خاص شفقنا بيروت – ترزح فلسطين تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1948، حيث لم تنقطع مخاطر تهويد المسجد الأقصى حتى اليوم، تحت ذريعة البحث عن هيكل سليمان المزعوم. ومنذ ولادة القضية الفلسطينية جعل المسلمون منها قبلتهم، كما عدت لفترة من الزمن قضية عربية، في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
فيما بدأ العديد من المسلمين والعرب في وقت لاحق النأي بأنفسهم عن القضية، متناسين أن الخطر الإسرائيلي يهدد المنطقة بأسرها، حيث بتنا نرى سكوتا مخجلا عن جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى، في وقت تعلو فيه الصيحات حول قضايا أخرى، يتم استغلالها سياسيا، في خدمة المشروع المناوئ للمقاومة، وتلصق تهم “تهديد أمن المنطقة” بإيران وحلفائها متلاقية بذلك مع مزاعم الإسرائيليين، وهذا ما أكده التقرير الاستراتيجي لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الذي أشار إلى “التفهم الواسع في العالم وحتى في الشرق الأوسط بأن القضية الفلسطينية لم تعد السبب الأساسي لعلل المنطقة، وهذا يفتح نافذة لأحلاف محتملة مع جهات براغماتية في العالم العربي وتسمح ببلورة استراتيجية عليا شاملة وفعالة”.
ولم يعد التطبيع والتعاون مع الصهاينة بأمر محرج لكثير من الدول التي تدعي الإسلام، وإن كانت لم تتجرأ حتى اليوم على المجاهرة بالأمر، ربما للحفاظ على ما تبقى من ماء وجهها، أو خجلا من شعوب لم تضيع البوصلة بعد. وهذا ما يتوافق مع التصريحات الاخيرة لرئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتنياهو حيث طالب الدول الأوروبية بالتعامل مع إسرائيل بالطريقة التي تعاملها بها الدول العربية السنية، وخصوصاً دول الخليج، والتي وصفها بأنها أفضل من تلك التي تتلقاها من أوروبا، معتبرا أن “السعودية، مثل كثيرين في العالم العربي، ترى في إسرائيل حليفاً، وليس خطراً”.
ومن المؤكد أن العدو الإسرائيلي والداعمين له لعبوا دورا أساسيا في حرف هؤلاء عن قضيتهم، ذات البعد الديني وليس القومي او الإنساني فحسب. إلا أن ذلك لا يجردهم جميعا من مسؤولية الانحراف عن القضية، ومحاولة وأد القدس من العقل العربي والإسلامي والعالمي. والدليل هو الفكر التكفيري ذات المنبع الوهابي الذي تغلغل في المناطق المحيطة لفلسطين، دون أن يشكل أي تهديد على الكيان الصهيوني. في وقت يجهد فيه المحور المقاوم للوقوف بوجه هذا المد التكفيري، وكأنما أريد استنزافه وإشغاله عن قضيته الأم.
دون أن ننسى المحاولات الحثيثة لتوطين الفلسطينيين في دول اللجوء، الذي يهدف إلى تغييب حق العودة عن أذهان الفلسطينيين والمسلمين جميعا.
حمود: الإسلام هو زوال الكيان الصهيوني وليس التعامل معه
“لا يمكن حصر الأشياء التي تجعل فلسطين مقدسة في الاسلام”، هذا ما يؤكده الشيخ ماهر حمود إمام مسجد القدس، بعد أن يعدد البعض من فضائلها بالتالي: “فلسطين مذكورة بالقرآن وكذلك المسجد الأقصى مسرى رسول الله، وحيث اجتمع الأنبياء في الاسراء. وبشر الله بها النبي محمد (ص) قبل بنائها بعشرين عاما، كما ذكرت في سورة الإسراء”.
ويشير حمود في مقابلة مع “شفقنا” إلى أن “هناك وعد لدخول المسلمين المسجد الأقصى الذي عمّره النبي آدم بعد أربعين عاما تقريبا من المسجد الحرام، فقدسيته منذ أول التاريخ وليس فقط منذ الفتح الإسلامي”.
كما يلفت حمود في سياق آخر إلى أن “الاسلام هو المقاومة، وهو زوال الكيان الصهيوني وليس التعامل معه”.
زعيتر: الكيان الصهيوني يسعى لإيجاد كانتونات مذهبية لتبرير وجوده
من جهته يشير الخبير في الشؤون الإسرائيلية هيثم زعيتر إلى بعض الدول العربية بالقول أن “هناك من انصاع سريعا بتوجيهات أجنبية واستعجل لاتخاذ القرار وتسريع الخطوات بالتطبيع مع الكيان الصهيوني أو مع الدول الكبرى دون الانتظار والصمود” مضيفا أنهم “إذا ما صمدوا كانوا سيحققوا إنجازات كتلك التي حققتها المقاومة في لبنان وفلسطين”.
وأضاف زعيتر أن “العدو الصهيوني يستغل حالة التفكك والتشرذم بالعالم العربي للتواصل مع هذه الدول تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب”، مع العلم أنه يغذي الجماعات الإرهابية” لافتا إلى أنه “يسعى لإيجاد كانتونات وكونفدراليات عرقية ومذهبية وطائفية لإيجاد مبرر لوجود دولة إسرائيل ذات الصبغة اليهودية”.
كما لفت من جهة أخرى إلى أن “أي إمكانية للتحالف والتنسيق والتعاون الإيراني العربي الإسلامي وتحديدا الإسلامي الشيعي-السني يفسد المخطط الصهيوني، الذي حول بعد اتفاقية كامب ديفيد الصراع من عربي صهيوني إلى سني شيعي وهو ما يسعى إلى بثه وتعميمه”.
وإذ أشار إلى أن “القضية الفلسطينية تراجعت” أكد “أنها ما زالت في صلب الاهتمامات ليس العربية بل الإسلامية والدولية. وخير دليل على ذلك هو الربيع الذي يحصل في فلسطين من جيل الشباب، والذي يتخذ قراره دون قيادة سياسية، وهذا يربك الإحتلال الصهيوني”.
إنطلاقا من القدسية التي تتمتع بها هذه الرقعة من العالم، والتي يحاول الإحتلال تدنيسها، لابد للمسلمين جميعا، والعرب خصوصا أن يوقظوا ضمائرهم الغافلة عن قضية هي في صلب الأزمات التي تعاني منها المنطقة. فلو توقف هؤلاء عن هدر أموالهم على التسلح وتسليح الإرهابيين، أو صوبوا أسلحتهم بوجه العدو الأول لاستطاعوا محوه من الوجود.
النهایة