شفقنا العراق-متابعة-مع إعلان لجنة تعديل الدستور المُشكّلة في البرلمان العراقي عن إكمال عملها، الأسبوع الماضي، تكون الخطوة الأولى للتعديل قد انتهت، ويتبقى استكمال خطوتين أساسيتين أخريين بحسب الدستور، وهما موافقة مجلس النواب، بأغلبية ثلثي أعضائه، على التعديلات، ثم طرحها للاستفتاء الشعبي، لتكون سارية المفعول، ما لم يعترض عليها المصوتون في 3 محافظات.
وقال مقرر لجنة التعديلات الدستورية صائب خدر إن “لجنة التعديلات الدستورية عقدت اجتماعا مهما بغية تقديم تقريرها النهائي إلى رئاسة البرلمان الأسبوع المقبل”، مضيفا أن “الاجتماع اليوم هو لمناقشة التعديلات المقترحة من السادة النواب، فضلا عن مناقشة المادة ١٤٠ وهذه المادة فيها آراء مختلفة من قبل القوى السياسية والمكونات الأخرى”، مشيرا إلى أن “آراء القوى بشان المادة ١٤٠ توزعت بين الإلغاء والتعديل والإبقاء”، لافتا إلى أن “لجنة التعديلات الدستورية حريصة على تقديم تقريرها النهائي إلى رئاسة البرلمان الأسبوع القادم”.
في السياق، أعلنت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب العراقي، فيان صبري، ان المادة 140 من الدستور صيغت لحل مشاكل كركوك والمناطق المتنازع عليها على ثلاث مراحل هي التطبيع والتعداد السكاني والاستفتاء، وكانت المادة قد حددت سقفاً زمنياً لتطبيقها ينتهي مع نهاية العام 2007، لكن لم يطبق من هذه المادة غير قسم من المرحلة الأولى ولم تتخذ خطوات إضافية لتطبيقها.
وأشارت صبري إلى وجود اختلافات في الرأي حول المادة 140 الدستورية، وأن “النواب الشيعة والسنة الذين شاركوا في الاجتماع طلبوا حذف هذه المادة، لكن النواب الكرد تمسكوا ببقاء المادة كما هي في الدستور”.
وبحسب رئيس لجنة التعديلات الدستورية فالح الساري، فإن اللجنة انتهت من جميع التعديلات الدستورية، مقراً، في الوقت ذاته، “بوجود خلافات متعلقة ببعض القضايا التي تتطلب وجود توافق سياسي بشأنها”، في إشارة إلى الكتل الرئيسية في البرلمان.
وأكد نائب مشارك في حوارات تعديل الدستور، أن اللجنة ناقشت الكثير من القضايا الجدلية، وحاولت التوصل إلى تفاهمات بشأنها. وبيّن أن أبرز ما تم الاتفاق عليه هو أن يكون من حق الكتلة الانتخابية، التي تشكلت قبل الانتخابات، وتمكنت من الفوز فيها، تشكيل الحكومة، وليس الكتلة التي تتشكل عند انعقاد أول جلسة للبرلمان بعد الانتخابات. وهذا التعديل سيقضي على معضلة الكتلة الكبرى التي يشهدها العراق بعد كل انتخابات.
يشار إلى أن المادة 76 تمنح الكتلة البرلمانية الكبرى حق تشكيل الحكومة، من دون أن تحدد بشكل دقيق معايير هذه الكتلة. وأدى هذا الأمر إلى وجود رأيين في الأوساط السياسية، الأول يقول إنها الكتلة التي تشكلت قبل الانتخابات، بينما يرى الآخر أنها التي تشكلت عند أول جلسة للبرلمان، من خلال التحالف بين عدة أحزاب فائزة.
وهذا الرأي، الذي أيدته المحكمة الاتحادية في انتخابات 2010، تسبب حينها بخسارة اياد علاوي منصب رئاسة الوزراء، على الرغم من فوز كتلته “العراقية” بأكبر عدد من المقاعد، وذهاب المنصب إلى نوري المالكي الذي تمكن من تشكيل الكتلة الكبرى، رغم أن ائتلافه دولة القانون جاء ثانياً من حيث عدد المقاعد البرلمانية.
في المقابل، اعتبر رئيس الكتلة الوطنية في البرلمان كاظم الشمري، أن لجنة التعديلات الدستورية عادت إلى التفسير المنطقي للمادة 76 من الدستور، التي سبق أن فسرتها المحكمة الاتحادية تفسيراً خاطئاً أدخل البلاد في نفق مظلم، وهو أهم ما في التعديلات المرتقبة.
وبيّن أن هذا التفسير جلب الويلات للبلاد، وأوضح أن مفهوم الكتلة الكبرى، بموجب التعديلات الدستورية المقترحة، هي الكتلة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد، وهذا معمول به في كل دول العالم، مشيراً إلى عدم وجود عدالة في تجمع عدد من الكتل الصغيرة في الجلسة الأولى للبرلمان لتقول إنها الكتلة الكبرى.
من جانبه، قال النائب السابق ماجد شنكالي، أنه “في كل دول العالم يوكل إلى الكتلة الفائزة الأولى حق تشكيل الحكومة”، وأشار إلى أن الحاجة إلى الكتلة الكبرى موجودة في كل الأحوال، لأن لا أحد في العراق يستطيع الحصول على 166 مقعداً ليشكل الحكومة بمفرده، لذلك نحتاج إلى حكومة تحالفات، لافتاً إلى صعوبة تمرير التعديلات الدستورية ما لم يكن هناك توافق بين القوى السياسية.
ونهاية أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، شكل البرلمان لجنة لتعديل الدستور، ضمّت 18 من أعضائه، ومنحها فترة 4 أشهر لإنجاز التعديلات المطلوبة، في محاولة لامتصاص غضب المتظاهرين الذين طالبوا بتعديلات جوهرية على الدستور. وتتيح المادة 142 من الدستور العراقي تعديله بعد تصويت البرلمان على التعديلات التي تقترحها اللجنة البرلمانية بأغلبية الثلثين، لتعرض بعد ذلك على الشعب باستفتاء شعبي، وتُعتبر لاغية إذا اعترض عليها سكان 3 محافظات.
يذكر أن لجنة التعديلات الدستورية النيابية يرأسها النائب فالح الساري وتضم ثلاثين عضواً ستة منهم من الكرد، وإضافة إلى لجنة التعديلات الدستورية النيابية، شكلت رئاسة جمهورية العراق لجنة للتعديلات الدستورية برئاسة مستشار رئيس الجمهورية، علي شكري، وعضوية 27 خبيراً في الدستور والقانون بينهم خمسة من الكرد.
وكان عضو لجنة التعديلات الدستورية في رئاسة الجمهورية، عبد المحسن سعدون، قد أعلن في وقت سابق أن اللجنة وضعت أفضل الحلول للمادة 140 يتمثل في تنفيذ المادة خلال سنتين من تاريخ المصادقة على التعديلات، ومساءلة الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان في حال تقصير أي منهما في تطبيق المادة.
ويتألف الدستور العراقي من 144 مادة، وتمت المصادقة عليه بموجب استفتاء عام جرى في العام 2005، وشكل مجلس النواب العراقي لمرات لجاناً لتعديل الدستور، لكن كافة محاولات تعديل الدستور فشلت.