شفقنا العراق-أكد تقرير لصحيفة ” ذي هيل” الامريكية ، الخميس (6 آيار 2021) ان ادارة الرئيس الامريكي جون بايدن تتذرع بحجج خاطئة للبقاء في العراق مما يعني عدم توقع أي نهاية للحرب المستمرة في البلاد منذ 18 عاما.
وذكر التقرير الذي أعده بوني كريستيان، ان ”الجنرال فرانك ماكنزي قائد القيادة المركز تعلل باربعة اسباب هي تنظيم داعش وايران وبغداد وافغانستان قائلا ” سنبقى في العراق ”، لكن كل عذر من هذه الاعذار كان خاطئا في تقديره على الاقل وليس هناك ما يبرر اطالة امد البقاء في بلاد كانت الوريث الثاني لاطول حرب امريكية”.
واضاف ان ”تحجج ماكنزي بداعش ليس له ما يبرره، لان مهمة اعادة الاراضي قد استكملت في العراق منذ ما يقرب من أربع سنوات. كما أنها مكتملة في سوريا، وقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي نفسه خلال غارة أمريكية في عام 2019، فيما قال الفريق بول كالفيرت الذي يقود الولايات المتحدة- بقيادة التحالف ضد داعش في العراق وسوريا إن “قدرة داعش على الظهور مجددا منخفضة للغاية في الوقت الحالي” بحسب تعبيره.
وتابع انه ” وعلى الرغم من أن كالفرت أشار أيضًا إلى أن ذلك يمكن أن يتغير ، يمكن قول الشيء نفسه عن أي من الجماعات المسلحة المتطرفة العديدة في الشرق الأوسط التي تعد أعداء الولايات المتحدة ولكنها لا تشكل سوى تهديدًا محدودًا، وبالتأكيد فهي ليست تهديدًا يبرر الاحتلال المستمر للعراق ، مما يعني ان فكرة ماكنزي بالقضاء على جميع المجاميع بالوسائل العسكرية هي فكرة غير واقعية إلى حد كبير. كما أنها غير ضرورية لأمن الولايات المتحدة، كما أن مطاردة متطرفين لداعش إلى ما لا نهاية ليست سببًا للبقاء في العراق”.
وواصل ان ”الحجة الثانية المتمثلة بايران، فقد يبدو من الصحيح أن إيران تريد خروج الولايات المتحدة من العراق ،و أن لواشنطن علاقة عدائية مع طهران، لكن هذا لا يمنع الحقيقة المساوية التي مفادها أن البقاء في العراق نكاية بإيران هو عمل من أعمال التخريب الذاتي، فهو يقوض أهدافنا الدبلوماسية، ويجعل الحرب بين الولايات المتحدة وإيران أكثر احتمالية، ويعرض القوات الأمريكية لمخاطر لا داعي لها “.
وبين التقرير انه ”عندما تحول إلى موضوع بغداد، انتقل ماكنزي من الحقد إلى الباطل الصريح، قائلا “أعتقد أنه من المهم للغاية أن ندرك أن حكومة العراق تريدنا أن نبقى”؛ لكنه نسي أن البرلمان العراقي حاول طرد جميع القوات الأمريكية العام الماضي، ولذا فان حكومة العراق “لا تريدنا أن نبقى ويريدون منا أن نغادر”.
واشار الى انه ”فيما يتعلق بالانسحاب من افغانستان فان المقارنة التي يريد ماكنزي تجنبها تشير إلى أن الانسحاب من العراق، الأكثر تكلفة والأكثر فتكًا في الحربين ، تأخر تمامًا مثل الانسحاب من أفغانستان، لقد بدأ غزو العراق بذرائع كاذبة وهي وصمة عار على السياسة الخارجية الأمريكية. لقد انتهت مهمتها الأصلية لتغيير النظام منذ فترة طويلة، وكذلك المشروع الثانوي لهزيمة داعش فما الذي يبرر بقاء أمريكا؟“.
البقاء في العراق إلى الأبد
وكان موقع Defense One نشر سابقا (25 فبراير 2021) مقالا للكاتبة بونى كريستيان، ذكرت فيه أنه على الرغم من وعد الرئيس بايدن أثناء حملته الانتخابية بإنهاء الحروب التى تورطت فيها بلاده فى الشرق الأوسط، إلا أن ما ذكره السفير الأمريكى لدى الأمم المتحدة من أن بلاده لن تخرج من العراق قبل القضاء على الجماعات الإرهابية وخصوصا داعش، يؤكد أن الولايات المتحدة ستبقى فى العراق إلى الأبد. فالإرهاب أشبه بآلة دائمة الحركة.
أهداف الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن تجاه الحرب فى العراق، على الأقل كما تم تحديدها بإيجاز قبل أقل من أسبوعين تقريبا فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من المرجح أن تطيل تورط الولايات المتحدة فى العراق إلى أجل غير مسمى.
قال نائب السفير الأمريكى لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز للدبلوماسيين الحاضرين: «من بين أولوياتها القصوى، ستسعى الولايات المتحدة لمساعدة العراق على تأكيد سيادته فى مواجهة الأعداء، فى الداخل والخارج، من خلال منع عودة ظهور داعش والعمل على استقرار العراق». وتابع ميلز أن هذا يعنى تسهيل إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بالإضافة إلى محاربة الميليشيات المرتبطة بإيران والجماعات الإرهابية مثل الدولة الإسلامية، فضلا عن تحويل الأموال نحو التنمية الاقتصادية والتحسينات الإنسانية والقضاء على الفساد. واختتم حديثه بالقول: «ستبقى الولايات المتحدة شريكًا ثابتًا وجديرا بالثقة للعراق وللشعب العراقى، اليوم وفى المستقبل».
