شفقنا العراق-متابعة-عادت خطط حلف شمال الأطلسي (الناتو) لرفع قوتها العسكرية في العراق إلى الواجهة من جديد في ظل غياب العراق عن الأولويات الأمريكية وكذلك تخفيض قواتها بقرار سابق من إدارة ترامب، ويبدو إن الحديث عن زيادة عدد قوات الناتو في العراق هو خطة أوروبية شاملة لملأ الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأمريكي المتوقع.
وتأتي هذه الخطط لتوسيع مهمة الحلف في العراق مع تصاعد العنف والتوتر بين القوات الأميركية وعدد من الميليشيات العراقية منذ استشهاد القائد العسكري الإيراني البارز قاسم سليماني في بغداد في الثالث من يناير 2020 في هجوم بطائرة أميركية مسيرة.
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين قولهم إن مهمة الحلف، التي تشارك فيها بريطانيا وتركيا والدنمرك ويقودها قائد دنمركي، تجد قبولا بين العراقيين مقارنة بالقوة الأميركية، في وقت تتزايد فيه الأوضاع الأمنية اضطرابا.
وكان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبيرغ، قد أعلن في مؤتمر صحفي، الخميس الماضي، أن الحلف قرر زيادة أفراد بعثته في العراق من 500 إلى 4 آلاف عنصر، ما يمثل زيادة بثمانية أضعاف، دون ذكر توقيت ذلك.
وكانت الإدارة الأميركية السابقة خفضت عدد القوات في العراق إلى 2500 جندي.
ومنذ أكتوبر 2018، يحتفظ حلف الأطلسي بمهمة غير قتالية “للتدريب والمشورة” في بغداد، حيث يقدم التدريب والإرشاد لأعضاء المؤسسات الأمنية والقوات الحكومية العراقية.
وأضاف ستولتنبرغ أن “عديد قوات الحلف سيرتفع تدريجيا من 500 عنصرا إلى نحو 4 آلاف وسيمتد انتشارهم إلى مناطق خارج بغداد”، وأكد أن “مهمة الناتو في العراق هي بطلب من الحكومة العراقية وبالتشاور معها”، مبينا أن “الأشهر المقبلة ستشهد تعزيزا للبعثة وينبغي أن تسمح للعراقيين بتحقيق الاستقرار في بلدهم”.
وأشار إلى أن زيادة قوات الناتو ستكون تدريجية وتأتي بناء على طلب الحكومة العراقية.
ورحب أوستن “بالدور الموسع” لمهمة الناتو في العراق، وفقًا لقراءة المناقشات التي قدمها البنتاغون. وأعرب عن ثقته في أن كل العمل الذي تم إنجازه حتى الآن مع الحكومة العراقية وقوات الأمن العراقية سيؤدي إلى مهمة مكتفية ذاتيا.
ويقول حميد رضا عزيزي، الزميل الزائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن القرار المرتقب للناتو يؤكد عدم نجاح “الضغوط المستمرة التي تمارسها الجماعات المسلحة لطرد القوات الأجنبية من العراق”، وأضاف قائلا: “قد تقيد واشنطن دورها في العراق لاعتبارات لوجستية وأمنية، لكن الناتو سوف يملأ الفراغ”.
العمليات المشتركة: نحتاج إلى تدريب ودعم وليس لقوات
من جهته بين المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، ان بعثة الناتو غير قتالية وتدريبية ورفع قدرات القوات العراقية بينما التحالف الدولي مهمتها قتالية وتحديداً القصف الجوي، وان الأرقام بشأن زيادة قوات الناتو الإضافية غير الدقيقة”، مؤكدا إن “بعثة الناتو هي ليست قوات ونحتاج الى تدريب ودعم في ضربات القوة الجوية والاستخبارات والتسليح”.
وقال الخفاجي ‘ن “عدد بعثة الناتو حالياً 500 عنصر ولديهم مهام تدريبية ورفع العدد سيكون عبر القنوات الرسمية ، ومن السابق لأونه الحديث عن وصول قوات إضافية للناتو، والتحديات الأمنية على الأرض تحدد عناصر الناتو، وان رئيس حلف الناتو لم يوفق بتصريحه بشأن العدد الإضافي المقرر إرساله للعراق”.
رفض بين الأوساط النيابية
في هذا الإطار، أكد القيادي في ائتلاف دولة القانون رعد الماس، إن “قرار حلف الناتو الأخير بزيادة عدد جنوده في العراق وفق ما تناقلته وسائل الإعلام غير مدروس وسيؤدي الى تؤترات كبيرة في البلاد والمنطقة”، مؤكدا بان “العراق ليس بحاجة لأي قوات أجنبية إضافية على أراضيه وهو بالأساس لديه قرار رسمي بإخراج كل القوات الأجنبية وليس زيادتها”.
وأضاف، إن “دخول أي قوة أجنبية للعراق دون موافقة رسمية من الحكومة والبرلمان لأي سبب يمثل انتهاكا للسيادة الوطنية وهو أمر مرفوض وستكون تداعياته خطيرة جدا”، لافتا إلى أن “الناتو إذا كان عازما على دعم العراق فالملف الاقتصادي موجود من خلال دعم إعمار المناطق المتضررة من الإرهاب أو دعمنا في مواجهة جائحة كورونا”.
كذلك اعتبر المتحدث باسم تحالف الفتح النائب نعيم العبودي إن زيادة عدد قوات الناتو ذريعة لزيادة دور القوات الأمريكية في العراق، لافتا إلى إن قوات الناتو لن تدخل إلى العراق والبرلمان سيمنعها، موضحا إن زيادة عدد قوات الناتو أمر مرفوض من الكتل البرلمانية”.
كما اعتبر النائب محمد البلداوي، قرار حلف الناتو بزيادة عديد قواته في العراق بأنها فبركة أمريكية لبقاء القوات الأجنبية في العراق واصفا القرار بأنه أشبه بخروج من الباب والدخول عبر الشباك، مضيفا إن ”العراق ليس بحاجة إلى قوات أجنبية إضافية”، مبينا إن ”حلف الناتو لو كان جادا في الرغبة بتطوير القدرات الأمنية في البلاد فعليه تزويد القوات الأمنية بالمعلومات الاستخبارية وبالأسلحة المتطورة وبالأخص أسلحة الدفاع الجوي”.
قانونيا، أوضح الخبير القانوني علي التميمي، أنه “لا يوجد نص أو اتفاقية تحدد عدد القوات الأجنبية الموجودة في العراق سواء قوات التحالف أو حلف الناتو، لكن الأمر متروك للحكومة العراقية هي التي يحق لها إن توافق على دخول هذه القوات أو رفضها”.
وأضاف إن “الحكومة العراقية بإمكانها الخروج من التحالف الدولي بطلب من مجلس الأمن لإنهاء التواجد الأجنبي في العراق، لان تواجد هذه القوات كان بموافقة مجلس الأمن الدولي بعد طلب الحكومة العراقية”، مبينا إن “أي جندي أجنبي لا يمكنه الدخول للعراق من دون الحصول على موافقة الحكومة العراقية وفقا لما تم الاتفاق عليه في مجلس الأمن”.