خاص شفقنا- بيروت-تواصلت اليوم التحركات الشعبية الاحتجاجية وأعمال قطع الطرق في غالبية المناطق اللبنانية ولا سيما بيروت وطرابلس وعكار وصيدا وزحلة، بالتزامن مع اقفال المدارس الرسمية والخاصة والمؤسسات العامة.
وشهد مدخل بيروت الشرقي في منطقة “جل الديب” مسيرة طلابية حاشدة بالأعلام اللبنانية والشعارات المطلبية، جابت الشوارع الرئيسية رغم هطول المطر الشديد، وانتهت باعتصام في ساحة جل الديب. كذلك قام محتجون وطلاب بمسيرة في شوارع مدينة زحلة في البقاع وطالبوا أصحاب المحال التجارية بإقفال مؤسساتهم، كما نفذوا وقفات احتجاجية منذ الصباح أمام المصارف والادارات والمرافق العامة في المدينة وأجبروا الموظفين على الاقفال والمغادرة.
وأكد المحتجون استمرار التحرك وصولا إلى تحقيق المطالب المعلنة كافة.
وأعلن المحتجون في مدينة صيدا جنوب لبنان استمرارهم بالتحرك في الشارع وتوجههم إلى المصارف لإقفالها، كما سجلت أعمال قطع طرق عند بعض مداخل بيروت وفي مقدمتها جسر “الرينغ”. ونفذ المعتصمون في عكار شمال لبنان اعتصاما لمطالبة المصارف في المنطقة بفتح أبوابها الأثنين المقبل، وتأدية حقوق المواطنين والمودعين، ملوحين بالتصعيد في حال عدم الاستجابة.
ولفتوا إلى “أن المستشفيات اللبنانية نفذت وقفات احتجاجية بتوقيت موحد بعد الظهر شارك فيها الأطباء والكوادر الادارية للمطالبة بتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية التي بدأت تنفد من المستودعات بسبب الأزمة المالية التي تعرقل عمليات الاستيراد”.
هذا وأكدت مصادر مطلعة على المعطيات الحكومية والاتصالات الحاصلة حولها، لصحيفة الـ”الجمهورية” أنّ التوزيعة الحكومية من حصص وحقائب وأسماء أنجزت باستثناء مشكلة صغيرة بقيت، ولم يتمكن الاتصال الطويل المَفتوح بين المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل من تذليلها أثناء الغداء الذي جمع بري مع الرئيس المكلف حسان دياب.
أما العقدة المتبقية فهي بحسب هذه المصادر إصرار الرئيس المكلف تدعمه حركة أمل وتيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي على إسناد منصب نائب رئيس الحكومة الى أمل حداد، ودَمج وزارة الاقتصاد بحقيبة من حقائب التيار والمرجّح ان تكون وزارة الدفاع، ليصبح وزيرهما واحد بما يكسر معادلة “الثلث المعطّل” والصبغة الباسيلية عن الحكومة.
ورجّحت المصادر ان تعالج العقد المتبقية في ظل اجواء ايجابية تسمح بإعلان وشيك لولادة الحكومة .
في رواية أخرى إنّ العقد المسيحية لم تحل بعد، وقد عرضت مجموعة من الصيغ للنقاش في الساعات المقبلة.
كما أن المتفائلون بولادة الحكومة التي ستكون سياسية بقناع اختصاصيين، وستلتف على على مطالب الانتفاضة الشعبية غير المستكينة، أكدوا انّ 95 في المئة من التشكيلة الوزارية قد تم انجازها، وبقي ما وصف بـ«تفاصيل صغيرة» تحتاج الى حلحلة وحسم بين الرئيس المكلف والوزير جبران باسيل، مؤكدة أنّ هذه التفاصيل ليست عَصيّة على الحل.
فيما ذكر أنّ «حزب الله» قدم إسمين غير حزبيين واختصاصيين لوزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية. على انّ التشكيلة المتداولة والتي تبدو مكتملة تضمنت بعض الاسماء غير المحسومة بعد.
