شفقنا العراق-يقع العراق في مقدمة الدول المصنفة بتفشي الفساد في كافة مفاصل الدولة ولا تخلوا مؤسسة من ممارسته، ولم تستطع كل الحكومات المتعاقبة من ايقافه ومعالجته رغم اقرار مكافحته في برامجها الحكومية وتعهدها بالقضاء عليه، حيث كانت تصطدم بالقوى السياسية المتنفذة التي تسيطر على كافة مفاصل مؤسسات الدولة التي توزعت وفق المحاصصة.
ان مجلس النواب في كل دورة يشكل لجنة للنزاهة يقع على عاتقها مراقبة اداء مؤسسات الدولة والكشف عن ملفات الفساد فيها ورفعها الى رئاسة المجلس وبدورها تحولها الى هيئة النزاهة ومنها لجنة النزاهة في مجلس النواب في الدورة البرلمانية الثانية (2010-2014) التي كان يرأسها النائب بهاء الاعرجي الذي كان يصدح بصوته على شاشات الفضائيات طيلة فترته معلنا بوجود ملفات فساد على الوزراء والمسؤولين.
ولكن لم نرى أية محاسبة لاحد، وانما كان يستخدمها للضغط على الكتل السياسية لتحقيق المكاسب الحزبية او الشخصية ، وآخرها صرح الاعرجي بعد ان اصبح خارج المنظومة التنفيذية والسياسية متعهدا بفتح ملفات فساد، خصوصاً وقد بات «لا ينتمي لأي حزب»، كما يقول. واعتبر أن «مشكلات العراق تعود للصراع بين القادة السياسيين، وقد انعكست على البرلمان، ويدفع ثمنها المواطن».
وجاءت حكومة عبد المهدي وتعهدت ايضا بمكافحة الفساد، وعلى اثر ذلك قام بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد ليقوم بعدة مهام منها تحقيق المطالب الجماهيرية وملفات النفط وعقارات الدولة وغيرها، وابتدأها بأضعف الحلقات وهي “تنحية ألف موظف بمختلف الدرجات الوظيفية، وبمختلف مؤسسات الدولة عن مواقعهم الوظيفية التي يشغلونها وعدم تسليمهم أي مناصب قيادية عليا او وسطى مستقبلا، معللا ذلك لما له من أضرار بالدولة ومؤسساتها ويُعمق الأثراء على حساب المال العام ويعزز الكسب غير المشروع”.
هذا الإجراء لا يتعدى سوى الظهور بالحرص على المال العام ولم يبدأ بالفاسدين الكبار الذين استحوذوا على المليارات وتهريبها الى الخارج، والذين استولوا على العقارات والاراضي العائدة للدولة وغيرها.
وجاءت حكومة الكاظمي، وايضا من اولويات برنامجها هو مكافحة الفساد وقرر تشكيل لجنة تحقيقية عليا مرتبطة بمكتب رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة تختص بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى، والجرائم الاستثنائية وترك المجلس الاعلى لمكافحة الفساد خلف ظهره ولم يكمل مسيرة سلفه.
ان هذا القرار لا يختلف عن المجلس الاعلى لمكافحة الفساد الذي شكله رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ولم يتم الكشف عن أي فساد او إحالة فاسدا كبيرا إلى القضاء.
كأنما أصبحت مسألة تقليدية لتهدئة الشارع والتغطية على الفاسدين والعمل على تهميش دور هيئة النزاهة في أداء واجبها بالتحقيق في الفساد وإحالة المتهمين إلى القضاء وطمس جميع الملفات الموجودة لديها، وقد تكون الغاية منها هو استخدامها كورقة للضغط على السياسيين المعارضين لتنفيذ الأجندات التي يحملها في جعبته.
على الكاظمي أن يعمل على دعم هيئة النزاهة ومطالبتها في إكمال التحقيقات والكشف عن الفاسدين وإحالتهم للقضاء للملفات المكتملة، والبدء بكشف ملف التراخيص النفطية وفتح ملف مزاد العملة والبنك المركزي العراقي، والبحث عن المبالغ من العملة الصعبة التي تم بيعها أين تم تحويلها التي من المفترض أن يكون بدلها بضائع ، سواء كانت للدولة أم للمواطنين والتجار والقطاع الخاص. نريد أن ندقق هل دخلت بضائع بحجم هذه الأموال؟ والطلب من كافة السياسيين الكشف عن ذممهم ومصادر اموالهم، ومتابعة الهاربين خارج العراق الذين صدرت بحقهم قرارات حكم من هيئة النزاهة والقضاء ومتابعة الأموال المهربة في كافة الدول واعادتها الى خزينة الدولة.
عامر جاسم العيداني
————————-
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————-