شفقنا العراق- ترأس وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية “محمد جواد ظريف” وفداً سياسياً إلى سوريا في 20 أبريل 2020. وتأتي الزيارة في وقت تحتل فيه أزمة كورونا وانتشارها عالمياً، أولوية أنشطة مختلف الحكومات حول العالم.
وفي مثل هذه الظروف التي علق فيها الزعماء السياسيون من مختلف البلدان أنشطتهم الدبلوماسية بسبب المواجهة مع كورونا، حظيت زيارة وزير الخارجية الإيراني بالكثير من الاهتمام. وفي هذا الصدد، في شرح وتحليل سبب هذه الزيارة، يمكن ذكر ثلاثة أهداف مهمة.
التفاوض حول التعاون في مجال مرض كورونا
على الرغم من العلاقات السياسية والأمنية العميقة بين إيران وسوريا، في الوضع الحالي يمكن تقييم أهم هدف لزيارة محمد جواد ظريف إلى دمشق بأنه مرتبط بقضية كورونا.
في الواقع، أثَّر فيروس کورونا على العديد من البلدان حول العالم، باعتبارها أزمةً كبيرةً علی المستوی الداخلي والخارجي، ويبدو أنه على الرغم من العدد المختلف للمرضى والضحايا، فلا يمكن لأي دولة أن تحمي نفسها من هذا المرض الفيروسي.
وفي الوضع الحالي الذي تكون فيه إيران واحدة من الدول الرائدة في العالم في الحرب ضد فيروس “کوفيد19″، يمكن اعتبار زيارة ظريف على المستوى الابتدائي كنوع من نقل الخبرة إلى حليف مقرب ومحتاج إلى المساعدة. وهذا يعني أنه قبل تفشي کورونا المتنامي في سوريا، يمكن لإيران تبادل تجاربها مع الحكومة السورية ومنع انتشار المرض.
من ناحية أخرى، إذا كانت سوريا بحاجة إلى تعاون إيران الاقتصادي، فإنها تعلن بطريقة ما استعدادها لسوريا من الآن. وبشكل عام، يجب الإذعان بأن انتشار كورونا في سوريا، في خضم الأزمة الحالية التي عصفت بالمجتمع العالمي بأسره، سيكون المحور الرئيسي لمحادثات ظريف مع المسؤولين السوريين.
تعزيز الدبلوماسية الإيرانية النشطة على المستويين الإقليمي والدولي
يمكن تقييم هدف آخر لزيارة ظريف إلى دمشق، في سياق زيادة تعزيز وحيوية مستوى الدبلوماسية والعلاقات الإقليمية والدولية لجمهورية إيران الإسلامية.
بحسب “عباس موسوي” المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، في الأيام الأخيرة وعلى الرغم من التطورات الطبية، فإن الدبلوماسية النشطة للجمهورية الإسلامية مستمرة. وفي هذا الصدد، أجرى ظريف حوالي 14 مكالمة هاتفية مع شخصيات دولية، ركَّز معظمها على القضايا الدولية والعقوبات الأمريكية والقضايا المتعلقة بأفغانستان واليمن.
في الحقيقة، زيارة ظريف إلى دمشق بوصفها إحدی حلفاء إيران الإقليميين، تبعث ثلاث رسائل رئيسية على المستوى الدبلوماسي. الأولی أن إيران وعلى عكس تصورات وجهود دونالد ترامب، لا تزال تتمتع بمستوى مهم وملائم من العلاقات الدبلوماسية مع المجتمع الدولي.
الرسالة الثانية هي أنه في ظل تفشي أزمة كورونا وانتشارها المتزايد، لا تزال إيران تؤمن بالحل الدبلوماسي للأزمة السورية، وفي هذا الصدد يجب مناقشة آخر التطورات في هذا البلد.
أما الرسالة الثالثة فهي أن جمهورية إيران الإسلامية، وعلى عكس بعض الدول مثل الولايات المتحدة التي تتخلی بسهولة عن حلفائها في الظروف الصعبة، تظل ملتزمةً بتعهداتها تجاه دمشق.
التفاوض حول أزمة إدلب
محور محتمل آخر للمحادثات بين وزير الشؤون الخارجية والسلطات السورية، يتعلق بالأزمة في شمال غرب سوريا والتركيز على أزمة إدلب.
في الظروف الحالية، إن الوضع في إدلب هو بحيث أن هناك عددًا كبيرًا من السكان في هذه المنطقة، وجزء منهم هو مجموعات إرهابية محددة تعتبرها جميع الدول والمنظمات الدولية كمجموعات إرهابية، وهناك أيضًا عدد من العائلات التي کانت تعيش في إدلب وما زالت تعيش في هذه المنطقة، بالإضافة إلى الجماعات المسلحة التي لم تندمج مع المجموعات الإرهابية البارزة.
في غضون ذلك، سعت تركيا في الأشهر الأخيرة، وعلى الرغم من جميع الاتفاقات الموجودة، إلى مواصلة السيطرة على بعض المناطق الأخرى في شمال سوريا، في انتهاك لمعايير القانون الدولي.
من ناحية أخرى، ووفقًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع روسيا، فإن القوات السورية تتمرکز في نطاق معين وتحاول تحرير إدلب، کما أنه لا يمكن إبقاء الجيش والقوات المسلحة في حالة من التوقف، وهذه مشكلة يجب معالجتها في أقرب وقت ممكن.
لذلك، تعتزم إيران، بصفتها أحد الممثلين والأركان الثلاثة الرئيسية لاتفاقيات أستانة، التي لا تزال المحرك الرئيسي لجميع التطورات في الأزمة السورية، التنسيق مع دمشق بشأن إدلب ومناقشة آخر التطورات على الأرض.
في الحقيقة، قضية إدلب هي نوع من الضمان والتعزيز للعلاقات الاستراتيجية بين إيران وسوريا، وفي الوضع الحالي يعتزم ظريف تعزيز هذا المستوى من العلاقات. وفي هذا الصدد، يمكن النظر إلى زيارة ظريف الأخيرة في خضم تفشي كورونا عالميًا، كرمز لتأکيد الجانبين على الصداقة واستمرار التحالف الاستراتيجي.
النهاية
