خاص شفقنا- بيروت-
ما زال لبنان في عين العاصفة السياسية والإقتصادية في ظل تخوف من تدهور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. وفي حين انشغال المعنيين السياسيين بالصراع الحكومي لا يلتفت أحد لمعاناة المواطنين حول غلاء الأسعار، إنخفاض الرواتب والصرف الجماعي، وغيرها من الأمور التي تطرح تساؤلات مخيفة أبرزها هل دخل لبنان مرحلة الإنهيار أم ماذا؟
اعتبر الخبير الإقتصادي حسن مقلّد، في حديث خاص لوكالة “شفقنا”، أنّنا نعيش بدايات مأزق مالي كبير ولم نصل إلى الإنهيار لحد الآن، موضحا أنّ لبنان يملك فعليّا أوراق قويّة لو يلعبها يستطيع إدارة الأزمة الحالية بطريقة أفضل مما هي عليه، كما يستطيع أن يشكل إمكانية للخروج منها بأقل الخسائر الممكنة، وقبل الوصول إلى الإنفجار المالي.
وأشار إلى أن هناك كمية إجراءات يمكن للدولة تطبيقها لتدارك الأمور منها إنشاء خلية أزمة كخطوة أولى، موضحا أن حكومة تصريف الأعمال لا تمارس الحد الأدنى من مهامها في ظل الحالة الحادة التي نعيشها، كما هو حال وزارات المال والإقتصاد وغيرها.
وتابع مقلّد بعرض الإجراءات قائلا: “لدينا كمية أموال من العملات الصعبة تتواجد في مصارف خارج لبنان وأخرى يملكها بنك المصرف المركزي بحسب الإحصاءات والبيانات الرسمية المعلنة، حيث اذا أحسن استخدامها عبر ضخها في السوق المحلي ستؤدي إلى مرونة وتسهّل على الناس هذه الأزمة التي يعيشونها”.
أحد الحلول ترشيد الإستيراد
وأضاف: “كما يمكننا ترشيد عملية الإستيراد، فيتم تحديد ما هو الإستيراد المسموح وما هو الممنوع، لأننا بلد نستورد بحدود الـ20 مليار دولار تقريبا بوقت لا نصدر إلى الخارج إلا بمليارين. وتابع: “أيضا اذا اتخذ قرار بالهدر الفاقع المعلن سواء المتعلق بالتهرب الجمركي أو الضريبي أو سياسة النفط أو الكهرباء، سيتم تأمين أموال ما بين الـ5 والـ8 مليارات دولار مباشرة، وستتغير موازين الحرب التي نتحدث عنها”.
وأيضا من الاجراءات التي تحدث عنها مقلّد عدم السماح باستيراد كميات معينة من أمور تتعلق بالرفاهية، مثلا: الدفع بين الـ300 والـ700 مليون دولار للعاملات المنزليات أو لعمالة معينة، إضافة إلى إستيراد 250 مليون دولار معسل وتنباك، وغيرها من عشرات الإجراءات التي تخفف من ضغط الأزمة وتحلّها، بحسب قوله.
لا يمكن لأحد المراهنة على أداء البنوك
وفيما يتعلق بأداء البنوك في هذه الأزمة الصعبة أوضح مقلّد أنه لا يجب على أحد المراهنة على المصارف بأن تقدم شيئا من تلقاء نفسها لحل الأمور، لأنها جسور وشرايين مالية تلتزم بالخطة التي تضعها الدولة، وأضاف: “هناك لحد اليوم كمية من الأموال اذا ضخت في الإنتاج المحلي وليس بالريع قادرة على قلب المعادلة، واذا طبق موضوع تدنّي الفوائد سيؤثر إيجابا على موضوع الدّين وخدمة الدّين”.
ورأى مقلّد أنه قبل الحديث عن أداء البنوك يجب الحديث عن مسؤوليّة الدولة والحكومة والرئاسات الموجودة التي بناء عليها يتم تصرف البنوك، لأنه في هكذا أزمة لا يقارب أحد المسألة من باب المؤسسات الخاصة كيف تصنع، لافتا إلى أنه “حتى الآن وفي ظل هذه الأزمة المجلس المركزي للمصرف المركزي غير معيّن كعدم وجود نواب للحاكم، والمطلوب أن يكون أداء البنوك مرن أكثر مقارنة بالإعلانات التي كانوا يعرضونها من قبل، كما على المصرف المركزي مقاربة الأمور بشكل مختلف. مؤكدا أنه هناك مجال لاستعادة الثقة بالقطاع المصرفي من خلال الأداء الذي ذكره.
إذا بقي الوضع كما هو عليه ستتراجع الليرة اللبنانية
وفيما يتعلق بتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية فقد اعتبر مقلد أن الأمر مرتبط بالوضع المالي والسياسي معا، فقال:” لا يوجد بلد في العالم يعيش أزمة حادة بهذه الطريقة ويعيش فراغ سياسي لمدة 50 يوم بنفس الوقت، لم يحدث هكذا أمر في التاريخ، ولا شك أن غياب الحل السياسي مؤثر جدا، في المقابل هناك عوامل تقنية حقيقية لها علاقة بالموضوع المالي”.
وفي سؤال حول ما اذا كانت الليرة اللبنانية ستستمر بالتراجع قال: “أن هذا الأمر حكما مرتبط بالإجراءات التي تتخذ لحل الأزمة الراهنة، لذا إذا كان هناك نية للحل ستتحسن الليرة، أما إذا بقي الوضع كما هو عليه دون القيام بأي شيء بالتأكيد ستتراجع”.
كما ربط تحسن الوضع المالي بحسب شكل الحكومة الجديدة وطريقة مقاربتها للأمور وبحسب نوعية الوزراء الموجودة فيها، موضحا: “اذا جاءت الحكومة الجديدة بنفس النهج الذي كانت عليه الحكومات السابقة وقاربة الأمور بنفس الأسلوب من ثلاثين سنة بالتأكيد لن يتحسن الوضع”، معتبرا أن الوزراء يجب أن يكونوا ذات كفاءة ونزاهة ومتخصصين حتى لو كانوا محسوبين على قوى سياسية، وليس وزراء فاسدين وجاهلين بعمل الوزارات المتخصصة.
وفاء حريري – شفقنا