شفقنا العراق-يغيب عن بال كثيرين أن واجبات الحكومة الحالية، هي إعادة هيبة الدولة والإعداد للانتخابات المبكرة، وكل منهما ملازم للآخر، بشرط أن يكون المسعى جدياً والهدف غير سياسي، ويخدم الدولة وشعبها.
قوانين انتخابية عديدة معروضة أمام القوى السياسية والشارع العراقي، ولكل قانون وتعديلاته، جملة عواقب وإشكاليات، تتفاوت من قانون لآخر وبالوقت نفسه لا يوجد قانون جامع مانع؛ يخلو من العيوب والثغرات، وتتفق عليه جميع الأطراف، لذا تعددت واختلفت، وبالآلاف في العالم، وفي العراق تجارب عدة لم توصل إلى الاستقرار على قانون يُعَدُّ هو الأفضل.
ما مطروح الآن الدوائر المتعددة الفردي، ويلاقي أيضآ جملة من الإشكاليات الفنية وكيفية حساب كوتا النساء والأقليات، ومقترح يوزع الدوائر على الأقضية ويواجه مشكلات الحدود الإدارية وعدد السكان، ومن الأقضية ما هو أقل من 100نسمة وآخر كأن يكون 150 وغيره 175نسمه فليس من المعقول أن يكون للأول والثاني مقعد واحد فيما يُعطى الثالث مقعدان، ومشكلة التعداد السكاني ومخاوف سيطرة جماعات على الدوائر حسب طبيعة القوة المسيطرة على الأرض، والجدول ما يزال يدور حول آليات حساب المقاعد، وما هي حصة كل طرف سواء كانت حزبية أو شعبية أو طائفية أو قومية، من هذا القانون أو ذاك.
يبدو أن هنالك اختلافاً على موعد الانتخابات، بعد أن حددها رئيس مجلس الوزراء في 6 حزيران 2021م، ويشار إلى رأيين أولهما ،يعتقد أن القوى السياسية لا تريدها مبكرة للحفاظ على مكسبها، فيما يذهب الثاني إلى قناعتها بالمبكرة وأنها أفضل فرصة من تأخيرها، فيما يرى المتظاهرون الحاجة للانتخابات من أجل إزاحة بعض الطبقة السياسية، والمفوضية من جانبها تبدي الاستعداد في حال توفرت بيئة آمنة واستعدادات لوجستية.
إن المهم ليس طبيعة القانون فحسب، بل حجم المشاركة وكثافتها ونوعية اختياراتها، وآليات تنظيم القوائم الانتخابية وأدواتها وكيفية إقناع الجمهور ببرامجها، والفوز بالانتخابات ليس فقط أمنيات ما لم تكن هناك أدوات فاعلة لتقدم هذا على ذاك، وهذا يحتاج إلى عمل منظم وبرامج تحاكي المشكلات وتدخل أذن وقلب الناخب، وإلاّ الاعتراض على خلل في القوى الحاكمة دون مشاركة، لن ينتج خريطة مختلفة، وسيفور أرضية للتشكيك بالانتخابات بل حتى يشوه الثقة بالعملية السياسية والتبادل السلمي لللسطة والاحترام للصندوق.
مخطئ من يعتقد أن القوى السياسية الحالية تبحث عن تأخير الانتخابات، فهي ما تزال تملك الإمكانيات المادية والفنية والإعلامية، القدرة على إعادتها للسلطة، وكلما كانت الانتخابات أبكر كلما كانت فرصه أكثر، كون من يعترض عليها إلى الآن لم ينتظم ويحدد قيادات وآليات التعامل مع الانتخابات، بل منها من لا يؤمن بالانتخابات أصلاً وهذا مخالف للديموقراطية، حين لا يقبل مشاركة الأحزاب ولا يقبل تقدمها عليه بالأصوات، ولا يترجم إعراضه إلى فعل سياسي، وكل ما يعرضه سلبية ما ستأتي من نتائج، دون الخوض الفعلي في تفاصيل تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي العراقي، ودون الاعتماد على نخب تمثله وتترجم واقع التظاهر إلى حزب سياسي يقبل بكل النتائج وأن كان دون طموحه بكثير، أو يعمل من خلاله بدور المعارض من داخل قبة البرلمان لإصلاح العمل السياسي.
واجب الحكومة إقناع القوى السياسية والمتظاهرين بحتمية إجراء الانتخابات في وقت مبكر، وحث كل الأطراف على المشاركة الفعلية وهي السبيل الوحيد للخروج من المأزق، بشرط أن تؤمن كل الأطراف بالنتائج، وتهيئة الأرضية المناسبة لإجراء الانتخابات المبكرة، وإعادة هيبة الدولة بفرض قوانينها على جميع الأطراف سياسية كانت أو شعبية متظاهرة، وإعادة الهيبة والاحترام لرجل الأمن، ومن لا يستطيع أن يعتقل من يحمل مولوتوف ويرميه على رجل أمن أعزل، لا يستطيع أن يمنع هذا السلاح وغيره في التأثير على نتائج الانتخابات.
واثق الجابري
————————
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————