خاص شفقنا-تتفاقم الأزمات التي يعاني منها لبنان وتتسلل إلى مختلف قطاعاته الأساسية والفرعية، حتى باتت كل مفاصل الدولة متخلخلة، “فعند الحديث عن أزمة اقتصادية ما لا يمكن أن تغيب الأوضاع السياسية عن بالنا والتي هي من أهم العناصر التي تؤثر بأي وضع اقتصادي، والفصل بين الوضعين غير ممكن كون ارتباطهما وثيق” يقول المحلل والخبير الاقتصادي الدكتور حسن سرور لـ”شفقنا”.
السياسات الاقتصادية سرطان خبيث
وأشار سرور إلى أنه وللأسف فإن السياسات المعتمدة في لبنان منذ العام 1990 و1992 وإلى اليوم، كانت سياسات اقتصادية ونقدية ومالية عبثية اعتمدت على المديونية، التي حكما ستنتج حكومات مهترئة تسببت بتحريف وجهة الاقتصاد ودفعته لتبني مبدأ الريعية والرأسمالية المالية أي المال المنتج للمال وليس رأس المال المنتج للسلع والخدمات، وهذه السياسات لا تزال حتى اللحظة سيدة الموقف. مؤكدا أنه لا يمكن الخروج من المأزق من دون تغير طريقة التعاطي السياسية مع الأوضاع الاقتصادية.
وتابع سرور: نسمع اليوم دعوات لتشكيل حكومة بقصد الذهاب إلى خيارات صندوق النقد الدولي وجلب بعض القروض والمليارات، هذا الأمر مرفوض لأنه ليس هو الحل بل هو خيار سيفاقم من الأزمة ويجلب تدخلات في الشؤون الداخلية ووصاية دولية مما سيضعف بنية الدولية اللبنانية أكثر، واصفاً هذه السياسات بمرض السرطان الخبيث الذي انتشر في بنية جميع الحكومات السابقة التي اقترضت على مدى 30 سنة والنتيجة كانت إغراق البلد وتأجيل الانهيار.
الدولار المدعوم
ولفت سرور إلى أن طريقة الدعم الحالية هي طريقة تسهل المزيد من عملية النهب من جيوب اللبنانيين، والتي كانت تتم سابقا بعدة وسائل وأبرزها الفوائد، واليوم ومن خلال طرق جديدة نكرس أموال أصحاب المصالح الكبيرة في البلد الذين هم أصحاب الاحتكارات، وهم يعملون على تهريب هذه البضائع إلى الخارج لكسب أرباح إضافية على حساب البضائع المدعومة. مشيرا إلى أننا بحاجة الى التفصيل بشكل أكبر بالدعم لإيصاله الى من يستحقه.
الاستفادة الاقتصادية من الانهيار
واعتبر سرور أنه يمكن الاستفادة من الانهيار الحالي الذي يصيب الليرة اللبنانية من خلال المكاسب الزمنية التي تنتج عن هذا الانهيار، والتي يمكن الاستفادة منها على المدى المتوسط والطويل الأمد، فنحن بدأنا نلحظ حركة إنتاجية داخلية متمثلة بنشوء زراعات لم تكن موجودة ونشوء بعض الصناعات التي تلبي حاجة السوق المحلية من المنتج المحلي، مؤكدا أن هذا الأمر يشكل فرصة للبنان لان سلعنا المحلية بمختلف أنواعها باتت أرخص من المنتج الأجنبي، ولكن نجاح واستمرار هذه الفرصة، مرتبط حكما بوجود سقف وهامش لحركة ارتفاع الدولار وانخفاضه.
منصة مصرف لبنان
وحول المنصة التي وعد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اللبنانيين بأنها ستعمل على ضبط سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية واقتراب موعد إطلاقها يقول سرور:” يجب أن يكون هناك إمكانات لنجاح عمل هذه المنصة التي ان تناولناها من الجانب التقني فإننا لو حددنا سعر الصرف على عتبة الـ 8000 ليرة، وجاءت دولة أو رجال أعمال كبار وافتعلوا مضاربة سياسية ومالية، وأغرقوا السوق بالليرة ورفعوا الطلب على الدولار، عندها سيرتفع سعر الدولار بشكل تلقائي”، وتسائل سرور: من يمكنه إيقاف هذا الارتفاع؟ هل حاكمية مصرف لبنان تستطيع الوقوف في وجه هكذا سيناريو؟.
وأضاف: بالنسبة لي فإن الحاكمية لا تمتلك الإرادة، وحتى لو امتلك سلامة كل الإمكانات والواقع يؤكد فقدانه للإرادة فلن يستطيع إنجاز أي شيء وهو أصلا لا يريد أن يحدث أي تغيير. مشيرا إلى أن الحاكم تخطى الحدود كثيرا وهو من أكثر المتسببين بما وصلنا إليه منذ 30 سنة حتى اليوم وكل تعاميمه التي صدرت منذ بداية الأزمة الأخيرة كانت عقيمة وسلبية وتسيء إلى السياسة النقدية الوطنية.
واقع الوزرات المعنية
“في لبنان النظام نظام هجين والوزير فيه لا يملك صلاحيات الا ضمن المجموعة المتكاملة، بمعنى اخر ضمن رؤية الحكومة الكلية والتي يحدد فيها رئيس الوزراء ماذا يقبل وماذا يرفض، فالوزير يمكنه أن ينجز الخطط ويرفعها لمجلس الوزراء الذي قد يصادق عليها وقد يضعها بالدرج، وهذا ما حصل مع العديد من الوزارات وأبرزها وزارة الطاقة” يقول سرور، ويضيف: الوزارات اليوم لا يمكنها أن تشجع الناس على الإنتاج وتحفيز الصناعات من دون أن تقدم لهم الدعم المادي والإعلامي والإعلاني إلى جانب التوجيه والإرشاد، ناهيك عن أن موازنات هذه الوزارات بالأصل لا تتيح لها القيام بهذه المهام الإنمائية كون هذه الموازنات تكفي حاجة موظفيها فقط.
مهدي سعادي/شفقنا لبنان