خاص شفقنا-بيروت-توقفت حركة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى أديب فيما لا تزال المبادرة الفرنسية قائمة ولكن بتنقيحات جديدة طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطابه الحاد تجاه الثنائي الشيعي، وأبرزها مهلة الأسابيع الستة وتزامنها ضمناً مع الإنتخابات الامريكية.
وفي هذا السياق وحول الأسباب التي كانت خلف فشل أديب بتأليف الحكومة تقول الكاتبة والمحللة السياسية سكارلت حداد لـ”شفقنا” بأن هناك عوامل داخلية وخارجية كانت وراء هذا الفشل، مشيرة إلى ان العوامل الداخلية الناتجة عن فقدان الثقة بين القوى السياسية، تتمثل بمحاولات قام بها البعض لتفخيخ المبادرة الفرنسية وفرض ما لم يكن مطروحا في اجتماع الرئيس الفرنسي برؤساء الكتل النيابية في قصر الصنوبر، إلى جانب الغموض الذي كان موجودا بهذه المبادرة وغياب آليات واضحة للتنفيذ فيها، فلم يتم الحديث عن رفض لإعطاء حقيبة المالية للشيعة ولم يكن هناك حديث عن “المداورة” في الحقائب، وهذا ما دفع المعرقلين إلى تعبئة هذا الغموض، ما ساهم بإفشال التأليف وإعتبارها من قبل الثنائي الشيعي ورئيس الجمهورية بمثابة فخ للإيقاع بهم.
أما في ما يخص العوامل الخارجية فلفتت حداد إلى أن مسار التأليف لا يمكن تجاهل إرتباطه بالتطورات التي حصلت وتحصل إقليميا ودوليا، مضيفة اننا شهدنا تصريحات كثيرة من قبل شخصيات أمريكية رسمية مثل وزير الخارجية الامريكية مايكل بومبيو جعلتنا نشعر بأن لبنان كان من أولوية الأوليات لدى الإدارة الامريكية، وتلميحهم في هذه التصريحات إلى ان اميركا تؤيد المبادرة الفرنسية وتتفق معها على الاهداف لكنها تختلف معها على الوسائل، أثار التساؤلات لدى الثنائي الشيعي الذي قد يعتبر ان العمل يجري لإقصاء حزب الله وخلق الشرخ بينه وبين حركة امل. مشيرة إلى ان العقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وفي هذا التوقيت جاءت كرسالة سياسية واضحة للعرقلة والضغط في نفس الوقت على الرئيس نبيه بري لتقديم التنازلات.
وأضافت:” كل هذه العوامل ليست منفصلة عن مسار تأليف الحكومة، ويبدو أنه كان هناك محاولة أمريكية وسعودية وغيرها لإنتاج حكومة تستبعد الثنائي الشيعي، وهذا ما تسبب بتعثر المسار الحكومي إلى جانب غياب الثقة والتطمينات، وخوف حلف 8 آذار من تكرار الإنقلابات السياسية التي أعقبت عملية إغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005″، ولفتت إلى ان على الفرنسيين الآن وضع آلية واضحة لإنجاح المبادرة.
وتعليقا على الموقف الأخير الذي أطلقة الرئيس ماكرون بعد إعتذار أديب والذي كان خطابا هجوميا على الثنائي الشيعي قالت حداد:” تتميز المبادرة الفرنسية عن الموقف الامريكي بأنها في البداية سعت إلى التركيز على فتح تواصل مع كل الاطراف، ووضع الملفات الخلافية كالإنتخابات النيابية المبكرة وسلاح المقاومة ..إلخ جانبا في هذه المرحلة، وتبدأ بالملفات الملحة التي من شأنها معالجة وحل الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها لبنان إلى جانب إنجاز الإصلاحات المطلوبة”، مشيرة إلى ان خلوة الدقائق القليلة بين ماكرون ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد كانت بمثابة رسالة تطمينية عززت من دعم الثنائي لهذه المبادرة ليأتي هذا الخطاب الذي حمل الحزب مسؤولية الفشل في التأليف ليخلط الاوراق.
وتابعت حداد: الأمر غير واضح فعلا، فإما ان الرئيس ماكرون لم يفهم، عن وعي او عدم وعي، ضرورة وجود آلية واضحة داخل مبادرته والتي سمحت لبعض الفرقاء بإختراقها، أو أنه تعرض لضغوطات من قبل الأمريكيين وحلفاؤه لدرجة تسببت بتغير خطابه وموقفه والتي ان استمر بتبنيها سيضع بذلك مبادراته في صف واحد مع المواقف الامريكية، وبالتالي لن يكون لديها قابلية للحياة. مؤكدة بأن ماكرون لديه فرصة يستطيع من خلالها إصلاح المسار من جديد.
ورأت حداد بأن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة صعبة كثيرا، مؤكدة على ضرورة أن يستدرك الفرنسيون خطأهم بموضوع آلية المبادرة، وإلا فإننا ذاهبون إلى فراغ بإنتظار الإنتخابات الامريكية التي يمكن ان لا تكون نتيجتها واضحة من اول يوم، وهذا ما يضعنا في حالة انتظار ووضعنا حينها سيكون معقدا.
مهدي سعادي