الخميس, مارس 28, 2024

آخر الأخبار

للحصول على راية مرقد أبي الفضل..قرعة في جناح العتبة العباسية بمعرض طهران

شفقنا العراق ـ أجرى جناح العتبة العبّاسيّة المقدّسة المشارك...

ارتفاع طفيف في أسعار الذهب

شفقنا العراق ـ لم تشهد أسعار الذهب تغيرا يذكر، خلال...

ترشيد استهلاك المياه في العراق ..ضرورة حتمية للحفاظ على الثروة المائية

شفقنا العراق ـ تحولت عادة عدم ترشيد استهلاك المياه...

طقس العراق.. تساقط للأمطار في بعض المناطق مع ارتفاع في درجات الحرارة

شفقنا العراق ـ فيما أعلنت هيئة الأنواء الجوية، اليوم...

ارتفاع أسعار النفط العالمية

شفقنا العراق ـ ارتفعت أسعار النفط العالمية، اليوم الخميس"28آذار...

المرور تعلن قطع ساحة قرطبة من جميع الاتجاهات

شفقنا العراق - لغرض أعمال الصيانة أعلنت مديرية المرور...

وزير التخطيط يبحث مع اللجنة المالية النيابية مشاكل تمويل المشاريع

شفقنا العراق- بحث نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير التخطيط،...

صفية السهيل تقدم أوراق اعتمادها سفيرة للعراق لدى السعودية

شفقنا العراق - قدمت صفية طالب السهيل سفيرة جمهورية...

وزارة الداخلية تستعرض حصيلة عملياتها في الحد من تهريب المشتقات النفطية

شفقنا العراق- استعرضت وزارة الداخلية حصيلة عملياتها الناجحة خلال...

القوات العراقية تطيح بإرهابيين وتاجري مخدرات

شفقنا العراق- تمكنت المديرية العامة للاستخبارات والأمن بعمليتين نوعيتين...

فقرات متنوّعة في كرنفال التراث الرمضاني “ماجينا يا ماجينا”

شفقنا العراق-أُقامت دائرة المتاحف العامة في الهيئة العامة للآثار...

وزير التجارة يبحث إعادة تأهيل مباني الوزارة في المناطق المحررة

شفقنا العراق- تبسيط اجراءات مشاريع الوزارة في المحافظات المحررة...

تجليات عظمة الله تعالى في الإسراء والمعراج

خاص شفقنا-رحلتان متتاليتان خاصتان برسول الإسلام وخاتم الأنبياء محمد...

صدر حديثًا.. العدد العشرين لمجلة “أوراق معرفية” الفصلية

شفقنا العراق-أصدرت العتبة العباسية المقدسة العدد العشرين من مجلة...

وزير الداخلية يناقش فك الاختناقات المرورية وتأمين حدود البلاد

شفقنا العراق- بهدف وضع المعالجات الفورية لقضية الاختناقات المرورية،...

خاص شفقنا؛ رفع راية “فزت ورب الكعبة” في مرقد المولى أمير المؤمنين

خاص شفقنا العراق ــ رفعت العتبة العلوية المقدسة راية...

السوداني.. ضرورة حسم مسألة رئاسة مجلس النواب

شفقنا العراق ـ أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني،...

بالصور؛ العتبة العلوية تتشح بالسواد مع اقتراب ذكرى استشهاد أمير المؤمنين

شفقنا العراق ــ مع اقتراب ذكرى جرح واستشهاد إمام...

اللجنة المالية النيابية: 228 تريليون دينار إجمالي موازنة 2024

شفقنا العراق ــ فيما أكدت ضرورة عدم التأخير بإرسال...

التكافل الاجتماعي في رمضان.. مبادرات واسعة للمؤسسات الخيرية في العراق

شفقنا العراق ــ مبادرات وأنشطة مميزة تقوم بها المؤسسات...

