خاص شفقنا- تشهد لبنان مظاهرات انطلقت قبل أيام، إذ وصفت بالأضخم في زخمها وانتشارها، وكان خروج المحتجين في شوارع بيروت ومدن أخرى في أوله تعبيراً عن رفض زيادة الضرائب على الاتصالات بوسائل التواصل الاجتماعي ومنها الاتصال بالواتساب، ثم انتشرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي تغذيها الظروف الاقتصادية الصعبة والغضب من الفساد الحكومي، في جميع أنحاء البلاد وتحولت إلى موجة غضب شعبي تنديداً بالطبقة السياسية كلها والمطالبة برحيل قادتها.
2
تشهد منطقة غرب آسيا بشكل عام، هذه الأيام صراعات واحتجاجات وحروب أهلية في كل أنحاءها، فلم تمر فترة طويلة على الاحتجاجات في العراق وأزمة هجوم تركية على شمال سوريا، حتى شهدت لبنان احتجاجات واسعة النطاق على الحكومة. إذ بدأت شرارة الأحداث يوم الخميس الماضي على إثر الغضب الشعبي على زيادة الضرائب والرسوم على الوقود، وارتفاع رسوم الهاتف المحمول ومنها الاتصال بالواتساب، ومن جهة أخرى يشتكي الناس من النظام البنكي إضافة إلى الوضع الصحي العام، بعبارة اجل يشتكي اللبنانيون من الفساد الكبير وفرض الضرائب على الناس، إذ عبروا عن غضبهم في إطار احتجاجات هي أكبر من نوعها في العقود الأخيرة، مطالبين باستقالة رئيس الوزراء وإقامة الانتخابات نيابية المبكرة.
3
إن النظام السياسي في لبنان هو نظام برلماني ونظراً إلى الظروف الطائفية والاجتماعية والدينية في لبنان يحمل حالة فريدة بنوعها، إن هذا النظام يمنح لكل الطوائف والأديان حقها في العملية السياسية، وهذا الأمر هو نتيجة معاهدة الطائف التي وضعت نهاية للحرب الأهلية. إذ اتفقت الأطراف آنذاك بأن يكون الرئيس من المسيحيين المارونيين ورئيس الوزراء من أهل السنة ورئاسة البرلمان للشيعة ومساعد رئيس الوزراء من المسيحيين الأرثودوكس، كما يتم تقسيم مقاعد البرلمان بين الشيعة والسنة، لكن مع هذا شهدت الساحة السياسية في لبنان في السنوات الأخيرة انتهاكات في عملية تقسيم السلطة إذ حولت عملية اختيار أشخاص من الأحزاب المختلفة لتولي المناصب السياسية المهمة القضية إلى مشاكل سياسية خلقت نوعاً من عدم الاستقرار في البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان.
4
الصراعات السياسية التي شهدتها لبنان في العام المنصرم جعلته يواجه أزمة سياسية، إذ دارت حول اتفاق المجموعات السياسية لتشكيل الحكومة، مما أدى إلى تدخل القوى الإقليمية والعالمية منها السعودية وأمريكا. وجاء على إثرها اختطاف الحريري خارج لبنان. من هنا نرى بأن هناك أرضية للصراع بين التيارات إضافة إلى الدوافع القوية للدول الإقليمية للتدخل في هذا البلد، مما جعل المراقبون ورغم اتفاقهم على شرعية الاحتجاجات، يصلون إلى نتيجة مفادها أن أفضل الحلول لا يتجلى في تغيير الحكومة وإدخال لبنان في عهد جديد من الصراعات السياسية والخلافات الحزبية، إنما الحل هو حلحلة مشاكل الشعب ومنح الفرصة للإصلاحات والابتعاد عن القرارات الانفعالية التي من شأنها أن تأخذ بلبنان نحو مستنقع لا يعرف أحد مصيره.
رحيم حمداوي