شفقنا العراق-متابعة-بلا ترميم للبيت الشيعي، طبقاً للدعوة التي كان أطلقها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فاجأ «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، القوى الشيعية، بدخوله الانتخابات بتشكيلته نفسها التي دخل بها انتخابات عام 2018، زائداً المجلس الأعلى بزعامة همام حمودي.
وفيما كان زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، دعا إلى بناء تحالف عابر للمكونات، فإن «تحالف الفتح» حسم الجدل بشأن كلا الدعوتين: دعوة الصدر الخاصة بالبيت الشيعي، ودعوة الحكيم الخاصة بالبيت العراقي.
رئيس كتلة تحالف الفتح في البرلمان العراقي محمد الغبان، قال إن “المكون الشيعي يشكل الأغلبية لدى العراقيين”، مبينا أن “انسجام الأغلبية الشيعية السياسية يسهم في لملمة بقية المكونات الشيعية الأخرى“، لافتا أن “ترميم البيت الشيعي الهدف منه الدفع باتجاه لملمة أوضاع البلاد الداخلية ومعالجة الأزمات وما يواجه العراق من تحديات مالية واقتصادية وصحية“، داعيا القوى السياسية الشيعية الى “الإسراع بترميم البيت الشيعي من أجل الانطلاق على الفضاء الوطني الآخر”.
وكان القيادي في «تحالف الفتح» والنائب في البرلمان عن «كتلة الصادقون» البرلمانية نعيم العبودي، أعلن في تغريدة على «تويتر»، أن «المكتب الانتخابي للتحالف أعلن رسمياً عن قرار خوضه الانتخابات المقبلة بمكوناته السابقة، وضمن قائمة موحدة»، مبيناً في الوقت نفسه أن هذه الخطوة تعبر عما سماه «المنافسة الشريفة سعياً لبناء العراق».
ويضم «تحالف الفتح»، «منظمة بدر» بزعامة هادي العامري الذي أصبح الأمين العام للتحالف، وكتلة «صادقون» التابعة لـ«عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي، وكتلة «سند» بزعامة أحمد الأسدي، و«المجلس الأعلى» بزعامة همام حمودي الذي يدخل للمرة الأولى إلى هذا التحالف.
وفيما يتوقع المراقبون أن تبدأ باقي القوى الشيعية الرئيسية (ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي و«سائرون» المدعومة من مقتدى الصدر، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«ائتلاف النصر» بزعامة حيدر العبادي)، بإعادة النظر في سياق عملها بعد إعلان «الفتح» تشكيلته للانتخابات المقبلة، فإن الحملة المقبلة سوف تشهد تنافساً كبيراً، كون كل هذه القوى تتنافس على المحافظات نفسها، بدءاً من بغداد إلى البصرة جنوباً.
مع ذلك فإن الحكيم، وخلال حضوره القداس الخاص بميلاد السيد المسيح الذي أقامته عدد من كنائس بغداد، جدد التأكيد في كلمته التي ألقاها على أهمية التحالف العابر. وفي هذا السياق، قال الحكيم إن «الانتخابات المبكرة تمثل فرصة لمعالجة التحديات والمحن وتحويلها إلى منح»، مجدداً موقفه الداعم «لبناء تحالف عابر للمكونات بوصفه يمثل معادلة النجاح لإنهاء الأزمة السياسية».
التيار الصدري، طبقاً لما أعلنه صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، بدأ بوضع المعايير الخاصة بمرشحيه للانتخابات المقبلة بعد أن بدا أن لم تلق دعوة الصدر إلى ترميم البيت الشيعي آذاناً صاغية من زعامات هذا البيت.
وقال ممثل الصدر مخاطباً الصدريين، إنه في الوقت الذي يحق لهم الترشيح للانتخابات المقبلة، إلا أنه هذه المرة يريد «مرشحاً صدرياً خالصاً، بما في ذلك إخضاعه لإجراء بعض الاختبارات في الأحكام الشرعية والعقائدية واللغة والسياسة والخطابة وغيرها من الأمور».
