شفقنا العراق-هناك أربعة مرتكزات أساس لتأصيل حركة الانتظار:
1. التَّأصيل الفكري والثَّقافي
2. التَّأصيل الرُّوحي والوجداني
3. التَّأصيل السُّلوكي والأخلاقي
4. التَّأصيل الرِّسالي والحركي
لكي نكون منتظرين انتظارًا حقيقيًّا، لا بدَّ أن نتوفَّر على هذه المرتكزات الأربعة، وغياب أيِّ مرتكز من هذه المرتكزات يشكِّل خلل في التَّعاطي مع الانتظار.
الانتظار الذي أعطته النُّصوص والرِّوايات مضمونًا كبيرًا، كبيرًا جدًّا، يحتاج أن نعطيه الكثير الكثير من عقلنا، ومن وجداننا، ومن سلوكنا، ومن أخلاقنا، ومن ممارساتنا.
فهذه أربعة مرتكزات أساس لكي نصوغ انتظارًا حقيقيًّا.
المرتكز الأوَّل: التأصيل الفكري والثَّقافي (امتلاك وعي الانتظار)
وهذا يعني أن نملك وعي الدِّين ووعي الانتظار، فالمنتظرون الحقيقيُّون هم الذين يملكون وعي الإسلام، ووعي الدِّين، ووعي الفقه، ووعي الشَّريعة، ويملكون مفهوم الانتظار؛ المفهوم الحقيقي الأصيل.
وهذا أسميَّناه التَّأصيل الفكري والتَّأصيل الثَّقافي.
• جاء في وصف أصحاب الإمام المنتظر (عليه السَّلام) أنَّهم: «أصحاب البصائر» وليسوا من الهمج الرِّعاع. اقرؤوا حول الإمام المنتظر (عليه السَّلام) واسألوا عن الإمام المنتظر (عليه السَّلام)
المرتكز الثَّاني: التَّأصيل الرُّوحي والوجداني
المنتظرون نماذج راقية في البعد الرُّوحي، وفي البعد العبادي، وفي عشق الانتظار وعشق الإسلام وعشق الدِّين، هذه حالة وجدانيَّة.
كما نصوغ العقل المنتظر، لا بدَّ أن نصوغ الوجدان المنتظر، فالعقل المنتظر يتلاحم مع الوجدان المنتظر، بما يعنيه الوجدان المنتظر من عشق حقيقي وذوبان في الإسلام، وفي الدِّين، وفي الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
هذا نسمِّيه التَّأصيل الوجداني والرُّوحي.
فالمنتظرون كما تتحدَّث الرِّوايات:
- «رهبان باللَّيل». (المجلسي: بحار الأنوار 52/310)
- «رجال لا ينامون اللَّيل، لهم دَوِّي في صلاتهم كدَوي النَّحل». (المجلسي: بحار الأنوار 52/310)
- (ربَّانيُّون) في خطِّ الله، وفي خطِّ الإسلام.
المرتكز الثَّالث: التأصيل السُّلوكي والأخلاقي
صنعوا وجدانهم الانتظاري، وصنعوا عقلهم الانتظاري. إذن، هم بحاجة أن يصنعوا سلوكهم الانتظاري، التَّقوى، الورع، الصَّلاح، هؤلاء المنتظرون. فالمنتظرون «صلحاء نجباء».
عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) أنَّه قال ذات يوم: «مَنْ سرَّه أنْ يكون من أصحاب القائم، فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر». (النعماني: الغيبة، ص 207، ب11، ح16)
المنتظرون الحقيقيُّون هم نماذج راقية في التَّقوى، والورع، والصَّلاح. لستُ منتظرًا إذا كنت غير متَّقٍ. وإذا كنت لا أملك ورعًا، وإذا كنت أعيش العصيان والتمرُّد على الله، كيف أكون منتظرًا!
فأصحاب الإمام (عليه السَّلام) نماذج راقية في الصَّلاح والطَّاعة، والتَّقوى، والعبادة، والانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى.
المرتكز الرَّابع: التَّأصيل الرِّسالي الحركي
كما صنعوا عقلهم الانتظاري، وصنعوا وجدانهم الانتظاري، وصنعوا سلوكهم الانتظاري، يجب أن يصنعوا حركيَّتهم الانتظاريَّة، جهادهم، أمرهم بالمعروف، مواجهة الفساد والانحراف والضَّلال والضَّياع، لأنَّهم حينما يخرج الإمام سيمارسون عملًا رساليًّا ضخمًا جدًّا.
إذا لم يهيِّئوا أنفسهم لهذا العمل الرِّسالي الضَّخم الكبير، كيف سيكونون من أصحاب الإمام؟ وكيف سيكونون من المنتظرين؟
ولذلك الرِّوايات تصف أصحاب الإمام (عليه السَّلام) بأنَّهم:
- «رهبان باللَّيل، ليوث في النَّهار». (المجلسي: بحار الأنوار 52/310)
- عبَّاد في اللَّيل، ومتهجِّدون، أمَّا بالنَّهار فليوث، يحملون روح الإسلام.
- «يشتاقون إلى الشَّهادة».
- «يأتي في آخر الزَّمان أخوة لي …».
- أصحاب الإمام المنتظر عقائديُّون مبدأيُّون.
- ليسوا صنَّاع عنف وتطرُّف.
- ولا دعاه عصبيَّة.
فحينما أقول ليوث ويشتاقون إلى الشَّهادة، بمعنى أنَّهم يملكون درجة عالية جدًّا من الهمَّة الإيمانيَّة، والصِّدق في العمل للإسلام، وحركيُّون، لا بمعنى أن يكونوا متطرِّفين، لا بمعنى أن يكونوا عنفيِّين، وإنَّما الدَّعوة إلى الله، بالصدق وبالكلمة، وبالحكمة، وبالموعظة الحسنة.
إذن، إذا استطعنا أن نصنع عقلنا الانتظاري، واستطعنا أن نصنع وجداننا الانتظاري، واستطعنا أن نصنع سلوكنا الانتظاري، واستطعنا أن نصنع حركيَّتنا الانتظاريَّة، فنحن المنتظرون.
ـــــــــــــــــــــــــــ
* اقتباس من الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، في الاحتفال بليلة النِّصف من شعبان 1442هـ.
المصدر: الموقع الرسمي لسماحة العلامة السيد عبد الله الغريفي