خاص شفقنا-بيروت-بعد ليل مليء بمواجهات عنيفة بين متظاهرين أمام مصرف لبنان والقوى الأمنية امتدت حتى منتصف الليل إلى شارع الحمرا، نتج عنها تحطيم واجهات مصارف ومحال وإطلاق قوى مكافحة الشغب للرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع واعتقال عدد من الأشخاص، نفذ اليوم عدد من الاعتصامات في المناطق أمام فروع مصرف لبنان ومحلات الصيرفة ومؤسسات رسمية، كما قطع عدد من الطرقات في عدة مناطق.
وبعد اضرام النيران أمام مبنى جمعية المصارف في وسط بيروت بالامس، أوضحت معلومات أمنية وبحسب ما تبيّن من كاميرات المراقبة أن مجموعة من الشبان كانت تفترش الارض أمام المبنى وتتناول الطعام، وبعد الانتهاء أقدم أحد الشبان على تغطية الكاميرا بكيس بلاستيكي، ليعمل الباقون بعدها على إضرام النيران. ولفتت المعلومات الى أن القوى الأمنية تقوم بالتحري عن هذه المجموعة للتمكن من التعرف على الاشخاص.
بدورها أعربت جمعية المصارف في بيان، عن أسفها “للاحداث التي حصلت أمس في الحمرا”، مشددة على “اننا على ثقة بأن الفاعلين لا يمتّون الى ثوار لبنان الحقيقيين بصلة، بل هم جماعة من الغوغائيين المدفوعين والمأجورين والمعروفي الاهداف”، داعية القوى الامنية الى “أخذ التدابير اللازمة لكشف ومعاقبة كل من حرض وخطط وساهم في هذا العمل الهمجي الذي يصيب قطاعا يجاهد لخدمة الناس والحفاظ على مصالحهم في أحلك ظرف يمرّ به لبنان”.
إزاء هذا الوضع الأمني، ترأست وزيرة الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال ريا الحسن اجتماعا استثنائيا لمجلس الامن المركزي، وأكدت الحسن على “أحقية التظاهر السلمي تحت سقف القوانين مرعية الاجراء التي كفلت حرية التظاهر”، مشددة على “عدم التهاون مع المخلين بالأمن ومثيري أعمال الشغب التي تضر بمصالح المواطنين والمؤسسات العامة والخاصة، والمعتدين على عناصر الجيش والقوى الامنية المولجة حفظ الامن والنظام”.
ولفتت الحسن الى أن “حصيلة الاصابات نتيجة الاعتداء على عناصر قوى الامن الداخلي في اعمال الشغب التي حصلت في شارع الحمراء امس، بلغت 47 عنصرا بينهم 4 ضباط بكسور ورضوض، بالاضافة الى التعديات واعمال التخريب التي طالت الممتلكات العامة والخاصة التي دفعت القوى الامنية الى توقيف 59 مشتبها فيهم”.
ثم اطلع المجلس على الاجراءات الامنية المتخذة من قبل الاجهزة العسكرية والامنية في المناطق اللبنانية كافة، في ظل استمرار التحركات والتظاهرات الشعبية.كما ناقش مسألة ارتفاع معدلات السرقات في الآونة الاخيرة. فطلبت الوزيرة الحسن من القوى الامنية “مضاعفة جهودها لمكافحة هذه الظاهرة”.
حركة الشارع أرخت بانعكاساتها على الوضح الحكومي حيث أكدت مصادر مطّلعة على مفاوضات التشكيل الحكومي لصحيفة “الجمهورية” انّ الحرارة عادت الى خطوط التواصل بين المعنيين بهذا الاستحقاق بزَخم كبير، إذ شهدت الساعات الماضية حراكاً كثيفاً أنتجَ تفاهمات بين الرئيس المكلف حسان دياب والافرقاء الاساسيين تنذر بولادة الحكومة خلال ٤٨ ساعة او اكثر بقليل، ويسبقها بعض الاجتماعات التي سيعقدها دياب وأبرزها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير جبران باسيل.
وقال مرجع مسؤول لـ”الجمهورية” رداً على سؤال عمّا اذا كان تشكيل الحكومة يحدّ من الازمة، إن “مجرد تشكيل الحكومة يحدث صدمة إيجابية بنسبة 50 في المئة، وامّا الـ50 المتبقية فتتطلب جهداً دؤوباً وعملاً حكومياً نوعياً”، ولدى سؤاله: هل هو متفائل بتأليف الحكومة قريباً؟ أجاب المرجع: “الإيجابية موجودة، ولكن ما تقول فول تا يصير في المكيول”.