هذا التصريح بمثابة تقليل لحجم المشكلة. فبأهداف واسعة ومرنة مثل هذه، سيكون للولايات المتحدة وجود عسكرى ولائحة بمشاريع بناء الدولة فى العراق، ليس فقط خلال إدارة بايدن ولكن لعقود قادمة.
بايدن خلال حملته الانتخابية أطلق وعدا «إنهاء الحروب فى أفغانستان والشرق الأوسط، والتى كلفتنا دماء وأموالا لا تقدر بثمن»، كما قال: «هذه الحروب تستنزف فقط قدرتنا على القيادة فى قضايا أخرى تتطلب اهتمامنا، وتمنعنا من إعادة بناء أدوات القوة الأمريكية الأخرى». كان لبايدن صوت فى إدارة أوباما محاولا مساعدتها على ضبط النفس. ففى تلك السنوات كنائب للرئيس، عارض زيادة القوات فى أفغانستان. كان أيضًا ضد تغيير الولايات المتحدة النظام فى ليبيا، وكان على استعداد لقبول عراق اتحادى لتقليل الخصومات الداخلية العنيفة مع مشاركة أمريكية أقل.
لكن لم يمض على وجود بايدن فى المنصب سوى أسابيع قليلة، لذلك لم يتضح بعد ما هى سياسته تجاه العراق. لكن ملاحظات ميلز المختصرة تشير إلى أننا لا ينبغى أن نتوقع تحولًا جذريًا فى دور الولايات المتحدة فى العراق ــ أمثال الانسحاب الكامل الذى توقعه الناخب الأمريكى العادى عند سماعه تعهدًا فى الحملة الانتخابية بإنهاء الحروب إلى الأبد.
فمنع عودة ظهور داعش، وتحقيق الاستقرار فى العراق، وحماية الانتخابات، وإنفاق مليارات إضافية من أجل «توفير المأوى والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية الطارئة والمياه والصرف الصحى وخدمات النظافة» و«إنهاء الفساد»، كلها أهداف تسعى الولايات المتحدة لتنفيذها فهل حقا ستقدر على الانسحاب من العراق؟ فى الحقيقة هذه الأهداف ستبقى الولايات المتحدة محتلة العراق إلى الأبد. حيث كان كل عنصر فى القائمة، باستثناء داعش، هدفًا مباشرا للولايات المتحدة بعد الغزو فى عام 2003.
لكن لكى نكون منصفين لبايدن، فإن هذا الاستثناء الوحيد ــ عمليات مكافحة الإرهاب ضد داعش ــ كان دائمًا الاستثناء لوعده بإنهاء الحروب. فخطة بايدن للانسحاب تغفل ثلاث نقاط أساسية.
- أولا، لن يكون هناك قضاء تام على داعش (أو أى جماعات متطرفة تأتى بعد ذلك)، بالوسائل العسكرية. هذه معركة أفكار ومخاوف واقتصاد بقدر ما هى عنف جسدى، وسيكون الالتزام بالحفاظ على وجود عسكرى فى العراق حتى لا يكون هناك المزيد من الإرهابيين فى المستقبل المنظور، يعنى الالتزام بالحفاظ على الوجود العسكرى فى العراق إلى الأبد. لم يكن هذا محور تركيز الولايات المتحدة فى العراق. لكن أصبحت الحرب الأمريكية فى العراق منذ فترة طويلة مشروعًا واسع النطاق لمكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد. بعبارة أخرى، بموجب أى كلام منطقى، فإن إنهاء الحرب يعنى إنهاء ذلك الإرهاب، الذى هو أشبه بآلة دائمة الحركة. إذن لا نهاية للحرب!.
- ثانيًا، التعامل مع فلول داعش لا يتطلب إبقاء الجنود الأمريكيين على الأرض فى هذا المشروع إلى أجل غير مسمى. فإذا كانت داعش أو أى جماعة مماثلة تكدس قوتها لإعادة إحياء حلم الخلافة أو تغيير الظروف على الأرض بشكل جوهرى، سيتعين على الكونجرس ــ فى أسرع وقت ــ أن يأذن للقوات الأمريكية بالعودة إلى العراق. لكن يجب أن يدرك بايدن أيضًا أن الولايات المتحدة ليست الخصم الوحيد للإرهاب الذى يمكنه مواجهة هذا السيناريو بمفرده: لا توجد قوى إقليمية (بما فى ذلك إيران المجاورة) صديقة لداعش، ولديهم مصلحة قوية فى السيطرة على انتشاره من أجل أمنهم ومصالحهم.
- أخيرًا، إن إبقاء القوات الأمريكية فى العراق لفترة أطول ليس خيارًا مناسبا لتحييد المخاطر. على العكس من ذلك، فهو يدعو باستمرار إلى إعادة التصعيد من خلال تعريض القوات الأمريكية لخطر لا داعى له من مجموعة واسعة من المناهضين للولايات المتحدة من ضمنها داعش والميليشيات المرتبطة بإيران. وستؤدى إطالة أمد الحرب فى العراق إلى زيادة فرصة الحرب مع إيران، وبالتالى إحداث نتائج عكسية لأهداف بايدن فى العلاقات الأمريكية ــ الإيرانية.
ختاما، لا يحظى وجود القوات الأمريكية فى العراق للأبد بشعبية لدى الغالبية العظمى من الأمريكيين الذين ينتمون للحزبين. فهم يفهمون ما لا تستطيع الإدارة الأمريكية ــ على ما يبدو ــ فهمه: الحرب فى العراق كانت خطأ، والمزيد من التأخير فى نهايتها هو خطأ آخر. لذلك، يجب على بايدن إنهاء هذه الحرب إلى الأبد بانسحاب كامل وفورى للقوات الأمريكية.