خاص شفقنا-يرزح لبنان منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تحت وطأة أزمة التأليف، وظاهر هذه الأزمة بين التيارين المستقبل والوطني الحر حكومي، فيما باطنها مصيري مرتبط بأزمة اللاثقة التي بدأت بعد التسوية الرئاسية، والتي جعلت من المستحيل جديا الرهان على تفاهم بين الطرفين، يقول الباحث السياسي الدكتور وسيم بزي في حديث لـ”شفقنا” أمس الجمعة(5 يونيو 2021).
ولفت بزي إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد بعد مأدبة الغداء التي جمعته بالحريري أنه أنجز ما هو مطلوب منه كاملا، وان الحريري كان متجاوبا وقبل بالحل، مشيرا إلى أن اللغم الذي فجر الموقف وخرب لقاء الخليلين والحاج وفيق صفا مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هو تمسك الحريري بحق تسمية الوزيرين المسيحيين.
وأضاف بزي: الصيغة التي اقترحت للحل من قبل بري هو أن يسمي الرئيس عون 4 اسماء والحريري 4 اسماء ويتم خلط هذه الأسماء وسحب إثنين منها من خلال القرعة، مع إبقاء هذا الحق حصرا بيد الحريري كونه الرئيس المكلف المعني بالتاليف هذا بالمعنى التفصيلي للكلام، لكن بالمعنى السياسي تُرك للحريري عمليا حرية التحكم بالحل خاصة ان الاقتراح الثاني والذي يسمي الحريري بموجبه إسمَيْن ويستمر بتسمية إسمَيْن حتى ينال الموافقة من الرئيس عون. مشيرا إلى ان ردة فعل باسيل كانت بالإصرار على أن يسمي الرئيس عون وزير واحداً من الوزيرين والثاني يسميه البطريرك الراعي مثلا.
ولفت بزي إلى أن الماورائية لهذه المعركة تتضمن أيضا معركة على رئاسة الجمهورية ومن سينتخب الرئيس المقبل، هذا البرلمان الحالي أم البرلمان الجديد، والتهديدات المتبادلة بالإستقالة من المجلس من قبل الطرفين هي خطوة يعرف التيارين أنها غير مأمونة العواقب وقد تكون خطوة بالمجهول. مؤكدا أن حزب الله من حيث المبدأ وكذلك بري يعارضان بقوة فكرة الانتخابات النيابية المبكرة، والتي سواء بُّكرت باستقالات أو بقيت بموعدها، أصبحت هي المتحكم الرئيسي بحسابات السياسة بالبلد، والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الخليجية أبرزها السعودية يراهنون بقوة على ان تكون هذه المحطة هي الوسيلة المتاحة لقلب التوازنات الكبرى الموجودة في البلد في المرحلة المقبلة.
واتهم بزي بشكل مباشر الحريري بالتسبب بعرقلة التأليف وتنفيذ أجندة لا يريد من خلالها أن يسهل للرئيس عون السنة الأخيرة من ولايته، لذلك هو المعرقل الحقيقي. مؤكدا انه لن يعتذر وهذا ما أكده لحلفائه.
وتابع بزي: الحريري متمسك ببقائه رئيسا مكلفا لأنه يعتبر هذا الأمر حبل نجاة له ينقذه على المستوى الشخصي والحزبي والطائفي، لا بل أكثر من ذلك هناك من يقول بأن لدى الحريري مشاكل مالية وعقارية وهذا ما يدفعه إلى تقبل خيار اللعب على الوتر الطائفي نظرا للتهديد الذي يطال زعامته بالصميم.
وعن المرحلة المقبلة يقول بزي أنها تسير على خطين متوازيين، خط الأزمة الداخلية والتي هي أكبر من أزمة حكومة وهي أزمة نظام وصلاحيات ودستور، مشيرا إلى ان لبنان أمام محطة كبيرة جدا لن يكون بالإمكان حلحلة العقد الداخلية فيها من دون نضوج الواقع الاقليمي واعادة ترتيب الملفات الدولية والاقليمية على ضوء ما يجري بين الامركيين والايرانيين وبين السعوديين والايرانيين وبين السوريين والسعوديين، وهذه الأحداث وما سيترتب عنها هو ما سيتحكم بمشهد لبنان بالمرحلة المقبلة.
مهدي سعادي