كربلاء تنظم المسابقة القرآنية “آيات للسائلين” وتناقش سيرة الإمام المجتبى

شفقنا العراق-فيما نظمت المسابقة القرآنيّة الموسومة بـ(آياتٌ للسائلين)، أحيت...

بحضور ممثل المرجعية.. العتبة الحسينية تنظم عرضًا تقديميًا لبرامج التميز

شفقنا العراق ــ بحضور ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ...

العتبة العباسية تطلق مسابقة لتأليف كتاب عن حياة الإمام الحسن

شفقنا العراق ــ احتفاء بذكرى الولادة الميمونة للإمام الحسن...

مناقشة أبعاد العنف في إيران والشرق الأوسط في حوار مع الدكتور فكوهي: الأيديولوجية والفساد ينتفعان من العنف

خاص شفقنا -ناصر فكوهي أستاذ الأنثروبولوجيا بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران، ومدير معهد الأنثروبولوجيا والثقافة. هو خريج الأنثروبولوجيا السياسية من باريس وككاتب ومترجم لديه أعمال قيمة في هذا المجال. أحد أهم كتبه، الذي نشر منذ عدة سنوات، هو “العنف السياسي: النظريات، المواضيع، الأشكال، والحلول”. أجرت وكالة شفقنا حوارا مع الدكتور فكوهي دار حول العنف في الشرق الأوسط.

إليكم نص الحوار:

س، نواجه ثلاثة أنواع على الأقل من العنف في مجتمعاتنا: العنف السياسي الداخلي، والعنف السياسي الدولي، والعنف المدني. العنف المدني هو العنف الذي يحدث على مستوى المجتمع، من الأسرة إلى الشعب وإلى النظام الاجتماعي. برأيكم أين يندرج العنف في الشرق الأوسط؟

ج. أعتقد أن العنف الذي يحدث في العالم الثالث اليوم ليس خاصا بإيران ويجب دراسته من منظور أوسع. في العديد من الحالات، يتعين علينا أن نتجاوز نقطة الزمان والمكان لمناقشة النقاط المحيطة بالموضوع، من أجل الخروج برؤية أوسع وأكثر شمولا للموضوع، سواء لأنفسنا أو للآخرين. وبالمثل، إذا قصرنا أنفسنا على منطقة الشرق الأوسط، فلا يمكننا فهم القضايا الإقليمية والمحلية بشكل صحيح وقد نتوصل إلى استنتاجات غير صحيحة.

على سبيل المثال، إذا نظرنا إلى المجتمع الإيراني ونظرنا إلى العنف داخل الأسرة، وفي الشوارع، وفي الملاعب وفي سلوكيات الناس، فقد نحصل على نتائج غير دقيقة تماما بسبب افتقارها للمقارنة مع المقاييس الدولية والأطر السياسية والإقليمية والاقتصادية. أو على الأقل سوف تكون غير كاملة. على هذا النحو، في الطبقة الأولى من العنف، لا يمكننا تجاهل الحاجة إلى دراسة العنف في سلوك الأفراد في المجتمع، مثل القيادة العنيفة للسيارات أو العنف في المدارس؛ ولكن لا يمكن أن يكون هذا هو الإطار الرئيسي لمناقشتنا، لأنها غالبا ما تكون معلولة، ونحن لا نعرف على الإطلاق أنها متجذرة في مجتمعنا أو تحدث لأسباب خارجية، هل هي خاصة بثقافتنا أو عالمية، وما هي العلاقات بينهم.

