شفقنا العراق– إعتبر بعض المراقبين أن التحركات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي المحتلة على الجبهة الشمالية على طول الحدود اللبنانية، وكذلك في المناطق المتاخمة لقطاع غزة، ذريعة للکيان لشن عمليات هجومية في المستقبل القريب.
وكتبت أسبوعية “مكور ريشون” الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة كبيرة في غزة، وأن إحدى وحدات الجيش الإسرائيلي قد أجرت مؤخرًا تدريبات استمرت ثلاثة أيام بأهداف مختلفة في جنوب فلسطين المحتلة.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي “داود شهاب”، أمس: إنه “بحسب تقديراتنا، يعتزم الکيان الصهيوني الاعتداء على المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، خاصةً عشية رحيل دونالد ترامب وتحوُّل السلطة إلى جو بايدن”.
وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية قد ذكرت في وقت سابق، أن الجيش الإسرائيلي أجرى في 25 تشرين الأول / أكتوبر تدريبات واسعة النطاق تحت عنوان “الرصاص القاتل” بالقرب من حدود الأراضي المحتلة مع لبنان وسوريا، مما أدى إلى رفع حزب الله حالة التأهب إلى أعلى مستوى ممكن.
وكانت هذه التدريبات، التي تضمنت طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر هجومية وسفناً حربيةً وكذلك تحركات للقوات البرية، تهدف إلى محاكاة الحرب مع حزب الله.
دوافع نتنياهو العلنية والسرية
إن جهود نتنياهو داخل الأراضي المحتلة وخارجها في الأسابيع الأخيرة، قد تأثرت بشدة جراء الأزمات القانونية والسياسية التي يواجهها، کما أن موقفه السياسي مهدد بشدة أيضاً.
ويأتي اللقاء مع بن سلمان، واغتيال العالم النووي الإيراني “محسن فخري زاده”، ومحاولة حل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة، كلها في سياق استعداد تل أبيب لرحيل ترامب كداعم كبير لنتنياهو.
وفي ظل هذه الظروف، من المؤكد أن نتنياهو ليس قلقًا بشأن استمرار دعم البيت الأبيض للکيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، بالنظر إلى صداقة بايدن طويلة الأمد مع الصهاينة، وحتى يری بايدن فرصةً لإقناع الفلسطينيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات، لإضفاء الشرعية على الأعمال غير القانونية التي تمت في حقبة ترامب، وما ترتب على ذلك من عودة ظهور الانقسام بين الفلسطينيين وتقليل الضغط الدولي على تل أبيب.
في غضون ذلك، يمكن القول إن تحرك نتنياهو المحتمل لخلق توترات مسيطَر عليها مع فصائل المقاومة في غزة أو لبنان، يأتي لتحقيق ثلاثة أهداف.
الهدف الأول هو بالتأکيد محاولة من قبل القادة الصهاينة لمنع القوات الأمريكية من مغادرة المنطقة، والذي بدأ في عهد ترامب.
في الواقع، على الرغم من أن حکومة نتنياهو كانت معارضةً بشدة لخطوة ترامب للانسحاب من المنطقة، إلا أنها لم تعارض ترامب علنًا بسبب دعم ترامب غير المسبوق للمصالح الصهيونية في فلسطين ومرتفعات الجولان، وكذلك سياسته في الضغط على المقاومة وأذرعها الإقليمية.
ويقدِّر الصهاينة أن هذا الاتجاه سيستمر في عهد بايدن مع بعض التغييرات، وأن هذا الأمر يشكل تهديدًا خطيرًا لأمن الکيان الصهيوني، خاصةً إذا تم التخلي عن سياسة الضغط الأقصى ضد إيران. ونتيجةً لذلك، فإن الإقدام علی خلق أزمات مسيطر عليها ضد فصائل المقاومة، يمكن أن يوقف انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة.
من ناحية أخرى، قد تدعو إدارة بايدن إلی تأجيل ضم المستوطنات المحتلة في الضفة الغربية لإقناع الفلسطينيين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، بينما يرى نتنياهو أن خطة الضم هي إحدى أوراقه الرابحة في الانتخابات المقبلة وتجنب الملاحقة القضائية في قضايا الفساد.
وفي هذه الظروف، فإن التحريض على الحرب هو خيار سيجبر فريق بايدن على إعلان دعمه للصهاينة، بالنظر إلى اللوبي السياسي والإعلامي الصهيوني القوي في الولايات المتحدة.
أما الهدف الثالث لنتنياهو فيمکن النظر إليه من البعد الداخلي، حيث تظهر استطلاعات الرأي أنه في حال إعادة إجراء الانتخابات في الأراضي المحتلة، لا يزال يتعين علی حزب الليكود وتيار اليمين المتطرف التحالف مع المعتدلين.
وفي ظل هذه الأجواء، يجد نتنياهو بطبيعة الحال أن الحرب المسيطر عليها مفيدة جدًا لتعبئة الرأي العام لدعم الفصائل اليمينية والمتطرفة.
المقاومة الجاهزة شوکة في أعين الصهاينة
تأتي اعتداءات الکيان الصهيوني في السنوات الأخيرة في وضع تزايدت فيه القدرات العسكرية لفصائل المقاومة في لبنان وغزة، حيث أفادت مصادر مختلفة في الأراضي المحتلة بأن جيش الکيان غير مستعد لدخول حرب واسعة أخرى.
على سبيل المثال، ذكرت أسبوعية “ماكور ريشون” الصهيونية في تقريرها الأخير، عدم قدرة نظام القبة الحديدية للکيان على الصمود في وجه موجة هجمات حماس الصاروخية. ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن قوات المقاومة في غزة قد تستخدم طائرات بدون طيار مزودة بصواريخ دقيقة لمهاجمة القبة الحديدية.
ويبلغ ضعف الصهاينة أمام قوة فصائل المقاومة لدرجة، أن قناة “المنار” اللبنانية قد بثت في الحلقة الأخيرة من وثائقي “أسرار التحرير الثاني” يوم الجمعة الماضي، لقطات کانت قد التقطتها طائرة مسيرة للمقاومة اللبنانية.
تم التقاط هذه الصور بطائرة مسيرة تابعة لحزب الله اللبناني، من مراكز القيادة العسكرية في منطقة “الجليل” ومزارع “شبعا” المحتلة.
هذا الحادث الذي کان في الواقع رسالة تحذير للصهاينة حول الإشراف الاستخباراتي لحزب الله على التحركات العسكرية للجيش الصهيوني، قد وقع بحسب صحيفة “الأخبار” في حين لم تتمكن أي من رادارات جيش الکيان الصهيوني من رصد هذه الطائرة، رغم حالة التأهب القصوى.
کما تجلى ضعف أنظمة الدفاع الصهيونية حتى أمام صواريخ حماس، في الهجمات الصاروخية التي شنتها حماس على مستوطنة “عسقلان” الصناعية في الأراضي المحتلة في أوائل كانون الأول، بحيث أعلن قائد سلاح الجو الصهيوني “أميكام نوركين” عدم قدرته على شرح أسباب ذلك، بعد أن لم يتم اعتراض القبة الحديدية للصواريخ التي أطلقت من غزة.
ويمكن أن يتفاقم هذا الخطر بالنسبة لنتنياهو، عندما تحذر فصائل المقاومة من تحويل أي اعتداء إسرائيلي جديد إلى حرب شاملة مع جبهات متعددة ضد فلسطين المحتلة، من لبنان وسوريا وغزة، والتي يمكن أن تتحول إلى انتحار سياسي لنتنياهو بدلاً من طوق لنجاته.
النهاية