العراقية لتدارك الأمر”.
وحول الهجمات التي تُشنها القوات التركية في شمال “العراق”، قال الكاتب والمحلل السياسي، “مصطفى أوزجان”، إن: “تركيا تقوم باستهداف عناصر (حزب العمال الكُردستاني)، الذي يُشكل تهديدًا لها ومخيم (مخمور) يُعد حاضنة لهؤلاء المسلحين، وأنقرة طلبت من بغداد طرد هذه العناصر”، مشيرًا إلى أن: “هناك صعوبة في التعاون بين بغداد وأنقرة؛ حول هذا الأمر بسبب وجود أطراف متعددة تحكم العراق”.
مطالب بفتح تحقيق بشأن تجريف الأراضي وقطع الأشجار..
وعلى وقع الانتهاكات، أعلن “مجلس النواب” العراقي، يوم الأربعاء، فتح تحقيق بشأن تجريف الأراضي وقطع الأشجار الحاصل من قبل الجيش التركي على الحدود بين البلدين، مستغلاً بذلك احتلاله لعشرات الكيلومترات في عمق الأراضي العراقية، ووضع العشرات من الثكنات والنقاط العسكرية داخل “إقليم كُردستان” أيضًا.
وذكر المكتب الإعلامي لنائب رئيس البرلمان العراقي، “بشير الحداد”: “وجه الحداد، لجنة الأمن والدفاع النيابية وعددًا من النواب، لمتابعة قضية قطع الأشجار وتجريف الأراضي في المناطق الحدودية لإقليم كُردستان العراق، والوقوف على الحقائق ميدانيًا، وإطلاع مجلس النواب بتطورات ومستجدات القضية التي أثارت استياءً كبيرًا لدى جميع العراقيين”.
وبّين أن: “ذلك جاء بعد لقاء، حداد، اليوم مع السفير التركي في بغداد، الذي أشار بدوره إلى أن عمليات قطع الأشجار وتجريف الأراضي التي جرت من قبل الجيش التركي؛ تقع ضمن الأراضي التركية على الشريط الحدودي، ومن أجل الوقوف على حقيقة ما يجري”.
وأكد “الحداد”، وفقًا للبيان، أن: “استمرار العمليات العسكرية والقصف العشوائي أحدث أضرارًا كبيرة بالسكان المدنيين وممتلكاتهم، ويمس السيادة العراقية ويؤثر على العلاقات بين البلدين الجارين، وينبغي الإسراع بحل المشاكل بالطرق السلمية وعن طريق الحوار”.
استنكار مشترك..
كما استنكر وزير الزراعة العراقي، “محمد كريم”، ووزيرة الزراعة في إقليم كُردستان، “بيكرد طالباني”، في بيان مشترك، أعمال قطع الأشجار وتجريف الغابات، التي تقوم بها قوات “أنقرة”، في المناطق الحدودية مع “تركيا”.
وأوضح البيان أن مجموعة من الشركات التركية، وبمساعدة من القوات التركية، قامت بقطع أشجار الغابات الطبيعية في مناطق “بادينان” في الإقليم، ونقل تلك الأشجار المقطوعة إلى داخل “تركيا” والتجارة بها.
وبحسب المصادر، فإن تلك الشركات تنقل يوميًا ما يقارب: “450 طنًا من الأشجار”؛ إلى داخل الأراضي التركية.
ووصف البيان المشترك؛ تلك الأعمال بغير الحضارية والعدائية، التي تؤذي البيئة العراقية وبيئة “إقليم كُردستان”.
كذلك دعا البيان، الحكومة التركية؛ إلى وقف تلك الأعمال، مناشدًا منظمة “الأمم المتحدة” وممثلي الدول والمنظمات الدولية: “بالتعاون لإيجاد الحلول لهذه الأعمال غير المسؤولة واللا إنسانية ضد البيئة ومحاولة إنهائها بصورة تامة”.
ممارسات غير إنسانية وجريمة بيئية..
ومن جهته، اتهم الرئيس العراقي، “برهم صالح”، “تركيا”، بالاعتداء على سيادة بلاده وقطع أشجار غابات “إقليم كُردستان” الشمالي، واصفًا ذلك بأنها ممارسات غير إنسانية وجريمة بيئية تستدعي المحاسبة.
وقال الرئيس “صالح”، في موقف رسمي علني من القصف التركي وقطع أشجار غابات “إقليم كُردستان العراق” الشمالي؛ في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، (تويتر)؛ إن: “التجاوز على السيادة والعنف ونزوح المدنيين من منازلهم، فقطع أشجار الغابات في: هرور وباتيفا وغيرها من المناطق الحدودية في إقليم كُردستان، ممارسات غير إنسانية وجريمة بيئية”.
وشدد الرئيس “صالح”؛ على أنه لا يجب غض النظر عن هذه الممارسات.. وقال: “واجبنا التنسيق العملي بين سلطات الحكومة الاتحادية والإقليم، لإيقاف التجاوزات ومحاسبة المذنبين”.
وكان السفير التركي في بغداد، “علي رضا غوناي”، قال أمس في تصريح صحافي؛ إن: “هناك خطأ كبير فيما يتم تداوله عن قيام جهات تركية بقطع الأشجار في إقليم كُردستان ونقلها إلى تركيا”، مشيرًا إلى أنه تباحث مع الجانب العراقي في قضية قطع الأشجار في المناطق الواقعة في خط المواجهة بين الجيش التركي ومقاتلي (حزب العمال الكُردستاني)، بإقليم كُردستان”.. مؤكدًا وجود: “تضليل وخطأ كبير بشأن مسألة قطع الأشجار”.
وبحسب المصادر، فإن القوات التركية دخلت إلى “العراق” بعمق يتراوح بين: “25 إلى 30 كم”، وسيطرت على مناطق بعرض 50 كم، كما دمرت الحرائق نحو: 2 كم مربع من الغابات والمزارع، فيما وضعت “أنقرة” 40 نقطة وثكنة عسكرية داخل الأراضي العراقية.