يمكننا القول إن العنف الذي نراه في العالم الثالث هو شأن عام. إذا قارنا منطقة الشرق الأوسط من إيران إلى الصين وجنوب شرق آسيا بجميع ثقافاتها العرقية وخلفياتها، أو إفريقيا، سواء كان شمالها أو الجزء الإسلامي أو إفريقيا السوداء التي لديها ثقافة إسلامية ومسيحية، وحتى أمريكا اللاتينية؛ في جميع هذه البلدان التي أصبحت اليوم بشكل أو بآخر وغالبا ما تصنف على أنها “العالم الثالث” من خلال فرضية خاطئة، هناك شكل مماثل تقريبا من أشكال العنف. على الرغم من أن الأسباب الداخلية لها تأثيرها في هذا العنف، إلا أنني لا أعتبر أن السبب الرئيس هو الأسباب الداخلية. إذا قمنا بتحليل العنف في أمريكا الوسطى والجنوبية، على سبيل المثال، سنجد بسرعة أن السبب الرئيس للعنف هو تجارة المخدرات والفساد على نطاق واسع في مكافحة المخدرات. بتعمق أكثر في هذه الطبقة، نجد أن هذه التجارة مرتبطة بشكل مباشر بمستهلكها. المستهلك الذي يستطيع تحمل تكاليف هذه التجارة هو الولايات المتحدة الأمريكية. في الواقع، فإن سوق المخدرات في أمريكا هو الذي يولد ويعيد إنتاج هذا العنف الواسع الانتشار. أصبحت بلدان أمريكا الوسطى والجنوبية ورش إنتاج المخدرات الأمريكية خلال الفترة الاستعمارية.

س. ماذا تقول عن إيران على وجه الخصوص؟

ج. في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، وبعد سقوط رضا شاه بهلوي، تم تأسيس نظام حكم ديمقراطي في إيران في عهد مصدق، حيث رأينا إيران ديمقراطيا لمدة 12 أو 13 سنة.

وفي ذلك الوقت، كان من المحتمل أن يصبح بلدنا نموذجا للتطور السياسي والاقتصادي للشرق الأوسط، وبالطبع كانت شعوب الشرق الأوسط، وخاصة شعوب العالم العربي، بما في ذلك مصر، تأمل في نجاح مصدق حتى يقلل هذا النموذج من حدة العنف. لكن الولايات المتحدة أطاحت بهذا النموذج عبر الانقلاب العسكري وبدلا من ذلك دعمت الأنظمة المتطرفة الإسلامية والقبلية مثل دول الخليج والدول العربية الأخرى، ومن ناحية أخرى، دعمت نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، والتي كان مصدر العديد من المشاكل الأساسية في المنطقة. وهكذا تم نقل هذا العنف الخارجي إلى الظروف الداخلية للمجتمعات المحلية في ذلك السياق الجيوسياسي.

ولكن يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن شكل انتقال العنف في كل مجتمع من هذه المجتمعات مختلف، وليس من الصواب ربط كل شيء بخارج البلد. هذا يعد نوعا من إخلاء المسئولية، والأسوأ من ذلك، تبرير الأنظمة الداخلية السلطوية الفاسدة التي لا شك بأن العناصر الداخلية تغذيها.

في رأيي، هذه المجموعات كلها من نتاج الاستعمار، لكنها في النهاية لا تتغير. على سبيل المثال، يختلف شكل انتشار العنف الخارجي إلى العنف الداخلي في تركيا عن إيران. لأنها جميعا لديها أسباب داخلية. على سبيل المثال، إذا أخذنا التاريخ الإيراني كمعيار وتجاهلنا بعض العنف السياسي القديم أو الطائفي، فإن إيران لم تكن بلدا عنيفا جدا مقارنة بعصر ما قبل العصر الحديث.

في إيران، على سبيل المثال، شهدنا عنفا عرقيا أقل بكثير من البلدان الأخرى في المنطقة، أو في القوقاز وأوروبا الشرقية. لم نر قوما يرتكب الجريمة بحق القوم الآخر. انه الامر الشائع جدا في العديد من الدول العربية، وتركيا وإفريقيا، ولكن نادرا ما حدث في إيران. هذا الهدوء النسبي جعلنا في كثير من الأحيان أقل عرضة لرؤية ظاهرة الهجرة في إيران حتى نصف قرن مضى. ربما يكون الاستثناء الوحيد هو هجرة الفرس الحاليين في الهند (الزرادشت سابقا في إيران) إلى الهندلافي حوالي القرن العاشر الميلادي.

