شفقنا العراق-أن الأزمة الاقتصادية والتحديات المالية التي تواجه العراق حاليا تأني لأسباب عديدة أبرزها الأزمات المتراكمة خلال السنوات السابقة والتي أدت إلى هشاشة الاقتصاد العراقي والضبابية وارتباك الرؤية وفقدان المنهجية وسوء إدارة الاقتصاد وإدارة وتوزيع المال العام لذلك نلاحظ ان تراجع أسعار النفط سابقا وأثناء جائحة كورونا وحاليا كشف مدى الضعف الذي يعاني منه الاقتصاد العراقي الريعي، خاصة في القطاعات الإنتاجية غير النفطية، وفي مقدمتها القطاع الزراعي، ويؤشر ذلك إلى أن هناك فجوة كبيرة بين الاهتمام بقطاع الطاقة وبين القطاعات غير النفطية.
ومن التحليل يتضح إن “القطاع الزراعي في العراق لم يسهم بفاعلية في تنويع مصادر الإيرادات طيلة السنوات السابقة بالرغم من المبالغ التي خصصت لتحفيزه ولم تتحقق أهداف المبادرة الزراعية في زمن وفرة إيرادات النفط وذلك مؤشر بشكل واضح في تقارير البنك الدولي وتقارير وزارة التخطيط وأيضا في التشخيص الذي توصلت إليه الورقة البيضاء، بانخفاض حاد في نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي،بالرغم من الجهود المبذولة من قبل وزارة الزراعة خلال عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠ والتي أسهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي في الحنطة وبعض المحاصيل الزراعية الأخرى.
لذلك ومن تحليل واقع القطاع الزراعي نؤكد ضرورة تفعيل إستراتيجية واضحة للارتقاء بالقطاعات الإنتاجية غير النفطية تنسجم مع الحاجة الماسة إلى الانتقال بتنويع مصادر الإيرادات من الاعتماد على النفط إلى الاعتماد على القطاعات غير النفطية”، وضرورة أن يكون هناك تفاعل وتنسيق استراتيجي بين هذه القطاعات الحيوية بما يحقق الأمن الغذائي من جانب ويرفع معدلات النمو من جانب آخر، ويعزز من الموارد”. وأن تبدأ الحكومة بالإشراف والرقابة المباشرة على تنفيذ برنامج واضح لهذا الغرض في عام ٢٠٢١.
إن “القطاع الزراعي يعاني من مشكلات جمّة باتت أكثر وضوحاً مع انخفاض أسعار النفط، والتي كانت عاملاً أساسياً في إفشال مشاريع الاستثمارات المحلية والأجنبية، ولم يتم إنجاز شيء مهم نتيجة ظروف البلد وعدم توفر البيئة المناسبة للاستثمار فضلاً عن عدم تطبيق وتفعيل السياسات الزراعية المرسومة في المبادرة الزراعية منذ سنوات مما اثر في عدم تحقيق التطور المطلوب المتمثل بالارتقاء بنسبة مساهمة القطاع الزراعي بالناتج المحلي الإجمالي، ولذلك فإن ميزانية العراق لعام ٢٠٢١ يجب ان تركز على تنويع مصادر الإيرادات وزيادة إيرادات القطاعات الأخرى ومنها القطاع الزراعي”.
لذا نعتقد ضرورة إيجاد حلول جدية بالمشاركة مع القطاع الخاص في إدارة القطاع الزراعي مع قيام الحكومة بتأمين الإمكانات الفنية والمستلزمات والأسمدة والتركيز على الإنتاج الزراعي (الحبوب والفواكه والخضراوات) وتشغيل جميع خريجي كليات الزراعة العاطلين في مشاريع الاستثمار الزراعي وشمولهم بحصة من الإيرادات المتحققة من التسوية للمنتجات الزراعية، للوصول إلى الأهداف الاقتصادية والاجتماعية في التنمية المستدامة”وتحقيق الاستدامة المالية، “وزيادة مشاركة القطاع الخاص باتت ضرورة حتمية، فضلاً عما تساهم به الوزارات ذات العلاقة، والقطاع المصرفي الحكومي والخاص في تمويل عمليات تشييد البنى التحتية لمشاريع زراعية واعدة تعزز الاقتصاد الزراعي ليقف على قدميه من جديد ويواكب المتغيرات الحاصلة على الساحة ويدعم النمو الاقتصادي”.
لانه اصبح ملحا ” تحديد مسارات الإصلاح الاقتصادي لا بد من أن تبدأ من القطاع الزراعي الذي يمتلك مقومات تنمية سريعة وحقيقية، فالأراضي المتوافرة والصالحة للزراعة تكفي لسد حاجة ضعف عدد سكان العراق، ولابد من تشجيع المستثمرين العراقيين والعرب على الاستثمار في القطاع الزراعي في ظل الإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها، وتوافر كافة الاحتياجات اللازمة لنجاح الشركات الراغبة في إقامة مشروعات سواء بصورة منفردة أو بنظام الشراكة مع المستثمرين ، والتأكيد على أن الاستثمار في القطاع الزراعي العراقي سيساعد في تحقيق الأمن الغذائي وسيرفع معدلات النمو ويوفر المزيد من فرص العمل.
سمير النصيري
————————-
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–