شفقنا العراق-أكد المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله السيد علي السيستاني “دام ظله”- في معرض إجابته على استفتاء حول أهمية كتاب نهج البلاغة- على ضرورة أن يطبق رجال الحكم من المسلمين ما بيّنه الإمام علي عليه السلام من وظائف أمثالهم ويقتفوا أثره ويتبعوا خطاه في سلوكهم وأعمالهم.
ونشر الموقع الرسمي لمكتب سماحة السيد السيستاني “دام ظله” في تاريخ ٢٦/ رجب /١٤٣٣ هـ، نص استفتاء وجه لسماحته حول كتاب نهج البلاغة، جاء فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يرجى التفضل بذكر كلمة حول كتاب (نهج البلاغة)، ودمتم ذخراً للإسلام والمسلمين.
وكانت إجابة سماحة المرجع الأعلى “دام ظله” كالتالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن ما تضمّنه هذا الكتاب الشريف من كلام مولانا أمير المؤمنين (ع) يعدّ في ذروة الكلام -بعد كلام الله تعالى وكلام نبيّه المصطفى(ص)- لما فيه من بيان للمنهج الفطري للتفكر والتأمل في الكون وحقائقه وبيانٍ لأصول الإسلام ومعارفه وإيضاح لحكم الحياة والسنن التي يبتني عليها وتبيينٍ لسبل تزكية النفس وترويضها وتوضيحٍ لمقاصد الشريعة وما بني عليها من الأحكام وتذكيرٍ بآداب الحكم وشروطه واستحقاقاته وتعليمٍ لأسلوب الثناء على الله تعالى والدعاء بين يديه وغير ذلك كثير.
كما انه من جهة أخرى مرآة صادقة للتاريخ الإسلامي وما وقع فيه من الحوادث بعد النبي (ص) خاصة في زمن خلافة الإمام (ع) ويتضمن جانباً مهماً من سيرته وخلقه وسجاياه وعلمه وفقهه. وحريّ بالمسلمين عامة أن يستنيروا في أمور دينهم تعلماً وتزكية بهذا الكتاب ويهتموا -ولا سيما الشباب منهم- بمطالعته والتدبر فيه وحفظ طرف منه، كما يجدر بمن يدّعون محبة الإمام (ع) ويتمنون أنهم لو كانوا في عصره، ليستمعوا إلى مواعظه ويهتدوا بهديه ويسيروا على نهجه، وأن يفعلوا ذلك في ضوء ما ورد في هذا الكتاب.
ولقد قال (ع) في حرب الجمل أنه حضره في هذه الحرب قوم من الناس لم يزالوا في أصلاب الرجال وأرحام النساء. وإنما عنى بذلك الذين علّم الله منهم صدق النية فيما يتمنونه من الحضور في زمانه والاقتداء به في أفعاله، وهم الذين سيحشرون مع أوليائه (ع) يوم يحشر كل إنسان خلف إمامه، وذلك لأنهم عملوا بما علموه من الحق من غير أن يعتذروا عن ذلك بالشبهات ويزيّنوا انتماءهم إليه (ع) بالأماني.
وينبغي لرجال الحكم من المسلمين أن يطبقوا ما بيّنه من وظائف أمثالهم ويقتفوا أثره ويتبعوا خطاه في سلوكهم وأعمالهم وليقدّروا في أنفسهم أنهم بمثابة ولاته وعمّاله ليظهر لهم مقدار التزامهم بنهجه وتأسّيهم به.
نسأل الله العلي القدير أن يأخذ بأيدي الجميع إلى إتّباع الهدى واجتناب الهوى انه ولي التوفيق.
علي الحسيني السيستاني
٢٦/ رجب /١٤٣٣ هـ