لكن المجتمع الإيراني يتحرك الآن بقوة نحو العنف. هذا يبدو لي معلول وليس علة، وأرى أن السبب هو تحرك المجتمع نحو “اللامعيارية”. هذا لا يعني، بالطبع، أن أشكال اللامعيارية تتعارض مع العنف، لكنها تختلف هيكليا عن العنف. إنني اعتبر اللامعيارية أكثر أهمية من العنف لأنها من الناحية الاجتماعية، يجب استخدام مقاربات مختلفة لتشخيصها وعلاجها. إذا لم نفعل ذلك، فإننا نواجه خطر العنف في مأسسته في المجتمع.

على سبيل المثال، في بعض المجتمعات مثل باكستان، يوجد اليوم نوع من العنف القبلي الهيكلي وخلق حالة خطيرة للغاية فيها ومتجذر ويصعب علاجه. تفاقم هذا الوضع أيضا بسبب العنف الاستعماري وقد خلق وضعا فظيعا جدا في البلاد. لحسن الحظ، كنا بعيدا عن العنف العرقي والقبلي في إيران؛ ليس لأنه لم يكن هناك مثل هذا العنف في إيران، لكنه كان مهمشا تماما. فقط في بعض المناطق، إلى حد محدود، شهدنا هذا النوع من العنف، ولكن ليس بقدر ما هو موجود في باكستان أو في أي مكان آخر. إن ما يؤجج العنف المتصاعد في إيران هو مشكلة لامعيارية المجتمع، أي عدم كفاءة الإدارة في تنظيم وإدارة دولة شابة نامية وغنية مع طموحات شعبها الشرعية والحقة.

س. وماذا عن التدخل خارجي في هذا الأمر؟

ج. إحدى أسباب ذلك الأمر كان التدخل العسكري الخارجي الذي بدأ بسقوط حكومة مصدق من أجل تحقيق المصالح، واستمر بعد ذلك ولم يتوقف أبدا. دائما جميع المحللين، حتى الأمريكيين أنفسهم، يرون 28 مرداد نقطة تحول، لكيلا تصبح إيران نموذجا ديمقراطيا ناجحا للشرق الأوسط. تم تدمير هذا النموذج واستبداله بنموذج قبلي استبدادي كامل في الخليج، وساد نموذج شبه استبدادي في إيران وباكستان وتركيا.

لأنه إذا كان المجتمع تحكمه هذه المجموعات، فمن المؤكد أنه سيوفر المزيد من المصالح لأمريكا. يقول بعض المحللين الأمريكيين إن هذه السياسات على المدى الطويل لا تخدم سوى مصالح بعض الجماعات المهيمنة في المجتمع الأمريكي، بما في ذلك تجار الأسلحة والشركات النفطية، لكنها قد أضرت بالمصالح العامة لتلك الدولة في العالم.

ومع ذلك، كلما اتجهنا نحو اللامعيارية في مجتمعنا بسبب السياسات والقرارات الخاطئة (ارستقراطية الحكومة والليبرالية الاقتصادية المرتبطة بالفساد والاحتكار السياسي، وعدم كفاءة الإدارة، والفساد الإداري، وغياب الحرية، والرغبة في السيطرة على أنماط حياة الناس والتدخل في الحياة الخاصة وأدلجة العلاقات بين الناس)، عندها يزداد العنف بحدة كبيرة. العنف بحد ذاته ليس شيئا متأصلا في البشر. لا يعتقد الكثير من علماء الأنثروبولوجيا أن العنف متأصل في البشر أو أن العنف أبسط وأقل تكلفة من اللاعنف من الناحية الاجتماعية والاقتصادية. في النظم الاجتماعية، لا أحد يؤمن بهذا. العنف مكلف جدا. إذا ساد السلام في المجتمع وكان الناس أكثر تسامحا، فإن التكلفة الاجتماعية أقل بكثير من التكلفة في مجتمع تغيب عنه السلام والتسامح.

