خاص شفقنا- لا يحتاج المرء الا لبعض الاصناف ليعترف للجمهورية الاسلامية في ايران، مقاومتها الاسطورية امام كل الضغوط الامنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والنفسية الهائلة وغير المسبوقة، التي تمارسها ضدها امريكا واسرائيل والعديد من الدول الغربية والعربية، لمجرد وقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم.
دول عظمى مثل الصين وروسيا ودول الاتحاد الاوروبي، تصاب بالرعب والخوف لمجرد فرض امريكا زيادة طفيفة على الرسوم الجمركية لصادرات هذه الدول الى امريكا، حيث ترى هذه الدول في هذه الزيادة ضربة قوية توجه الى اقتصادياتها، وتدفعها في الكثير من الحالات الى التراجع امام امريكا في قضايا اقتصادية وسياسية من اجل ارضاء واشنطن.
ايران التي تعتبر من الدول النامية، رغم ما حققته من نهضة علمية وزراعية وصناعية، الا انها مازالت في طور النمو، الا انها لم تتراجع امام امريكا واسرائيل مطلقا، ولم تساوم على مبادئها، وفي مقدمتها نصرة القضية الفلسطينية، رغم كل الضغوط، والتي تضاعفت بشكل لافت في ظل ادارة الرئيس الامريكي المنتهية لايته دونالد ترامب، وكان اخرها اغتيال العالم الايراني الشهيد محسن فخري زاده.
جريمة الاغتيال تزامنت مع تهديدات بضرب اهداف نووية ايرانية وارسلت امريكا حاملة طائرات وبوارج حربية وطائرات بي 52 العملاقة الى المنطقة، وهي اجراءات ، تكفي واحدة منها الى ان تدفع اي بلد للتراجع امام امريكا، ولكن الذي حدث في الحالة الايرانية كان رد الفعل على النقيض تماما، فقد هددت ايران برد الصاع صاعين ، واكدت وعلى اعلى المستويات ان ردها سيكون قاسيا جدا على المحرضين والداعمين والمنفذين للجريمة.
لم تكتف ايرن بالتهديد بالرد على جريمة الاغتيال عسكريا، فقد تحركت على مستوى اخر من الرد ، عندما صادق البرلمان الإيراني الثلاثاء نهائيا على قانون يلزم الحكومة برفع تخصيب اليورانيوم حتى 20%، وبإعادة العمل بمفاعل أراك للماء الثقيل، كما كان عليه قبل الاتفاق النووي عام 2015.
حيث الزم القانون منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بتخصيب اليورانيوم بمستوى 20% وبكمية 120 كيلوغراما سنويا، في محطة فوردو النووية. كما الزم الحكومة بتركيب ألف جهاز طرد مركزي من طراز “اي ار -2ام” لتخصيب اليورانيوم، في منشاة نطنز النووية تحت الأرض، وتركيب الف جهاز من اجهزة الطرد المركزي من طراز اي ار6 في محطة فوردو النووية.
واللافت ايضا في القانون انه يلزم الحكومة بإيقاف العمل بالبروتوكول الإضافي في حال لم تعد العلاقات المصرفية مع العالم إلى طبيعتها ورفع القيود عن الصادرات النفطية بعد شهرين من إقراره.
اغلب المراقبين للتصعيد الامريكي الاسرائيلي ضد ايران، كانوا يعتقدون ان الاخيرة ستبتلع جريمة اغتيال العالم فخري زادة، بعد الضغوط الاقتصادية المهولة التي مارسها ترامب ضدها والتي طالت حتى الدواء والغذاء في ايران، وكذلك في ظل ارسال حاملة الطائرت والبوارج الحربية، ولكن ما شهدناه يتناقض بالمرة مع اعتقاد هؤلاء المراقبين. فمهما كانت نتيجة المواجهة بين ايران وبين امريكا واسرائيل، وما اذا كان بإمكان ترامب تحمل ندية ايران الى الاخير، وما اذا كانت ايران ستفرض نديتها على ترامب كما فرضتها على من سبقوه من رؤساء ،فإن الندية التي تتعامل بها ايران مع اقوى قوة عسكرية واقتصادية وسياسية في العالم، تجعل المراقب المنصف لا يملك الا ان يرفع القبعة لايران، على صمودها وصبرها وكبريائها.
حسين علي