شفقنا العراق-الاتفاقية الاستراتيجية العراقية الأمريكية لعام 2008 والتي سميت بالأمنية وكان الأمن أحد بنودها وليس الاتفاقية كلها. ورغم ما اتبعها من تعديلات أو اتفاقيات أخرى بهذا المجال وما اكتنفها من غموض ولغط كبير، من المتوقع في بداية الشهر القادم أن يكون هنالك حوار (مفاوضات) استراتيجي بين الطرفين قد يتناول الاتفاقية الاستراتيجية وقد نشهد تعديلا لبنود هذه الاتفاقية أو إضافة أو تفعيل والأغلب هو إلغائها وإبرام اتفاقية جديدة تتناول جوانب عدة كالجانب الأمني والعسكري والتسليح والتدريب والصيانة للمعدات الحربية الأمريكية وكذلك الجانب الاقتصادي والثقافي وباقي المجالات الأخرى.
وهنا لا بد من التطرق إلى بعض المحاور التفاوضية:
- ما هي أبرز المحاور التي سيتضمنها الحوار الاستراتيجي الأمريكي العراقي؟
- هل هناك مخطط مسبق لاختيار الكاظمي ليكون ممثلا لحكومة العراق في الحوار المرتقب؟
- ما هو المتوقع في حال إصرار العراق على انسحاب القوات الأمريكية (وإن كان هذا مستبعدا ولكن فرض المحال ليس بمحال)
من المفترض أن تكون هنالك رؤيتان متقاطعتان في موضوع المحاور للقاء المفترض بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية.
الرؤيا العراقية ضبابية قائمة على ردة الفعل في ظل تشتت القرار الجيوسياسي العراقي بسبب الخلافات الداخلية العراقية بين الطبقة السياسية.
بينما في الطرف الثاني أي الجانب الأمريكي لديه أهداف محورية مهمة تحديد قواعد عسكرية قد تصل إلى خمسة قواعد تنتشر على طول الجغرافية العراقية والإبقاء على مقاتلين بقرابة عشرة آلاف مقاتل مع نصب منظومات دفاع الباتريوت والسيطرة على التسليح العراقي للمرحلة القادمة وخصوصا منظومات الدفاع الجوي وأجهزة الرصد وتوفير الحصانة المقاتلين الأمريكان من ملاحقة القوانين العراقية وزيادة التبادل التجاري عبر استثمار مراكز الطاقة للغاز والنفط والعمل على احتكار السوق العراقية من خلال ضخ الواردات الأمريكية. وزيادة التبادل الثقافي والخبرات العلمية مع المؤسسات والمراكز البحثية الأمريكية.
أما ما يخص موضوع الحكومة التي استقالت بضغوط داخلية وتأجيج خارجي، فإن الحوار المرتقب يحتاج إلى أدوات عراقية تكون داعمة لما يخطط له الأمريكان في موضوعة التفاوض لذا نلاحظ أن أمريكا كثفت جهدها بإزالة عبد المهدي لما يمتلكه من كياسة وخبرة سياسية واقتصادية قد تكون محرجة للأمريكان في موضوع تعديل الاتفاقية الاستراتيجية التي وقعت سابقا مع الجانب العراقي.
لذا فقدوم الكاظمي كان مخططا له لمرحلة التفاوض وبوجوده أتوقع سوف يكون داعما “لتحقيق المصالح الأمريكية أن تصبو إليه الولايات المتحدة الأمريكية على حساب المصالح العراقية.
ثم نأتي لو أن العراق طالب الأمريكان بالخروج من العراق. من المؤسف أننا لا نملك رؤية حقيقية (كحكومة عراقية) لما بعد انسحاب التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا. ولأننا دولة هشة لا أتوقع غير التحول للمعسكر الثاني هو الاندماج مع المحور الصيني الروسي الإيراني، لأن العراق دولة غير مكتملة وغير ناضجة سياسيا واقتصاديا وأمنيا جراء الفساد المالي والإداري الذي نهش جسد الدولة.
فأمريكا التي تسيطر على القرار الدولي سوف تمارس ضغوط كبيرة وسوف تعمد لإدخال العراق بعزلة دولية اقتصادية وسياسية إذا لم يكن هنالك ضربة عسكرية للقوات العراقية تحديدا مواقع الحشد الشعبي. فهذه القوة تعتبر عائقا أمام المخططات الأمريكية في العراق بل تكون ومن يقف ورائها من الطبقة السياسية سببا بإخراج القوات الأمريكية.
هنا لا بد أن لا ننكر التأثير الإيراني على القرار السياسي باعتبارها حليف استراتيجي للعراق. وما يمثل العراق لإيران من أهمية جيواستراتيجية.
إيران وبعد آثار الحصار الاقتصادي الأمريكي تدرك جيدا أهمية الانتعاش الاقتصادي للعراق كونه الرئة التي يتنفس منها الاقتصاد الإيراني لذا أتوقع أنها لن تمانع ولكنها سوف تضع محددات للحوار الاستراتيجي وواحدة منها هو عدم المساس بفصائل المقاومة وضمان عدم المساس بالمصالح الإيرانية على الجانبين الأمني والاقتصادي والمحافظة على حجم التبادل التجاري.
من هنا على الساسة العراقيين أن يدركوا جيدا أن العراق يجب أن يتحول من نقطة لتقاطع المصالح الدولية إلى منطقة لتلاقي تلك المصالح وخلق حالة من التوازن الدولي لخلق حالة من الاستقرار السياسي والأمني في العراق والمنطقة ليكون سببا إيجابيا لانتعاش العراق على كافة المستويات والأصعدة.
علي فضل الله الزبيدي
————————–
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–