خاص شفقنا- لا تزال قضية إخفاء الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحافي السيد عباس بدر الدين في 31 آب/أغسطس عام 1978 من قبل السلطات الليبية قضية وطنية تُطرح حيالها الكثير من التساؤلات، 42 عاما مروا ولا يزال ليل انتظاره طويلا.
فما الجديد في قضية الإمام السيد موسى الصدر عشية الذكرى الثانية والأربعين لاختطافه، وإلى أين وصلت آخر التطورات والتحقيقات؟
يقول مقرّر لجنة المتابعة الرسمية لقضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه القاضي حسن الشامي أنه، ونتيجة ظروف الحرب الأهلية في ليبيا والصراع الدائر هناك، ونتيجة ظرف وباء كورونا المستجد الذي ظهر في شباط 2020 تعذر السفر والتواصل مع ليبيا في الآونة الأخيرة.
ويشرح القاضي الشامي في حديث خاص لـ”شفقنا” التطورات الحاصلة في جردة العام أي من 31 آب 2019 حتى يومنا هذا، قائلا: “إن هذه الجردة لا تشي بالكثير من الإنجازات والمعطيات نتيجة هذين الظرفين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هدفنا الأساسي الذي كنا ولا نزال نعمل عليه هو أن تُفتح لنا ساحات العمل في ليبيا، فهي مسرح العمل الأساسي لكي نستطيع تنفيذ مذكرة التفاهم بين البلدين الموقعة عام 2014 ، والتي تتيح لنا حضور التحقيقات مع كبار أركان النظام الليبي السابق، الاجتماع مع شهود، التفتيش عن سجون سرية أو غير مكتشفة حتى الآن والبحث عن كل الأدلة واستقصاء كل الروايات من كل من له علاقة بالموضوع.
من جهة ثالثة يضيف الشامي، نحن نعمل لا شك أيضا خارج ليبيا في مقابلة إما مسؤولين من النظام السابق، وقد قابلنا السواد الأعظم منهم، أو بمقابلة شهود او التعاون مع أجهزة استخبارات عالمية صديقة عربية ودولية من اجل العمل على تقاطع المعلومات أو العمل على الضغط على المسؤولين في ليبيا لكي ينفذوا مذكرة التفاهم عبر صفقات مع دول معينة .
وحول مستجدات الزيارة الأخيرة لليبيا، يقول آخر زيارة كانت في شهر آذار / مارس من العام 2016، ثم انقسمت الحكومة الليبية إلى عدة حكومات في شهر أيار/ مايو من العام نفسه، وبقي التواصل عبر الهاتف وعبر لقاءات في دول أخرى نتيجة الوضع الأمني في ليبيا وعبر مراسلات بالبريد الإلكتروني، إلا أن هذا التواصل ضعُف في الفترة الأخيرة نتيجة الظروف القائمة، هذا من الناحية اللوجستية.
التعاون العملي الليبي محدود
أما من الناحية الفعلية، يقول الشامي: نحن غير راضين أبدا عن مستوى التعاون الليبي سواء كانت هناك حرب أم لا، وإن كان هناك تعطل في العالم بسبب وباء كورونا أم لا، فالليبيون لم يقدّموا مبررا منطقياً ومقنعا في التقاعس عن التعاون خلال السنوات التي مضت، وقد اعلنّا ذلك مرارا وتكرارا وطالبنا بها في الغرف المغلقة من العام 2011 حتى العام 2015 من باب الحرص على قضاء المصلحة، وبعد عام على مذكرة التفاهم، قلنا لا يجوز ذلك واصبحنا نقول ذلك حتى في الإعلام نحن غير راضين عن هذا التعاون البطيء، مشيرا إلى انهم – وخلال الحكومات التي تعاقبت – كانوا يولون قضية الإمام الأولوية ويريدون أن تكون أولوية وطنية ليبية كما هي أولوية وطنية لبنانية لكن التعاون العملي لم يكن إلا محدودا جدا وكنا دائما نحثهم ونطالبهم بتفعيل العمل، وقد أضاعوا فترة ذهبية منذ بداية العام 2012 أي بعد استتباب الأمن في ليبيا وبعد سيطرتهم على كل مرافق الحياة حتى العام 2016 حيث كانت فترة حل فيها الاستقرار الأمني والسياسي.
لماذا هذا التقاعس؟
يجيب الشامي: برأيي، استطيع أن أقول انه اجتمعت عدة أسباب، فربما هناك مصالح معينة شخصية او جماعية أو صراعات داخلية، وبرأيي الخاص يبدو انهم ونتيجة عدم الاستقرار السياسي هناك أعطوا الأولوية لمعالجة الملفات الآنية فانقلبت الأولويات لديهم، وهذا بالطبع لا يرضينا ولا يقنعنا ولا يبرر لنا مستوى التباطؤ الشديد لديهم، فالإمام يستحق أكثر من ذلك وهذا واجبهم أيضا لأن هناك مذكرة تفاهم، والجريمة تمت هناك من قبل الدولة آنذاك عام 1978 برئاسة معمر القذافي وأركان نظامه وذلك وفق القانون الدولي والأعراف الدولية والمنطق الجنائي هم مسؤولون وعليهم أن يعملوا ويتعاونوا، قائلا: “نحن لا نتهم اللاحقين بعد الثورة ولكن هناك تقصير غير مقبول”.