س. هل تعتقد أن العدالة الاقتصادية يمكن أن تقلل من العنف الاجتماعي؟

ج. لا شك. جوزيف يوجين ستيجليتز، الاقتصادي والحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، لديه كتاب بعنوان “تكلفة عدم المساواة”. إنه ليس كاتبا اشتراكيا أو يساريا وأكثر ميلا إلى الاقتصاديين المؤيدين للسوق الحر. لكنه يدافع عن السوق المتمحور حول المجتمع.

يعتقد ستيجليتز أنه لو اتسم مجتمع بعدم المساواة، يتم إنشاء علاقات منافسة ونخبوية وتلغى القيم التقليدية وتستبدل بقيم مثل الشهرة والثروة والأرستقراطية، فإن ذلك سيؤدي إلى توترات من شأنها أن تلحق الضرر بالجميع في نهاية المطاف. إنها لعبة خاسرة، لا أحد يفوز بهذه اللعبة. في النهاية الجميع يخسر. تماما عكس النظم الرأسمالية المجتمعية. مثل أنظمة بلدان الشمال الأوروبي؛ عندما تنظر إليهم، ترى أن نظامهم يشبه لعبة ربح-ربح. لأنه على الرغم من الضرائب الثقيلة المفروضة على الأغنياء بسبب دخلهم، فإن ظاهرة الهجرة غائبة تماما. لماذا لا يهاجر السويديون أو الدنمركيون؟ ليس هذا بسبب المناخ والاقتصاد، لأنه على سبيل المثال، ليس من المفهوم لإيراني أن يدفع 80٪ من دخله للحكومة كضرائب. لقد أنشأت دولة مثل السويد نظاما اجتماعيا يقلل من عدم المساواة، ويزيد من الضمان الاجتماعي، وبالتالي يوفر الأمن للأفراد في المجتمع، ولا يمكن للمواطنين السويديين الحصول على هذه الفرص في أي مكان آخر. لهذا السبب لا أحد يهاجر من السويد.

لذلك في حين أن تحرك المجتمع الإيراني نحو العنف هو نتيجة للتدخل الخارجي، يجب ألا ننسى أن جميع المشاكل الثقافية التقليدية كانت ولا تزال فعالة في هذا الأمر. تم رمي المجتمع الإيراني في أحضان الحداثة. كان إيران مجتمعا ريفيا بدويا، حيث كان عدد سكان الحضر 20٪ فقط، في الفترة التي سبقت ارتفاع عائدات النفط، إذ كانت عناصر من الحداثة الصناعية تعيش في جزء صغير من بعض المدن. كانت المدن جزءا صغيرا من المجتمع الإيراني، ولم يكن أسلوب الحياة هذا شائعا في إيران.

يمكن القول إن 2٪ فقط من المجتمع الإيراني كان يعيش حياة حضرية حقيقية. إذا قارنا هذا الوضع مع إيران اليوم، فستكتشف ما حدث. فالآن 80 في المائة من المجتمع الإيراني حضري والباقي ريفي، وبالطبع ليسوا قرويين حقيقيين، وربما 2 في المائة فقط من المجتمع الإيراني ريفي بما تحمله الكلمة من معنى، لأنهم جميعا لديهم إمكانيات حضرية تقريبا. في الوقت نفسه، كلما زادت الرفاهية، زادت التكاليف الاجتماعية. على سبيل المثال، يمكن القول بأن العنف المنزلي يزداد في الأسر التي تعاني من البطالة. نقطة أخرى هي أنه بمجرد أن يكون لديك مجتمع استهلاكي خالص، فكلما قمت بضخ الأموال فيه، فهذا لا ينفع؛ لأن منطق هذا المجتمع هو الاستهلاك والناس يفقدون روح العمل.

