خاص شفقنا-يبدو من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ومن التحركات التي يقوم بها الجيش التركي في شمال سوريا وخاصة في مدينة رأس العين، أن الاتفاق الخاص بالهدنة الذي تم الإعلان عنه من قبل نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس واردوغان، هش الى درجة كبيرة، وأن كل ما تم الإعلان عنه لم يجد طريقه إلى التطبيق وخاصة من الجانب التركي.
الانباء القادمة من شمال سوريا تؤكد ان الجيش التركي يفرض حصارا كاملا على مدينة رأس العين، ويقوم بقصف المناطق المدنية فيها، بينما تقوم الجماعات التي دربتها وسلحتها تركيا المعروفة ب”الجيش الوطني” بالقتال ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وهو خلاف ما جاء في بنود الهدنة، التي من المفترض أن تكون سارية المفعول فور الاعلان عنها.
شخصيات كردية ومن بينها القائد العسكري لـ ”قسد” مظلوم كوباني قال ان تركيا تطالب من مقاتلي قسد ان ينسحبوا من المنطقة، بينما هي تفرض حصارا عليهم وتمنعهم من الانسحاب، الأمر الذي يؤكد وجود تواطؤ في حال استمر الحصار، بين أمريكا وتركيا ضد الأكراد.
الملفت انه بالتزامن مع تهديد اردوغان بتحطيم رؤوس المقاتلين الأكراد في حال لم ينسحبوا من الشريط الحدودي، تم تداول فيديو مروع يظهر جنود أتراك يقومون بقطع رؤوس جثث لمقاتلين أكراد، فيما يحمل أحد الجنود الأتراك رأسا مقطوعة ويكرر نفس عبارات اردوغان ويقول “انظروا ايها الاكراد إذا رفعتم رؤوسكم سندوسكم هكذا، الأمر الذي يكشف وجود خطة ممنهجة لإفراغ شمال سوريا من الأكراد عبر أساليب داعشية باتت معروفة.
من الأسباب التي تجعل الهدنة هشة هو الاختلاف الكبير في تفسير بنود الهدنة بين الأتراك والأمريكيين، ففي الوقت الذي يصر اردوغان على اقامة “منطقة آمنة” بطول 444 كيلومترا وبعمق 32 كيلومترا على طول الحدود داخل الأراضي السورية، اي من منبج غربا وحتى الحدود العراقية شرق، بينما يؤكد الجانب الامريكي على ان المنطقة “الآمنة” محصورة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض بطول 12 كيلومترا فقط.
كما انه في الوقت الذي يؤكد اردوغان عزمة على توطين أكثر من مليوني لاجئ سوري في تركيا في “المنطقة الآمنة”، باعتبار هذه المناطق خالية من السكان، في المقابل يؤكد الأميركيون على ألا تهجر تركيا المواطنين الأكراد والعرب من المنطقة لتحقيق هدفها.
الممارسات التي يقوم بها الجيش التركي والمجموعات التابعة لها والتي تتألف من جماعات قومية وطائفية متطرفة، وتهديدات اردوغان، كلها تؤكد أن تركيا عاقدة العزم على القيام بعملية تطهير عرقي واسعة النطاق وتغيير ديمغرافي خطير في شمال سوريا، الأمر الذي يؤكد صوابية القرار الذي اتخذته قوات سوريا الديمقراطية والمتمثل بالسماح للجيش السوري بالدخول إلى المناطق التي تحت سيطرتهم، للوصول إلى الحدود الدولية مع تركيا، بهدف منع الجيش التركي من التمادي أكثر، ومن أجل توفير أرضية للقيام بعمليات عسكرية مشتركة بين قوات قسد والجيش السوري ضد القوات التركية المحتلة ومرتزقتها، وكذلك سحب البساط من تحت اقدام اردوغان الذي يحاول الانفراد بالأتراك وابتلاع الأرض السورية.
من المهم جدا أن ترسل القيادة السورية رسالة واضحة وقوية الى اردوغان عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اللقاء الذي سيجمعهم يوم الثلاثاء القادم في روسيا، مؤداها أن اردوغان يلعب بالنار ،وان سوريا لن تسمح بالمساس بجغرافيتها وديمغرافيتها، وان عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، والذي حدث في لواء الاسكندرونه السليب لن يتكرر هذه المرة في شمال سوريا، مهما كانت الظروف، لاسيما بعد أن تبين للسوريين جميعا دون استثناء أن تركيا طامعة بأرضهم وخيراتهم وتعمل على بعث الأمجاد الوهمية للدول العثمانية.
فيروز بغدادي
————————-
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–