خاص شفقنا- عادة ما تحمل بعض الحكومات العربية، وخاصة الخليجية وتلك التي وقعت اتفاقيات سلام من اسرائيل، الفلسطينيين مسؤولية الفشل في حل القضية الفلسطينية بسبب “تعنتهم” وعدم استغلال الفرص لتحقيق “السلام” مع اسرائيل.
وزاد هذا الضغط على الفلسطينيين في الفترة الاخيرة بعد ان طرح الرئيس الامريكي دونالد ترامب فكرته بشأن حل القضية الفلسطينية المعروفة ب”صفقة القرن”، حيث دعت بعض الحكومات العربية الفلسطينيين الى عدم تضييع الفرصة والانخراط في مفاوضات مباشرة مع الحكومة الاسرائيلية وباشراف امريكي من اجل الانتهاء من القضية الفلسطينية والى الابد.
الفلسطينيون قاوموا هذه الضغوط ورفضوا “صفقة القرن ” جملة وتفصيلا لانها تعتبر القدس عاصمة لاسرائيل، وتنص على ضم 30 بالمائة من الضفة الغربية والاغوار الى اسرائيل، وتحرم الفلسطينيين من اقامة دولتهم المستقلة في اراضي 67 وعاصمتها القدس.
تعرض الفلسطينيين لانتقادات لاذعة من قبل الاعلام الخليجي، حتى وصل الامر بتوجيه اهانات للفلسطينيين ، واتهموهم بانهم هم من باعوا ارضهم وانهم يشكلون عبئا على العرب، حتى ان بعض الحكومات الخليجية اخذت تطارد الفلسطينيين على اراضيها وتزج بهم في السجون بذرائع واهية، كل ذلك لانهم رفضوا “صفقة القرن” التي لا تلبي الحد الادنى من طموحهم في اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
اليوم كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ان الاخير تعهد بعدم الاعتراف أبدا وتحت أي ظرف بمبدأ إقامة دولة فلسطينية على ارض فلسطين حتى بدون القدس كما جاء في “صفقة القرن”، الامر الذي اكد صوابية موقف الفلسطينيين من عدم الانخراط في “صفقة” العرب كما يدعو بعض العرب.
موقف نتنياهو هذا كشف عنه رئيس الائتلاف الحكومي ورئيس كتلة الليكود بالكنيست الاسرائيلي ميكي زوهار، المقرب من نتنياهو، وفق ما جاء في القناة السابعة الإسرائيلية.
زوهار أكد على صفحته في فيسبوك أن “صفقة القرن لن يتم قبولها في الكنيست، ويمكن أن تكون أساسا للتفاوض لكنها لا تلزمنا بأن نقيم هنا دولة فلسطينية”.
موقف نتنياهو الذي كشف عنه زوهار، لاقى ترحيبا من جانب ديفيد الحياني رئيس مجلس مستوطنات الضفة (يشاع) معتبرا ذلك تغيير في موقف نتنياهو من “صفقة القرن” ، واضاف: “سررت عندما سمعت عن التغيير في موقف رئيس الوزراء بأن دولة إسرائيل لن تعترف بأي حال من الأحوال بدولة فلسطينية”.
مواقف نتنياهو من “صفقة القرن” تبين ان الضغوط التي مورست من قبل بعض العرب على الفلسطينيين لم تكن في محلها، وان الفلسطينيين هم ادرى من العرب بنتنياهو وبالعقلية الاسرائيلية، التي لم ولن تتنازل عن شبر واحد من الاراضي الفلسطينية، ما دامت امريكا منحازة بهذا الشكل الصارخ للاسرائيليين.
اللافت ان الفلسطينيين هذه المرة، حكومة محمود عباس في الضفة الغربية، وحكومة حماس في غزة، وقفوا موقفا موحدا من “صفقة القرن” ، حيث رفض عباس كما رفض قادة حماس الصفقة وقطعوا جميع اتصالاتهم بالامريكيين، وهو ما اغاظ ترامب ودفعه الى قطع تمويل “الانروا” وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين للضغط عليهم ودفعهم لقبول صفقته.
اليوم وبعد ان كشف نتنياهو عن موقفه الحقيقي من صفقة القرن، على الدول العربية التي كانت تحمل راية التاييد للصفقة وتضغط على الفلسطينيين من اجل القبول بها ، عليها ان تكف عن ممارسة الضغوط ، وتدعم موقف الفلسطينيين بعد ان اكدت الاحداث صوابيته، او على الاقل تتركهم وشأنهم ولا تمارس الضغوط عليهم.
فيروز بغدادي