شفقنا العراق-المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني تؤكد على ضرورة أن يكون العراق سيد نفسه يحكمه ابناؤه ولا دور للغرباء في قراراته، يستند الحكم فيه الى ارادة الشعب ويكون حكماً رشيداً يعمل لخدمة جميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم القومية والدينية.
جاء ذلك عبر منبر الجمعة في كربلاء المقدسة، حيث تلا وكيل المرجعية العليا، السيد أحمد الصافي بيان المرجعية الدينية بمناسبة الأحداث الأخيرة التي شهدها العراق.
وأكد سماحة السيد السيستاني “دام ظله” في بيانه إن الأحداث الأخيرة وانتهاك سيادة العراق شاهد على ضعف ظاهر للسلطات المعنية في حماية البلد وأهله من تلك الاعتداءات والانتهاكات.
وأكدت المرجعية العليا إن بعض الأطراف المعنية إذا أصرت على مواقفها ورفضت التزحزح عنها فيؤدي ذلك إلى تفاقم المشكلة في مختلف جوانبها وأن يفسح المجال للآخرين بمزيد من التدخل في شؤون البلد وانتهاز الفرصة لتحقيق مطامعهم فيه.
وبينت المرجعية إن أسلوب المغالبة وفرض الرؤية على الباقين سيؤدي الى استحكام الازمة واستعصائها على الحل.
وفيما نص بيان المرجعية العليا الذي قرأه السيد أحمد الصافي في كربلاء بتاريخ 14 جمادى الأولى 1441هـ، الموافق 10/1/2020م
بسم الله الرحمن الرحيم
في اوقات المحن والشدائد تمسّ الحاجة الى التعاون والتكاتف، ولا يتحقق ذلك الا مع استعداد جميع الاطراف للتخلي ولو عن جزء من مصالحهم الذاتية وترجيح المصالح العامة عليها.
ان التعامل بأسلوب المغالبة من قبل الاطراف المختلفة التي يملك كل منها جانباً من القوة والنفوذ والامكانات ومحاولة كل منهم فرض رؤيته على الباقين سيؤدي الى استحكام الازمة واستعصائها على الحل، وبالتالي ربما يخرج الجميع منها خاسرين، وتكون الخسارة الاكبر من نصيب البلد وعامة الناس الذين ليس لهم دخل في الصراعات الداخلية والخارجية الجارية ولا يعنيهم امرها بمقدار ما يهمهم أمن بلدهم واستقراره والمحافظة على استقلاله وسيادته وتوفير حياة حرة كريمة لهم ولأولادهم.
ان ما وقع في الايام الاخيرة من اعتداءات خطيرة وانتهاكات متكررة للسيادة العراقية مع ضعف ظاهر للسلطات المعنية في حماية البلد وأهله من تلك الاعتداءات والانتهاكات هو جزء من تداعيات الازمة الراهنة، والمطلوب من الجميع أن يفكروا ملياً فيما يمكن أن تؤول اليه الاوضاع اذا لم يتم وضع حد لها بسبب الاصرار على بعض المواقف ورفض التزحزح عنها، ان من المتوقع أن يؤدي ذلك الى تفاقم المشاكل في مختلف جوانبها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يفسح المجال للآخرين بمزيد من التدخل في شؤون البلد وانتهاز الفرصة لتحقيق مطامعهم فيه.
ان شعور الجميع بالمسؤولية الوطنية وترجمة هذا الشعور الى مواقف مؤثرة في وضع حل للازمة الحالية بالاستجابة لمتطلبات الاصلاح وفق الخارطة التي تكرر الحديث بشأنها يشكّل المخرج الصحيح من هذه الازمة لو اريد انهاؤها بنتيجة مقبولة، بعد كل التضحيات الجسيمة التي قدمها ابناء هذا البلد في مختلف الجبهات والساحات.
كفى الشعب ما عاناه من حروب و محن وشدائد على مختلف الصعد طوال عقود من الزمن في ظل الانظمة السابقة وحتى النظام الراهن، فلترتق الاطراف المعنية الى مستوى المسؤولية الوطنية ولا يضيعوا فرصة التوصل الى رؤية جامعة لمستقبل هذا الشعب يحظى فيه بما حلم به الآباء ولم يتحقق للأبناء الى هذا اليوم، وهو أن يكون العراق سيد نفسه يحكمه ابناؤه ولا دور للغرباء في قراراته، يستند الحكم فيه الى ارادة الشعب ويكون حكماً رشيداً يعمل لخدمة جميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم القومية والدينية، ويوفر لهم العيش الكريم والحياة السعيدة في عزّ وأمان، وهل هذا كثير على هذا البلد العزيز مع ما يمتلكه من عقول نيرة وامكانات هائلة؟!
نسأل الله تعالى أن يسدد الجميع ويمنحهم التوفيق للسير في هذا الطريق انه ارحم الراحمين.
النهاية