هذا وأدان رئيس مجلس النواب نبيه بري ما حصل في شارع الحمرا مساء أمس، وقال: “بإسمي وبإسم المجلس النيابي نعلن إستنكارنا الشديد لما حصل في شارع الحمرا”. وخلال لقاء الاربعاء النيابي، وصف الرئيس بري أحداث الأمس بـ”الأمر غير المقبول”، مضيفًا: “لا أتهم اشخاصًا معينين ولا اتهم الحراك المدني، وإن كان هناك شيء مقصود ومستهدف من أناس غير معروفين، سائلًا: “هل المطلوب تدمير البلد؟”.
وقال بري إن “بيروت عاصمتنا جميعًا وليس عاصمة أحد دون آخر، وما حصل شيء لا يصدق حقيقةً فإذا كان الحراك بهذا الشكل “ليس حراكًا وليس ثورة”. مبشّرا إلى انه “سيكون للبنانيين حكومة قريبا ونحن على ثقة بأن اللبنانيين لن يفقدوا الأمل بحل المشاكل”. ورداً على سؤال حول الموازنة، أشار النائب علي بزي نقلا عن بري إلى أنه سوف يحدد موعدا لجلسة لإقرار الموازنة قريباً.
في السياق عينه، إعتبر رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ان “الهجمة التي تعرض لها شارع الحمرا غير مقبولة تحت أي شعار من الشعارات، وهي هجمة لا اريد تحميلها لثورة الناس وغضبهم تجاه المصارف، ولكنها كانت لطخة سوداء في جبين أي جهة أو شخص يقوم بتبريرها وتغطيتها”.
وأضاف الحريري: “إنني من موقعي السياسي والحكومي والنيابي، لن أقبل أكون شاهد زور على مهمات مشبوهة يمكن ان تأخذ كل البلد إلى الخراب”، مؤكدا إلى أننا “في حكومة تصريف الأعمال ولن أكون تحت أي ظرف على رأس حكومة لتغطية أعمال مرفوضة ومدانة بكل مقاييس الأخلاق والسياسة، ويستدعي تحرك القضاء لملاحقة العابثين بسلامة العاصمة، بمثل ما يستدعي تحمل الجيش مسوؤولياته في ردع المتطاولين على القانون والمتلاعبين بالسلم الأهلي”.
من جهته، اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش، في حفل أقامه حزب الله في حي السلم، “أننا في لبنان نمر في أسوأ مرحلة، والوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي من سيء الى أسوأ، والبلد بات على حافة الانهيار، وبتنا في لحظة حرجة وحساسة على مستوى كل الوطن، والناس تصرخ ولم تعد تحتمل الوضع السيء الذي وصلت اليه”.
وختم بالقول: “نحن في حزب الله قدمنا كل التسهيلات وما زلنا نقدم كل ما هو مطلوب من اجل ولادة حكومة انقاذية منسجمة وفاعلة، ولا نبحث عن حصص او امتيازات وانما نبحث عن كيفية وقف الانهيار وانقاذ البلد، ونخشى ان لم يتم التفاهم على تشكيل الحكومة عاجلا أن نخسر الفرصة المتاحة ونذهب الى المجهول والفوضى وهذا ليس فيه مصلحة لأحد”.
كما علّق ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الى آخر التطوّرات السياسية والشعبية في لبنان، وطريقة تعاطي الأفرقاء مع الملف الحكومي. وقال عبر حسابه على “تويتر”: “السياسيون في لبنان يجب أن يلوموا أنفسهم على هذه الفوضى الخطرة لا أن يلوموا الشعب”. وأضاف أن “لبنان فريد من نوعه، فمصرف لبنان يطلب صلاحيات استثنائية لإدارة الاقتصاد في حين يقف المسؤولون عن الوضع في موقف المتفرج وهو ينهار”.
من جهته اشار النائب سيزار ابي خليل في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى ان “التفتيش عن دور مفقود او النزول من بوسطة والصعود بأخرى هو امر يعنى صاحبه، اما التطاول على رئاسة الجمهورية او على دورها فهذه طويلة”.
النهاية