وفي السياق نفسه، أشار رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان الى اننا “لن نقبل بتغيير المعايير مع الطائفة الدرزيّة، فإمّا أن تُعتمد المعايير مع كل الطوائف والمذاهب بالتساوي أو سيكون لنا كلام آخر.” وأضاف ارسلان في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، “ظلمٌ في السّويّة عدلٌ في الرعيّة”.
هذا وأوضح المكتب الإعلامي في “دار الفتوى” في بيان له الجمعة أن “ما تم تداوله عبر إحدى الصحف المحلية من تدخل دار الفتوى في تشكيل الحكومة أو تسمية بعض الأشخاص لتولي حقيبة في الوزارة العتيدة هو عار من الصحة جملة وتفصيلا”.
وأكد البيان أن “مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لم يشارك في تشكيل الحكومة وكل ما ينسب اليه في خصوص بعض الأسماء المرشحة للتوزير محض تحليلات وآراء تخص أصحابها”.
ولفت البيان الى ان “المكتب الإعلامي في دار الفتوى هو الوحيد المخول التعبير عن رأي الدار حصرا”.
من جهته، اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان “الحكومات اللبنانية المتعاقبة والسياسات المعتمدة والهدر والفساد وحماية المرتكبين كلها عوامل وضعت لبنان على طريق الأزمة الكبرى مالياً واقتصادياً واجتماعياً، هنا استغلت أميركا هذا الواقع للمزيد من الضغط على لبنان، سواءً من خلال إسقاط شعارات تتحدث عن تغيير بنية النظام وتركيبة النظام وخيارات الشعب عند بداية الحراك الشَّعبي في الأيام الأولى”.
وكشف الشيخ قاسم في كلمة له مع الأساتذة الجامعيين ان “تشكيل الحكومة أصبح على الأبواب، وقد راعى رئيس الحكومة المكلَّف والقوى التي وافقت على الاصلاح إعطاء هذه التجربة فرصتها، وبالتعاون مع رئيس الجمهورية بما يمكن أن تشكل إدارة إنقاذية إصلاحية، يجب إعطاء الفرصة لهذه الحكومة كي تعمل، قبل أن تصدر الأحكام المسبقة عليها”.
على الصعيد الإقتصادي، أشارت وزيرة الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ندى بستاني في تصريح لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الى انه استكمالاً لخطوة استيراد الدولة لمادتي البنزين والمازوت، وقّعت صباح اليوم قرار تكليف منشآت النفط باستيراد الغاز المنزلي الى لبنان، وذلك بعد اجراء التحضيرات الفنية اللازمة التي تستغرق حوالي 4 أشهر.
كما وجّه وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش، كتابًا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، عَرض فيه مسألة “ارتفاع أسعار السلع الإستهلاكيّة كافّة بشكلٍ عام والغذائيّة منها بشكلٍ خاص منذ بضعة أشهر، بما فيها أكلاف صناعة الرغيف”.
وطلب “إعطاء موافقة استثنائيّة لدعم القمح المستورد لإنتاج الطحين الخاص بصناعة الخبز اللبناني، حفاظًا على الأمن الغذائي للمواطنين وعلى استقرار سعر الخبز اللبناني”.
وقد جاء الطلب على ضوء “الضائقة الاقتصاديّة والماليّة الّتي تمرّ بها البلاد حاليًّا، والّتي انعكست ضيقًا على ذوي الدخل المتوسط والمحدود”.
بدورها، أعلنت جمعية المصارف في بيان خفض معدل الفائدة المرجعية في سوق بيروت التي يستند اليها المصارف لوضع الفوائد على عدد كبير من القروض.
وأوعز وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل بوقف صرف أي مبالغ مالية مرتبطة بمشروع عقد الصيانة مع هيئة أوجيرو للعام 2019، إلى حين صدور نتيجة التحقيقات التي يجريها ديوان المحاسبة.