س. وبالتالي، هل تعتبر أن انتقال المجتمع الإيراني من الريف إلى الحضر هو السبب الرئيسي لانتشار العنف في المجتمع الإيراني؟

ج. نعم. لقد حدث هذا في المجتمع الإيراني، كان مجتمعنا مجتمعا زراعيا بدويا حيث كان على الناس العمل بكل طاقاتهم لكسب المال، وفي بعض أجزاء البلد لا يكادون يستطيعون حتى تلبية احتياجاتهم الأساسية. عندما يرمى مثل هذا المجتمع في أحضان التحديث، فسوف يعاني الكثير؛ لأن العديد من المثقفين والنخب في مجتمعنا في بداية القرن قد فهموا من الحداثة على أنها “تقدم تقني” وتتكون تلقائيا بنقل الأدوات من الغرب إلى إيران ويتحدث بقية المجتمع مع التكنولوجيا. كانت الثقافة هي الضحية الرئيسية. منذ رضا شاه بهلوي، سادت فكرة في إيران بأننا إذا قلدنا الإنجازات والثقافة الغربية، فسيتم حل المشكلات تلقائيا، ولكن كلما تقدم المجتمع نحو الرخاء، ينهار معها نفسيا.

بالطبع، كان رمي المجتمع من نظام الحياة الريفية في أحضان الحداثة شكلا من أشكال العنف السياسي وكان لأسباب خارجية إلى حد كبير، لكنه عززته الأسباب الداخلية. كانت أسباب مثل التقبل السريع للحداثة، والافتقار إلى وجهات نظر واسعة والمحلية، الروية الثقافية الضيقة لعصر القاجار بشكل خاص. فعندما تستثمر الحكومات بكثافة في حداثة غير مناسبة، سابقة لأوانها، غير متوافقة مع مجتمع تقليدي وتجبر الناس على متابعتها، فانها تمارس العنف عليهم ممارسة. إن القول بأن هذا لصالح الناس هو بالتحديد شكل من أشكال إضفاء الشرعية على العنف وهو حجة استعمارية. تبنت الدول المستعمرة أيضا وجهة النظر نفسها في مستعمراتها، معتقدة أن العنف الواسع النطاق الذي استخدموه ضد الأشخاص الخاضعين لسيطرتها كان لصالح الشعب وإصلاح شؤونهم، لكن الشعب كان جاهلا.

الحقيقة هي أن اللاعنف لا يمكن أن ينشأ عن طريق العنف. كانت أطروحة غاندي الرئيسية في هذا الصدد هي رفض العنف. لقد آمن أن اللاعنف يجب أن يكون أيديولوجيتنا. وبهذه الطريقة يمكن تحقيق السلام الاجتماعي، لكن من العنف، وحتى العنف ضد الاستعمار، لا يمكن تكوين مجتمع سالم. عندما تدخل في عملية تحويل الناس إلى مجرمين، وان كان من قتلوا جناة، فلن يجعل هؤلاء الذين يقتلونهم بان لا يكونوا أنفسهم جناة. هذه تجربة شائعة بين جميع الجنود العائدين من الحرب في العالم.

س. كيف كان نهجنا في مواجهة العنف في السنوات الأخيرة؟

ج. بعد الثورة طرحت أطروحة جديدة وما زالت قائمة. هذه الأطروحة قسمت الحداثة إلى أجزاء مادية وغير مادية. الإطار الفكري لهذه الأطروحة هي أننا يجب أن نكتسب حداثة مادية -آلية، لكننا لا نريد حداثة غير مادية، أي كل شيء مستمد من الثقافة والعقلية الغربية.

