خاص شفقنا- بعد تجاهل دام لسنوات للمأساة التي تمر بها ليبيا وشعبها بعد اسقاط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي عام 2011 بتدخل مباشر من حلف الناتو بدون تفويض اممي، تتصدر ليبيا هذه الايام اهتمام الغرب مرة اخرى،حيث احتضنت العاصمة الالمانية برلين قبل ايام مؤتمرا شارك فيه كل المعنيين بالازمة الليبية،بهدف مناقشة الاليات التي يمكن ان تساهم في الوصول الى وقف الحرب العبثية التي ازهقت ارواح الالاف من الشعب الليبي، ودمرت بناه التحتية فيما خطر التقسيم مازال جاثما على صدر الليبيين.
الملفت ان الاهتمام الغربي بليبيا لم يأت حرصا على الليبيين ومستقبل بلدهم، بل جاء كردة فعل على التدخل التركي والروسي في الشان الليبي بعد ان ارسلت البلدان الالاف من المرتزقة، لدعم طرفي الصراع هناك ، حيث تدعم تركيا رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج في طرابلس، بينما تدعم روسيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر في شرق ليبيا والذي يقود هجوما منذ اشهر للسيطرة على طرابلس.
ومن المعروف ان تركيا ليست وحدها في ليبيا بل هناك قطر وايطاليا بالاضافة الى الجهات المحسوبة على الاخوان المسلمين في المنطقة ، فيما روسيا تتمتع بدعم مصري واماراتي الى جانب فرنسا، اما السبب الرئيسي الذي افرز هذين المحورين هو النفط والغاز والثروات الليبية و موقع ليبيا الاستراتيجي التي تشارك اوروبا الحوض المتوسط.
الاندفاعة التركية القوية في ليبيا وخاصة خلال الفترة الماضية والتي تجسدت في توقيع اتفاقية للتعاون الامني والعسكري بين تركيا وحكومة لسراج وكذلك اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تسمح لتركيا للتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط وارسالها الالاف من السوريين للحرب مع السراج ضد قوات حفتر، قابلها اندفاع روسيا دعما لحفتر حيث ارسلت الالاف من الروس التابعين لشركة فاغنر الامنية، وبدا واضحا ان النفوذ التركي والروسي اخذ يهدد مصالح الغرب، الامر الذي جعل وزير خارجية امريكا مايك بومبيو يشجع اوروبا على لعب دور اكبر في ليبيا للحد من نفوذ تركيا وروسيا، وهو ما دفع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ان تدعو جميع الدول المعنية بالازمة الليبية للمشاركة في اجتماع برلين، الذي خرج بتوصيتين الاولى منع ارسال اسلحة لطرفي النزاع في ليبيا، والاخرى العمل على وقف اطلاق النار بهدف توفير الارضية للوصول الى تسوية سياسية للحرب الدائرة في ليبيا.
المضحك المبكي ان الدول التي شاركت في هذا الاجتماع اغلبها متورط في الحرب الدائرة في ليبيا فجميعها ترسل اسلحة الى طرفي النزاع بدون اي حسيب او رقيب خاصة تركيا والامارات ومن يدعم موقفهما في ليبيا، بل ان هذه الدول هي التي تحول دون وقف اطلاق النار في ليبيا عبر تحريض طرفي النزاع في ليبيا على رفض اي دعوة لوقف اطلاق النار كما حصل مؤخرا عندما رفض حفتر وقف اطلاق النار وانسحب في الاجتماع الذي اشرفت عليه روسيا.
اجتماع برلين كشف من بين ما كشف نفاق وجشع وطمع المشاركين فيه، فالعالم كله يعرف ان الدول المشاركة في اجتماع برلين هي التي اوصلت ليبيا والشعب الليبي الى وما صلا اليه اليوم، بعد ان تدخلت عسكريا في ليبيا ودمرت الجيش الليبي وسلحت الليبيين وحرضتهم على قتال بعضهم البعض، حتى اصبحت ليبيا ومنذ سنوات مقسمة فعليا، بل تحولت الى ملاذ للجماعات التكفيرية وعلى راسها داعش،كل ذلك من اجل نهب ثروات ليبيا وضرب كل عناصر قوتها، واليوم وبعد خرابها جاءوا واجتمعوا لا من اجل التكفير عن جرائمهم بحق الشعب الليبي بل من اجل توسيع الكعكة الليبية ب”الانصاف” بينهم.
فيروز بغدادي