وهل من تقاعس لبناني؟
يجيب الشامي: نحن كلجنة متابعة رسمية لقضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه هناك في البيان الوزاري للحكومات المتعاقبة دعما لهذه القضية سيما بعد العام 2011 ، مضيفا: نحن نقوم بكل ما نستطيع، وطالما لم يعد الإمام ورفيقيه إلينا فنحن مقصّرون والنتيجة سقفنا هو عودة الإمام ورفيقيه، هذا على مستوى لجنة المتابعة ومن يدعم عملها.
ولفت الشامي إلى انه كنا نطالب ببيانات واجتماعات وان يكون هناك دعم أكثر لعمل لجنة المتابعة تنفيذا للبيان الوزاري لاسيما عبر علاقات دولية في لبنان أو عبر علاقات مع أجهزة أمنية لبنانية ودولية، وهناك بعض التعاون والدعم لا شك، ولكن المطلوب اكثر بكثير من الذي يحصل لان هذه القضية أولوية وطنية واللبنانيون مجمعون إن الإمام وقضيته خط أحمر.
السلطة القضائية تقوم بواجبها
أما المطلوب اليوم، فرأى الشامي أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي عدة خطابات له في السنوات الأخيرة كان ولا يزال يطالب علنا وصراحة أن تزيد وتفعّل السلطة التنفيذية في لبنان عبر أجهزتها المختلفة الأمنية وغير الأمنية من دعمها، لأن السلطة القضائية تقوم بواجبها عبر المحقق العدلي والمجلس العدلي، ولا شائبة في ذلك، أما السلطة التشريعية لا سلطة عملية لها إلا أن الرئيس بري يقوم بدوره في دعم هذه القضية، إنما العمل هو للسلطة التنفيذية، والمطلوب من السلطة التنفيذية أن يكون هناك إجماعا وطنيا وان تكرس له وترسخه وتحافظ عليه، وان لا يكون هناك أي تطبيع مع الجانب الليبي، وان يكون هناك ضغط ومطالبة في كل لقاء يعقد مع الجانب الليبي عبر مؤتمرات القمة أو غيرها وعلى مستوى وزراء الخارجية وعلى مستوى الرؤساء او عند لقاء أي دولة صديقة مشتركة، وان تكون قضية الإمام بندا أول في أي لقاء، لافتا إلى انه لن تكون هناك أي علاقة تطبيع بين الدولتين وليس الشعبين إلا بعد التعاون في هذه القضية وهذا محسوم وخط أحمر، مطالبا بعمل جدي اكثر مهما طال الزمن، فنحن نعمل لخدمة لبنان من اجل رمز لبناني عظيم بل رمز دولي في الإنسانية وفي رفع الحرمان وفي العدالة الاجتماعية اسمه “موسى الصدر” .
أما عن مصير الإمام ورفيقيه، يشير القاضي، الى انه ما زلنا أمام جرم خطف وفي جرم الخطف يطالب أهل المخطوف الخاطف بإطلاق سراحه ولا يطالبون بمعرفة مصيره، فنحن لا نعمل لكشف مصير الإمام بل لتحريره.
أخشى ان نخجل من الإمام الصدر
وتوجه برسالة أخيرة قائلا: أخشى أن نخجل من الإمام الصدر عندما يعود ونقول له أنت خُطفت عام 1978 مع رفيقيك الأعزاء وتنقلت بين عدة سجون وثابت لدينا ذلك، وفي لبنان لم يكن بيد الدولة حيلة وكانت هناك حربا أهلية، ولبنان ليس دولة كبيرة على مستوى العالم إنما العتب على الآخرين الذين كان باستطاعتهم أن يفعلوا الكثير، وفي لبنان نحن نتحسر على ان كل يوم مضى ولم نعمل لكسر قضبان هذا السجن لأنها بالفعل جريمة غريبة والمشكلة فيها بأنها جريمة ظالمة بحق إنسان لا يستحق هذا الظلم أبدا”.
وأضاف: الإمام موسى الصدر لم يذهب إلى ليبيا لا للسياحة ولا لصفقة أعمال ولا لحضور مؤتمر أو افتتاح، الإمام موسى الصدر وكما ثبت لدينا في التحقيقات اللبنانية والليبية والإيطالية وبالوثائق الليبية السرية وبكل الشهود اللبنانيين الذين كانوا حتى مع معمر القذافي، الإمام ذهب حاملا ملفين مهمين، همُّ أرض الجنوب وعدم تحويلها إلى ارض محروقة وهَمُّ عدم ترحيل المسيحيين من لبنان كأحد أطروحات معمر القذافي في حال الحرب الأهلية في لبنان، ويستحق هذا الرجل الإنصاف والعمل من أجله.
ملاك المغربي