خاص شفقنا-تطرقت صحيفة مردم سالاري في افتتاحيتها إلى الاحتجاجات في مصر وكتبت: «بعدما أُخمدت نيران براكين الربيع العربي في العالم العربي، بدأ بركان القاهرة الخامد بالنشاط ثانية في هذه الأيام. يعدّ مصر ثاني بلد شهد الاحتجاجات في الربيع العربي ولفت الأنظار في عام 2011 وأصبح رائداً في الثورة، وفي يومنا هذا أصبحت الأحداث التي تجري هناك، محط أنظار وسائل الإعلام وجعلت العالم ينظر إلى الظروف والتحديات الجديدة التي ظهرت هناك بقلق. تحولت الدعوات في الشبكات الاجتماعية إلى ندوة تدور أحداثها حول عبد الفتاح السيسي وهناك أدلة كثيرة تؤكد استمرار هذه الحالة المعقدة في مصر في الأشهر القادمة. كما ازدادت حدة الاحتجاجات في مختلف المدن المصرية على حكومة السيسي والمطالبة بالإطاحة به.
وقد نشرت وسائل الإعلام العالمية الأخبار ذات الصلة بتلك الاحتجاجات على نطاق واسع. استخدمت الشرطة الغازات المسيلة للدموع لقمع المحتجين واعتقلت ألفي محتج، ومن المقرر استمرار هذه الاحتجاجات التي بدأت منذ أسبوع في مصر، إذ اجتمع عدد من المحتجين مقابل الفندق الذي يسكن فيه السيسي في نيويورك مطالبين برحيله عن الحكم وبعد رجوعه من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تجمعوا مقابل مطار القاهرة وبعد نزوله من الطائرة الخاصة به طالبوه بالتنحي عن السلطة، كما سقط مؤشر البورصة في القاهرة بعد تصعيد وتيرة الاحتجاجات.
إن الحركات الشعبية في العالم العربي التي بدأت بعد ثورة تونس نهاية عام 2010 وانتقلت عام 2011 إلى الكثير من الدول العربية ومنها مصر، قد شكلت مرحلة حديثة في المشهد السياسي والاجتماعي لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تسببت في تغييرات في النظم الإقليمي.
إن تلك الحركات وفي جانب العمق تعدّ ظاهرة حديثة في العالم العربي ولم يسبق لها مثيل في هذه المنطقة، بينما كانت أغلبية التغييرات في الأنظمة السياسية في المنطقة طوال عقود وحتى قرون تلت، قد أخذت هيئة التدخل الأجنبي والانقلاب العسكري أو أنشطة الجماعات والأحزاب السياسية الحاملة الأيديولوجيات وافدة مثل القومية أو الاشتراكية، إن تلك الحركات الحديثة قد ظهرت دون التدخل العسكري ودون أن تلعب المجموعات والأحزاب السياسية دوراً فيها واعتمدت على قوة الشعب وإرادته مثل اليمن في العالم العربي.
في مرحلة ما بعد الربيع العربي وسقوط الدكتاتورية في العالم العربي مثل بن علي ومنصور هادي وحسني مبارك والعقيد القذافي شهدنا ثانية موجة من حالة عدم الاستقرار في تلك الدول مثل اليمن وتونس والبحرين وخاصة في مصر وليبيا، إذ تغيرت معادلات القوى في مصر بين السيسي والمحتجين وأما في ليبيا فالصراع دائر بين قوات حفتر والتيار المعارض له مما جعلت البلدين يعيشان حالة من الثورة والتغييرات الحديثة.
قد شهدت مصر عام 2010 احتجاجات تجمع فيها الشعب في ميدان التحرير، إذ تكاتفت في تلك الفترة التاريخية كل التيارات وانتهت وقفة الشعب وثورته بوجه دكتاتور مصر آنذاك إلى الإطاحة به، في هذه الأيام يعيش مصر نفس تلك الحالة وحتى أنها اشد من تلك الأيام في بعض المجالات، فالشعب احتج على حسني مبارك لأنه كان على علاقات جيدة بالأمريكيين والكيان الصهيوني كما كان البلد يعيش أوضاع مأساوية اقتصادياً واجتماعياً ويواجه أزمات حادة.
في يومنا هذا تواجه القاهرة الاستبداد من جهة ومن جهة أخرى تعيش ظروفاً داخلية متدهورة ورغم إطلاق السيسي وعوداً بإصلاح الأمور على الصعيد الخارجي والداخلي، إلا انه لم يكسب رضا الناس ويواجه حالة من السخط وعدم الرضا إضافة إلى الوضع النفسي المتدهور الذي يعيشه الشعب نتيجة البطالة الواسعة.
في ظل هذه الظروف غير المستقرة لو حصل الناس على فرصة واستمروا بالاحتجاجات فليس من المستبعد بأن تشهد القاهرة في الأيام القادمة أحداث جديدة وثورة جديدة.»
النهاية