هذا يعني أننا نريد أن يكون لدينا أحدث الأجهزة والأسلحة ولابد من أن نستخدم الأدوات الحديثة، لكننا لا نريد الثقافة غير المادية للبلدان التي صنعتها. بعد فترة، وضعت أطروحة تقول بخلق الحداثة الأصلية الخاصة بنا. وهذا يعني بانه بما أننا تمكنا من صنع الوسائل المادية، يجب علينا أيضا أن نجعل ثقافتها الخاصة بنا بعيدا عن الآخرين. بالطبع، هذه الأطروحات سطحية، لأنه في العلوم والثقافة والفن، إلخ، الشرق والغرب، في الماضي البعيد والحاضر، مترابطان تماما ولا يمكن الفصل بينهما. لولا ابن سينا​​، فلك يكن الطب بشكله الغربي يتكون أصلا؛ لولا الابتكارات الغربية، لكان الطب اليوم شرقيا وبقي بدون الورقة التي جاءت من الشرق وصناعة الطباعة التي جاءت من الغرب؛ وبدون حركة الترجمة الكبيرة من اليونانية إلى العربية ومن ثم إلى اللاتينية التي قام بها الشرق المسلم، لم تكن هناك حركة نهضة في الغرب وبدون حركة النهضة لم تتشكل الحرية والديمقراطية في العالم الحديث.

على كل حال، لو حدثت أي من هذه الأشياء لكانت الأمور اختلفت. لذلك، لا يمكننا الشروع في التوطين الثقافي دون فهم عقلية الأدوات والصناعة والتطور الجديد. لا تأتي الهوية بنفي آخر، لكن بالقبول والتفاعل مع الآخر يمكن تحقيق الهوية. ما لم نفهم هذا، لن نفعل شيئا سوى إيذاء أنفسنا. إذا استطعنا فعل شيء بالشعارات، فلم نواجه الكثير من المشاكل اليوم. انها ليست خاصة بنا. في كل مكان في الغرب أو الشرق، لو حققت الأمنيات بالكلمات والشعارات والصراخ، فكان لدينا عالم مختلف.

س. كيف تقيمون حالة العنف في المجتمع الإيراني الحالي؟

ج. معظم أعمال العنف في المجتمع الإيراني اليوم هي عنف كردة فعل ويمكن حله عن طريق التخطيط وتقديم حلول أقل تعقيدا. ومن الأمثلة على ذلك دخول النساء إلى الملعب. لأنه إذا لم تكن هذه الحساسية موجودة ولم يتم فرض الحظر ولم يتم التدخل فيها عبر كل السبل، فربما لم تكن الكثير من النساء على استعداد للذهاب إلى الملعب، ولكن عندما ظهرت الحساسيات، تبع ذلك رد الفعل والمعارضة. حتى في البلدان التي لا يعد ذهاب النساء إلى الملاعب محظورا، لا ترحب الكثير من النساء بالفكرة. لقد حدث هذا على وجه التحديد في إيران وحدها وتسبب في أضرار متعددة ومتزامنة. هذا مجرد مثال واحد على مئات، بل الآلاف، من القرارات الخاطئة التي رأيناها في السنوات الأخيرة. القرارات التي تستند إلى الوهم بأن ملايين الناس في المدن التي تضم عددا كبيرا من الشباب المتعلمين يمكن أن تدار كقرية كبيرة وبشكل دائم في حياة الناس، وذلك في بلد يمتلك حضارة عمرها آلاف السنين ويتمتع بثروة غير محدودة. ان تتدخّل وتتولى الأمور دون أي رد فعل. لا تظهر ردود الفعل هذه فحسب، بل ستستمر في الزيادة. بدلا من الاستجابة لمطالب الناس، ينبغي منحهم أكبر قدر من الحرية والثقة وأجواء صحية. ولا شك بأن نتيجة هذه الأعمال ستظهر على الفور.

س. هل يمكن أن تكون الخلفية الثقافية والتاريخية لإيران مانعا لانتشار العنف بسبب صنع سياسة غير مناسبة؟

ج. لسوء الحظ، وبالنظر إلى الأدلة التاريخية الواسعة التي لدينا، لا يمكن لأي ثقافة أو مجتمع، وخاصة في عالم اليوم، أن نتخيل أن الماضي سيوفر ضمانا للسياسات الخاطئة. أحد الأسئلة التي طرحت في العصر المعاصر هو ما إذا كانت الثقافات يمكن أن تموت وتختفي. الجواب نعم، لكن موت الحضارة ليس أمرا شائعا، وقد حدث ذلك عدة مرات فقط عبر تاريخ البشرية وذلك في الثقافات القديمة العظيمة، ربما فقط الثقافات المصرية والآشورية في بلاد ما بين النهرين قد اختفت. الموت الثقافي يحدث في كثير من الأحيان أقل في الحضارات القديمة. كلما كانت الثقافات أقوى، قل احتمال موتها.

