شفقنا العراق- مختصر تفسير الآية (١) من سورة المؤمنون؛ بسم الله الرحمن الرحيم :” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ”.
قد: إذا دخلت على الفعل الماضي يكون إعرابها حرف تحقيق أي بمعنى أن الفعل الذي يجيء بعدها لابد أن يتبعه تحقيق في أمره ،وهذا يعني أن (قَدْ أَفْلَحَ) تحتاج إلى تحقيق ليتم الغرض البلاغي فيها.
أفلح: فعل ماضٍ معناه اللغوي هو إحداث الشق ولهذا سميت الفلاحة لان الفلاح يحدث شقاً في الأرض، وأيضاً هي تعني النجاح والظفر وأما في الاصطلاح القرآني فالفلاح يعني إن العبد قد كسب رضى الله تبارك وتعالى.
المؤمنون: هم من اتصفوا بالإيمان، وقد اختُلف في تحديد معنى الإيمان على أربعة أقوال:
- أولا. الإيمان هو التصديق في القلب والفعل في الجوارح والإقرار في اللسان.
- ثانيا. الإيمان هو تصديق ومعرفة في القلب وإقرار في اللسان.
- ثالثا. الإيمان هو إقرار في اللسان بدليل إن المنافق يقر بلسانه ونعده مؤمناً لما خفي عنا ما في قلبه.
- رابعا. الإيمان هو الإقرار والتصديق في القلب وهو قول معظم المسلمين ومنهم الإمامية أعزهم الله.
ومما استدل به أصحاب الرأي الرابع الذين يقولون بأن الإيمان هو إقرار وتصديق قلبي:
- ان الله كلما ذكر الإيمان إضافه الى القلب ( مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ۛ ) المائدة 41.
- كلما ذكر الله تعالى الإيمان قرنه بالعمل الصالح ولو كان العمل الصالح داخلاً في الإيمان لكان ذلك تكراراً ممجوجاً في البلاغة.
3. كثيرا ما ذكر الإيمان مقترنا بالمعاصي، قال تعالى ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )الأنعام ٨٢.
4. ذكر الله تعالى مجموعة من الآيات التي تؤكد ان الإيمان هو التصديق القلبي وإن كان المؤمن عاصياً او مرتكباً للكبائر، فالقاتل المتعمد يخاطبه الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ …)البقرة ١٧٨، ولان القاتل في جملة المخاطبين دل على انه مؤمن.
وقال تعالى ( …. فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ …) عد الله تعالى القاتل العمدي أخ و ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ … ) وايضا قال تعالى (.. ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ …) البقرة ١٧٨ والتخفيف والرحمة لا تليق إلا بالمؤمن.
5. ومما يمكن الاستدلال به على ان الإيمان هو التصديق القلبي خاصة الآية المباركة (… وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا …) حيث توعدهم الله تعالى وقال في محكم الذكر الحكيم ( …. مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا..).
6. وقوله تعالى (.. وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ …. ) النور ٣١ والأمر بالتوبة لمن لا ذنب له محال.
ومما يؤكد إن الإقرار اللساني لا قيمه له إن لم يكن قد انعقد قلبه اعتقاداً وتصديقاً على الإيمان بالله وبما أمر الله تعالى التصديق والإيمان به هو الآية المباركة (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) البقرة ٨.
رياض البغدادي/وكالة أنباء براثا
————————–
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–