خاص شفقنا-يوافق 10 رجب ذكرى ولادة الإمام الجواد (ع)، فكان وليداً مباركاً حتى قال فيه أبوه الإمام الرضا (ع): «قد وُلِد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم، قُدست أمّ ولدته.
ويلفت أستاذ الحوزة العلمية الشيخ حسان سويدان إلى أن “للإمام الجواد “ع” محطة بارزة في إمامته تختلف عن إمامة الأئمة الذين تصدوا لمنصب الإمامة العظيم قبل الإمامة الإلهية وهي تصديه للإمامة وهو في الثامنة من عمره الشريف، وهي فاتحة غير مسبوقة في عهد التصدي الفعلي للقيامة الربانية”.
الإمام الجواد يتصدى لفقهاء عصره وهو في سن الثامنة
ويضيف في حديث خاص لوكالة “شفقنا”: “صحيح إن الله تعالى قد آتى الحكم صبيا ليحيى “ع” وانطق عيسى “ع” في المهد، لكن الإمام الجواد تصدى للإمامة بكل مفاعيلها بعد أبيه الإمام الرضا “ع” في ظل مؤامرة حاكها طاغوت زمانه المأمون العباسي، حيث حاول أن يخمد حركة الإسلام الأصيل الذي يمثله أهل البيت “ع”، وذلك بادعائه تكريم الإمام الرضا “ع” والإتيان به قهرا إلى خراسان ليتولى ولاية العهد بحركة ظاهرها التكريم وباطنها المحاصرة للإمام، والأهم لفكر الإمامية لما يمثله الإمام “ع”، وحاول كسر هذا الفكر من خلال استدعائه كبراء أهل الأديان من مختلف الأديان والمذاهب الفكرية ما برز من خلاله مناظرات معروفة”.
وتابع “هذا الوضع، حاول المأمون أن يمرره في زمن الإمام الجواد “ع” وبالأخص هذه المرة داخل البيئة الإسلامية، من خلال الإتيان بكثير من فقهاء السلاطين والبلاط في محاولة لكسر شوكة فكر محمد “ص” وأهل البيت “ع”، من هنا جاء بعض الفقهاء وطرحوا مسائل صعبة وعسيرة وهي محل جدال فقهي كبير بين علماء المسلمين وكبار فقهائهم على الإمام الجواد وهو في سن الثامنة أو التاسعة من عمره الشريف، التي كان الإمام يخرج منها دائما في أعلى درجات الرقي الفكري والنظري، فحجّ وخاصم ودمغ أعاظم الفقهاء ممن كانوا في سن السبعين أو الثمانين ويُطرحون من قبل الدولة على أنهم المرجعية الفكرية لهذه الأمة ما مكّن الإمام الجواد “ع” بعد أبيه الإمام الرضا “ع” من إبراز حقانية أهل البيت “ع” على المستوى النظري وعلى المستوى الفكري”.
الإمام الجواد يبين كتلة التشيّع ككتلة واحدة موحدة
“وما فتئ الإمام الجواد “ع” يبين لكتلة التشيع التي رعاها آباؤه الطاهرون على المستوى العلمي والثقافي والسياسي ككتلة واحدة موحدة عليها الانصهار في الجو الإسلامي العام من جهة وحفظ كيانها وشعائرها ومعالمها من جهة أخرى”، يشير فضيلته، مؤكدا وجود وصايا هامة جدا مجتمعية وسياسية للإمام “ع” شأنه في هذا الشأن آباؤه “ع”، تثبت حقانية مذهب أهل البيت وحقانية إمامتهم، وتدعو في نفس الوقت لتوحيد كلمة الأمة الإسلامية على مستوى السياسة الاجتماعية والحياة الاجتماعية حيث رعى الإمام الجواد النبتة التي غرسها آباؤه ومضى عمليا في النهج الذي كانوا عليه”.
واكد أن “المأمون لم يكن غافلا عن هذه الحركة الناعمة للإمام، كما انه لم يكن غافلا عن حركة أبيه من قبل ما جعله يقرر في اللحظة المشؤومة أن يتخلص من الإمام الجواد “ع”، وقد وضع عليه عينا داخل داره وهي ابنته الملقبة بأم الفضل التي عرض المأمون شخصيا تزويجها من الإمام “ع” فأمرها أن تدس السم للإمام، ليختم المأمون هذه الحقبة شأنه شأن الطواغيت الذين سبقوه من بني العباس وبني أمية في هذا المجال”.
تعاليم الإسلام مادة ثرية في فكر الإمام الجواد
ويلفت الشيخ سويدان إلى أن “الهجمة الآن من قبل التيارات التكفيرية لا تختص بالفكر الشيعي، بل ان الهجوم هو على أساس دين محمد “ص”، وهذه الحركة ليست حركة عسكرية فقط، وما يمارس اليوم من ممارسات خاطئة تعطي انطباعات في كل العالم خاطئة عن أساس دين ومنهج المصطفى “ص”، ولم يستطع ان يدافع في مقابل هذه الهجمة الشرسة على القرآن الكريم والنبوة إلا الذين حملوا المنهج الإسلامي الأصيل منهج أهل البيت “ع”.
وختم بالقول: “إن المدافعين الآن أمام هؤلاء التكفيريين في الساحات الإسلامية العظيمة في العراق العزيز وفي سوريا أو في اليمن أمام داعش، هم في الحقيقة لا يدافعون عسكريا وجغرافيا فقط، إنما يكبحون جماح من يحرف دين محمد “ص” وتعاليم أهل البيت وبالأخص تعاليم الإمام الجواد “ع” في الدعوة والحكمة والموعظة الحسنة لجميع البشرية لإماطة اللثام عن الإسلام المحمدي السليم والأصيل كما جاء به من عند الله تعالى، ولن نجد له المادة الثرية إلا في فكر الإمام الجواد وفكر أهل البيت “ع”.