المجتمع الإيراني من المجتمعات التي ظلت ثقافته تعيد بناء نفسها باستمرار واستعاد ثقافته بعد كل فترة من الحرب والدمار والأحداث الطبيعية. على الرغم من أن إيران تقع في منطقة الشرق الأوسط الخطيرة، إلا أنها قادرة على التعافي، لكن هذه العملية تتطلب العزم الجماعي. يجب على المرء أن يعترف بأن المجتمع مريض نتيجة عدم كفاية العديد من المسئولين، ومن ثم يسعى لتحسينه. علينا أن نتبنى الحقائق ونتجاوز تلك الحقبة الذهبية، التي هي في معظمها ليست إلا أوهام وتصورات. يشبه المجتمع كائنا حيا، وإذا كنت تهتم به، فستتحسن الأمور بالتأكيد، ولكن إذا تركته بمفرده فقد يضل. في الواقع، لقد مر مجتمعنا بالعديد من هذه الضلالات، القول بأنه لا توجد مشكلة في الظاهر ليس هو الحل.

نحن الآن نعرف أسس العنف، وأضرار العنف، وطرق التعامل معه، لكننا لا نطبق طرق التعامل معه. لسوء الحظ، واحدة من مشاكلنا هي أننا نعتقد أن المشكلة ناجمة من التعليم. لكن مشكلة العنف وجذوره معروفة جيدا، ومعالجتها واضحة. العنف ليس ظاهرة جديدة. كانت هناك الملايين من الدراسات حول هذا الموضوع. لذلك ليس من الصعب التعامل معها.

لا تتم مواجهة العنف لسببين. الأول هو أسباب أيديولوجية سياسية خاصة والثاني هو الفساد. إذا حررنا أنماط حياة الناس جزئيا، فقد تجنبنا العنف إلى حد كبير، لكن هذا مجازفة سياسية. لأن الحرية ترفع نسبة التوقعات. لكن في بعض الأحيان يمكن استخدامه كموقف عكسي. في حالة الاحتجاجات الاجتماعية، على سبيل المثال، لا تشكل المواجهة الناعمة والمتحضرة مع هذه الاحتجاجات خطرا على النظام السياسي. لكن ردود الفعل العنيفة يمكن أن تسبب الكثير من الأضرار الاجتماعية وتكلف النظام الكثير.

عقبة أخرى أمام مكافحة العنف هي الفساد. لا يمكن الدخول في محادثة مع الفساد. في نظام فاسد، لا توجد إرادة لمحاربة العنف، وبالعكس تتم الاستفادة من العنف. أحد أهم أسباب عدم محاربة العنف هو الجانب النفعي له.

مهمتنا كوننا علماء اجتماع هي إثارة مناقشات يمكن للسلطات والجمهور الاستفادة منها. ما زال لدى الكثير ممن يتبنون نظرة أيديولوجية سياسية؛ اهتمام بحماية المجتمع من الأخطار الخارجية، ولكن هناك أيضا مجموعة فاسدة لا تحمل هاجسا في حل هذه المشكلة. في النظام الاجتماعي، يعد الأمن العنصر الأكثر أهمية، وإذا ثبت لجميع الناس أن بعض القيود على نمط الحياة تكون فعالة في الحفاظ على الضمان الاجتماعي. لذلك لا يتم التشكيك في مبدأ الحظر، بل مناقشة ما يحدث ويمكن منعه بسهولة.

النهاية

مقالات ذات صلة