وحول إعلان «تحالف الفتح» خوضه الانتخابات بتشكيلته نفسها، يقول الدكتور نعيم العبودي عضو البرلمان العراقي عن «الفتح»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحالف الفتح لا يزال كتلة متماسكة داخل البرلمان، لكن الجديد في إعلان منتخبه الانتخابي العمل بموجبه أن قانون الانتخابات هذه المرة يختلف عن القانون السابق، وهو دوائر متعددة، وبالتالي دخول كتل وأحزاب في التحالف تكون معقدة في مشاركة هذه الأحزاب في هذه الدوائر»، مبيناً أن «قيادات (الفتح) اتفقت على آلية معينة لخوض الانتخابات المقبلة، وهي الدخول ككتلة وتحالف في الانتخابات، مع مراعاة طبيعة الدوائر التي تضمنها القانون الجديد».
وبشأن دعوة الصدر إلى ترميم البيت الشيعي، و«الفتح» جزء من هذا البيت، يقول العبودي إن «بشأن دعوة الصدر إلى ترميم البيت الشيعي، نرى أن الحوارات مهمة على هذا الصعيد، لأن ترميم البيت الشيعي يمكن أن ينعكس إيجاباً على باقي البيوت، لكن نحتاج في الواقع إلى حوارات معمقة بهذا الاتجاه، بالإضافة إلى وضوح بالرؤى في هذا المجال».
إلى ذلك أكد السياسي العراقي نديم الجابري، أن التيار الصدري «تراجع عن ترميم البيت الشيعي» مثلما أن «اهتزاز العملية السياسية دفع البعض لطرح عقد جديد»، وأكد أن «القوى الحالية غير قادرة على المراجعة والتصحيح».
وفي ظل الحراك الصدري، أعلن الناشط في تظاهرات الناصرية، علاء الركابي وعدد من الناشطين في حراك تشرين عن تشكيل “البيت الوطني” لخوض الانتخابات المبكرة، إلا أن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي استبعد أن يحصل حراك تشرين على شيء يذكر في الانتخابات المقبلة.
وتبدو عودة ” البيت الشيعي” كفكرة، صعبة التحقق في ظل إصرار غالبية القوى السياسية الشيعية التقليدية منها، والناشئة على خوض الانتخابات.
ويقول النائب عن سائرون، رياض المسعودي، إن ”عدم تفاعل القوى السياسية الشيعية مع دعوة البيت الشيعي جاء لأغراض انتخابية وقد تم استهدافها بأشكال عدة”.
كذلك أكّد القيادي في تيار “الحكمة”، فادي الشمري، أن القوى “الشيعية” اتفقت على عدم التصعيد فيما بينها، غير أنها لم تتفق على خوض الانتخابات بقائمة واحدة، موضحاً في إيجاز صحافي أن هناك تفاهماً على عدم التصعيد الإعلامي بين الأطراف، وضرورة التوافق بشأن مجموعة من البنود التي تحفظ العملية السياسية والنظام الانتخابي، والقبول بنتائج الانتخابات أياً كانت.
المتحدث السياسي باسم عصائب أهل الحق، محمود الربيعي، يرى أن المواطن يحمّل الكيانات السياسية الشيعية تردي الأوضاع الحالية في البلاد، مشيراً إلى أن الكتل الشيعية تهدف الى تشكيل “الكتلة الأكبر” من خلال ضم قوى سياسية من كل المكونات ولا تقتصر على المكون الشيعي فقط.
وأضاف الربيعي أن “جميع الكيانات الشيعية الكبيرة تهدف الى الحصول على هذا المنصب، وهذا الأمر طبيعي، في ظل التقسيمات التي جرت عليها العادة منذ 2003″، لافتا إلى أن “تحالف سائرون يرى أن لديه القدرة على ضمان الحصول على الكتلة الأكبر في الانتخابات المقبلة”.
وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 12 أيار 2018، قاد الصدر بشكل غير مباشر تحالف سائرون، الذي ضم عدداً من الكيانات السياسية وهي حزب الاستقامة التابع للتيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي وخمسة أحزاب أخرى وحصد 54 مقعداً في مجلس النواب.
ومن المزمع أن تجري الانتخابات المبكرة في العراق في السادس من حزيران المقبل، وفق قانون جديد بدلاً من التصويت على اللوائح، إذ سيتم التصويت على الأفراد وتقليص نطاق الدوائر الانتخابية، لكن غالبية المراقبين يتوقعون تأجيل موعد الاقتراع بضعة أشهر على الأقل، ويرجح خبراء أن يستفيد الصدر ومرشَحوه من قانون الانتخابات الجديد.