خاص شفقنا- رغم ان جميع المؤشرات التي تشهدها التظاهرات المطلبية في العراق، تؤكد على ركوب ايتام صدام موجة هذه التظاهرات في محاولة منهم لحرفها ليس من اجل تغيير طبيعة المطالب بل من اجل احداث فتنة “شيعية شيعية” تأتي على الاخضر واليابس بهدف تمهيد الارضية لعودة البعثيين الى حكم العراق مرة اخرى، نرى بعض الاحزاب السياسية مازالت تفكر في مصالحها الضيقة وتتناحر حول مناصب لن تعود موجودة، اذا ما ظفر البعثيون لا سمح الله بحكم العراق.
في الوقت تهدد القيادات الحزبية بعضها بعضا ، وتعمل على اضعاف بعضها بعضا ، وتتهم بعضها بعضا، بينما عصابات البعث اخذت تظهر بين المتظاهرين وبشكل علني وتحاول ان تدير دفة التظاهرات وتوجهها صوب تحقيق اهدافها للانتقام من العراقيين ، الذين قبروا سيدهم الطاغية الذي ازهق ارواح الملايين من العراقيين خلال حكم البعث المجرم الذي تسلط على رقاب الشعب العراقي اكثر من اربعة عقود.
ليس هناك من يشكك في شرعية التظاهرات ولا بصوابية المطالب التي يرفعها المتظاهرون وفي مقدمتها مكافحة الفساد واقتلاع الفاسدين ومكافحة البطالة وتوفير فرص عمل للشباب والخرجين واصحاب الكفاءات، ولكن على ابناء محافظات الوسط الجنوب وبغداد، ان يطرحوا على انفسهم هذا الاسئلة المهمة وهي: لماذا التظاهرات والاضطرابات محصورة في المحافظات ذات الاغلبية الشيعية، بيننما باقي المحافظات تعيش في هدوء وسكينة؟،ولماذا تاخذ التظاهرات وبسرعة طابعا عنيفا يسقط خلال عشرات القتلى دون اي مبرر من بين المتظاهرين وعناصر الامن والشرطة؟،ولماذا ترفع شعارات لا علاقة لها من قريب اوبعيد بالمطالبات الشعبية؟.
كان على من يعتبرون انفسهم رؤساء وقادة لاحزاب شيعية، ان يستشفوا الحاضر من خلال وتيرة الاساءات التي تصاعدت منذ سنوات ، ضد المقدسات الشيعية كالشعائر الحسينية وزيارة الاربعين والمواكب والحوزات العلمية ووالمراجع والتقليد وحتى ان هذه الاساءات وصلت الى الائمة سلام الله عليهم ، عبر فيديوهات وتغريدات وافلام وصور تبثها شخصيات مجهولة تتعرض للائمة الاطهار ، وهي سلوكيات كانت تؤكد وجود ارادة تعمل وبقوة لنشر هذه الظواهر في المجتمع الشيعي بهدف ازالة القدسية عن المقدسات وسلب كل عناصر القوة لدى الانسان الشيعي، ليسهل السيطرة عليه وبالتالي دفعه لارتكاب اعمال ما كان ليقدم عليها قبل ذلك.
من القضايا التي كانت تلفت الانظار هو ان الشخصيات التي ظهرت منذ سنوات لتمهد الارضية امام اشعال فتنة “شيعية شيعية” ، هي شخصيات بعثية من اصول شيعية، الامر الذي يؤكد ان المؤامرة تم التخطيط لها منذ مدة، واللافت ايضا انه جميع من كان يملأ الدنيا ضجيجا على الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي من العراقيين من اتباع المذاهب الاخرى وهم ينتقدون الحكومة والاوضاع الاقتصادية، نراهم اليوم اختفوا ولاذوا بالصمت ، تاركين الساحة لرفاقهم البعثيين الشيعة، ليتكفلوا بالفوضى التي تضرب الشارع الشيعي وبعنف هذه الايام.
من السذاجة الاعتقاد ان الصداميين والمندسين هدفهم اسقاط الحكومة كما يعتقد بعض من يعتبرون انفسهم قادة ، فاهداف هؤلاء كما قلنا تتجاوز الحكومة الى كل النظام السياسي، الذي يطلقون عليه نظاما شيعيا بينما هو في الواقع نظاما ديمقراطيا يشارك في حكومته كل ممثلي المذاهب والقوميات في العراق دون استثناء ، بهدف الايحاء ان الشيعة فشلوا ادارة امور البلاد وحان الوقت ليتنحوا.
على عقلاء العرق وخاصة عقلاء الشارع الشيعي، ان يتداركوا الاوضاع قبل فوات الاوان ،وفي مقدمة الاشياء الذي تحول دونان انخراط عقد العراق ودخوله مرحلة الفوضى، هو تحقيق مطالب المتظاهرين ، عبر منح حكومة عادل عبدالمهدي فرصة لتحقيق ما وعد من اصلاحات، وكذلك فرزالمتظاهرين السلميين عن المندسين من البعثيين والتكفيريين، وضرب المجموعات المندسة بيد من حديد ، عسى ان يخرج العراق من عنق الزجاجة التي حشر فيها.
فيروز بغدادي