خاص شفقنا- تطرقت صحيفة مردم سالاري في افتتاحيتها إلى فرص إجراء المفاوضات بين إيران والإدارة الأمريكية. إذ يجري هذه الأيام الحديث عن هذا الأمر والأخبار التي تناقلتها الوكالات في الساعات الأخير تفيد بأنه أكدت مستشارة البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” يفكر في لقاء نظيره الإيراني “حسن روحاني” في نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل.
لا يشك اثنان في أن الحوار وعقد السلام وبناء العلاقات الودية مع العالم أفضل من العداء والحقد، ذلك أنها تحمل في طياتها الهدوء والراحة التي ينعم بها الشعب نتيجة العلاقات الودية تلك، وإن الشعب الإيراني قد برهن طوال التاريخ على امتلاكه ثقافة سامية ينتهج التسامح في معاملة العدو، وإذا ما قُدم له اقتراح للسلام بكل ما تعنيه الكلمة واحترم الحقوق الثنائية، فإن هذا الشعب يرحب بكل خطوة سلام بوحي من العقل والمنطق.
لكنّ رفض مقترح إجراء المفاوضات مع ترامب حتى من دون شروط مسبقة؛ ولا يجب ان يقبل بهذه المقترحات؛ أقول رفضها يأتي بسبب خلوها من أي احترام لحقوق إيران والحقوق الثنائية التي تخص إيران، على هذا فأن ما تؤول إليه المفاوضات واضحة قبل بدؤها ألا وهي الذلة والمهانة وفقدان كل ما حصلنا عليه، عندها ومع امتلاكنا الثروات العظيمة والرأسمال العلمي والتاريخ العريق والثقافة والحضارة الباعثة للفخر التي تركت تأثيرها في أسس الثقافة العالمية وحضارتها، سنكون دولة كالنظام السعودي وتنظر إلينا أمريكا كما تعاملها…
لكن الأحداث التي جرت في الأيام الأخيرة وبعدما أقيل العدو اللدود لإيران، من أخل بمعاهدة سعد آباد ومن كان يتسلم الرشاوى من مجموعات معادية لإيران ومعروفة للجميع ألا وهو بولتون، زادت التكهنات في الداخل بأن الطريق أصبح معبداً لإجراء المفاوضات مع أمريكا وبالإمكان عبر الجلوس على طاولة المفاوضات حلحلة كل المشاكل داخلياً وخارجياً والعيش براحة، بيد أنهم لا يعرفون بأن حلحلة الكثير من المشاكل الداخلية لها صلة بمقارباتنا وتوجهاتنا ولا علاقة لها بالخارج. من جهة أخرى فيما يتعلق بإجراء المفاوضات فأننا نواجه عراقيل جمة لا يمكن اجتيازها في الوقت الراهن.
أول تلك العراقيل هي إننا نواجه رئيساً تاجراً يعاني من عدم التوازن في الشخصية، كما يذهب إلى هذا الكثير من علماء الاجتماع والسياسيين وعلماء النفس، إذ يتخذ القرارات المفاجئة ولا يؤمن بحقوق الإنسان وقوانين السياسة ولا يلتزم بأي مؤسسة ومعاهدة عقلانية وخير مثال لهذا الأمر فصل أبناء المهاجرين عن والديهم، إضافة إلى إحداث تغييرات واحدة تلو الأخرى في الحكومة والخروج من كل المعاهدات الدولية وعدم الاعتراف بحدود الدول المعترف بها، ومنح مرتفعات جولان إلى الكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إلى بيت المقدس.
ثاني تلك العوائق هو النظام المحتل والتوسعي أي الكيان الصهيوني في المنطقة الذي عليه توفير مصالح أمريكا في المنطقة في كل الظروف حتى بارتكاب الجرائم وتدمير بيوت الفلسطينيين وآخر الأمثلة لهذه التصرفات هي إطلاق نتنياهو الوعود بضم غور الأردن والضفة الغربية. من جهة أخرى يعد نموذج كوريا الشمالية خير مثال لنا، فما يريده ترامب من قادة إيران هو التقاط الصور دون منح أي امتياز أو رفع العقوبات، فكما أسلفنا يمتلك هذا الرجل عقلية تاجر وليس سياسي، هذا وإنه يحتاج إلينا بشدة ويريد حلحلة الإخفاقات الخارجية التي مُني بها للدخول في المعترك الانتخابي بعد عام، ذلك أن ملفه يخلو من أي نجاح في هذا المجال، فملفه مليء بالمشاكل والصراعات مع روسيا والصين وإيران وتركيا وكوبا وأفغانستان ومحور المقاومة و. لا ننسى بأن ترامب مستعد للتخلي عن بمبئو على غرار إقالة بولتون، لكن علينا أن لا ننخدع بهذه الأمور، ذلك وكما أسلفنا فإن إطار المفاوضات لم يتغير.
النهاية