من جانبها نوهت وزيرة الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال ريا الحسن “بالجهوزية التامة لقوى الامن الداخلي والمناقبية التي تتمتع بها عناصرها بقيادة المدير العام للقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان”، مؤكدة أن “قوى الامن تقوم بواجباتها ضمن اطار القوانين، وان اي مخالفة من قبل عناصرها تخضع للمساءلة من قبل قيادتها، وتتخذ بحقهم الاجراءات المسلكية اللازمة”.
وفي هذا الاطار، طلبت الحسن من المفتش العام لقوى الامن الداخلي العقيد فادي صليبا “متابعة التحقيقات التي تجريها المديرية العامة لقوى الامن نتيجة الاحداث التي حصلت خلال الساعات الـ48 الماضية. مع التأكيد انه بامكان المتضررين من المتظاهرين التقدم بشكاوى لدى المفتشية العام لقوى الامن الداخلي”، مهيبة بالمواطنين “الحفاظ على سلمية التظاهر، وتجنب الاعتداء على الاملاك العامة والخاصة، والتقيد بتعليمات القوى الامنية اثناء التظاهر وعدم التعرض لها، حفاظا على هيبة الدولة”.
خطب الجمعة:
أمل المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان “أن يخرج الدخان الأبيض من مشحرة هذه الطبقة السياسية التي سوّدت أيام اللبنانيين، وأمعنت في إفلاس البلد بسياسات النهب والهدر والتجويع وتكديس الثروات على حساب الناس ومصير البلد، الذي أصبح اليوم معلقاً على خشبة المحاور والانقسامات والصراعات الطائفية والمذهبية”.
ووجه المفتي قبلان خلال خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، خطابه للطبقة السياسية بالقول: “لا تغامروا ولا تقامروا بمصير البلد؛ فالبلد على حافّة انفجار اجتماعي وأمني كبير، وليكن لديكم من الشجاعة ما يكفي لاتخاذ القرار التاريخي والموقف الوطني الذي يمكّننا من تخليص بلدنا، وإعادة بناء دولة تحميه، وتضمن حقوق بنيه في العيش بحرية وكرامة، من خلال حكومة متجانسة ومتعاونة، تتحمّل مسؤولياتها في وقف الانهيار، الذي يبدأ بمكافحة الفساد، وإقفال مزاريب السرقة والهدر في قطاعات الدولة ومؤسساتها وإداراتها، وفي منع كل الصفقات المشبوهة، وفي تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة بقضاء مستقل وغير خاضع ومرتهن إلا للعدالة”.
أما نائب رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” الشيخ علي دعموش فقد أعلن في خطبة الجمعة “أننا في حزب الله تحملنا كامل مسؤولياتنا على الصعيد الحكومي وقدمنا كل التسهيلات من أجل الاسراع في تشكيل الحكومة، ولم نطلب شيئا خاصا، لأن همنا كان ولا يزال كيف ننقذ بلدنا من الانهيار وليس كيف نحصل على حصص ومكاسب وحقائب وزارية”.
وشدد “على ان المطلوب من الجميع اليوم ومن موقع الحرص على انقاذ البلد، عدم اختلاق العراقيل والتعقيدات وتقديم التنازلات والتسهيلات، والترفع في هذه اللحظة السياسية الحرجة التي يمر بها لبنان عن منطق المحاصصة وتحصيل المكاسب، فهذا المنطق ليس في مصلحة الاطراف السياسية ولا في مصلحة البلد”.
كما أمل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، في تصريح، “ان تبصر الحكومة الاصلاحية النور في القريب العاجل، وليكن معيار تشكيلها العمل لانقاذ لبنان، ومعالجة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية ولم شمل اللبنانيين وتحقيق الاستقرار السياسي الذي يسهم في الحد من الانهيار الاقتصادي”.
وطالب الحكومة الجديدة بان “تضع في اولوياتها استعادة المال العام المنهوب وانقاذ الاقتصاد الوطني واصلاح ما افسدته سياسة اغراق لبنان في الديون وتقسيم الغنائم والمحاصصات”، وقال: “نحن نريد حكومة متراصة ومتعاونة تعيد ثقة المواطن بمؤسسات الدولة،التي نريدها منصفة تستجيب لآمال وتطلعات المواطنين”.
النهاية