خاص شفقنا- مضى ما يزيد على عام منذ خروج الإدارة الأمريكية من الاتفاق النووي، وبداية ما يسمى بممارسة الضغط الأقصى على إيران، في هذه الفترة واجهت إيران تلك العقوبات بردة فعل اشد وطأة، فإنها انسحبت من التزاماتها في الاتفاق النووي، وأسقطت طائرة مسيرة أمريكية، واحتجزت ناقلة نفط بريطانية، كما تمت دعوة وزير خارجيتها إلى اجتماع جي 7 إذ أجرى في باريس محادثات مع الرئيس الفرنسي، كما أعرب ترامب عن رغبته بإجراء محادثات مباشرة مع الرئيس روحاني.
كل هذه الأحداث برهنت على أن إيران قد حققت النجاح في اتخاذها استراتيجيات لمواجهة الإدارة الأمريكية. يبقى القول صحيحاً بأن العقوبات الأمريكية جعلت الشعب يواجه مشاكل جمة، لكن إيران لم تخضع لعقوباتها كما رفضت إجراء المحادثات المباشرة مع أمريكا.
في هذه الأثناء وما جعل ماكرون يشارك في حلحلة القضية، هي أن إيران أثبتت بأنها تنفذ ما تقوله وكلامها لا يأتي من فراغ وقد شاهدت أوروبا هذا بأم أعينها في احتجاز السفينة البريطانية. من جهة تخشى دول الخليج من اندلاع الحرب، فاقتنعت بأن الخسائر الناجمة عن اندلاع الحرب في المنطقة ستكون فادحة. ومن جهة أخرى أبدت الإدارة الأمريكية رغبتها في إجراء محادثات مع أنصار الله في اليمن اعترافاً منها بإخفاق سياسة حليفتها الرئيسية العربية السعودية في حرب كانت تظن بأنها لا تستمر سوى بضعة أشهر.
وفي تطور ملفت ذي صلة بالملف الإيراني أقيل بولتون من منصبه، أو كما قال بنفسه إنه استقال، استقالة قد أحدثت زلزالاً سياسياً في أمريكا وارتباكاً كبيراً في الأوساط السياسية في أمريكا نظراً إلى مواجهته العلنية مع وزير الخارجية والرئيس الأمريكي خاصة فيما يتعلق باستضافة حركة طالبان والمشاكل الكبرى بينه وبين ترامب فيما يتعلق بالملف الإيراني. كما اتهم ترامب جون بولتون بأنه وراء الإخفاق في الملف الفينزويلي على وجه الخصوص، كما ظهرت أنباء حول الخلافات الحادة بين بولتون وبومبيو وصلت إلى حد القطيعة بينهما.
سواء استقال بولتون أم أقيل، فأن إيران اعتبرت هذا الأمر إمارة على المقاومة البناءة التي اتخذتها في مواجهة الضغوط الأمريكية. إذ قال مستشار الرئيس روحاني حسام الدين آشنا: أن هذا الأمر لم يعدّ مجرد حادثة بل أنه علامة صارمة على إخفاق إستراتيجية الضغط الأقصى في مواجهة المقاومة البناءة لإيران.
تأتي هذه الإقالة على حد تعبير ترامب في وقت أعرب هذا الأخير عن رغبته في لقاء قادة بعض الدول وإجراء محادثات معهم، إذ يراها بعض المتطرفين من أمثال جون بولتون أعداء أمريكا اللدودين، ولا يمكن الثقة بهم.
أخيرا تلك الأحداث مجتمعة تبين بوضوح بأن سياسة المقاومة التي انتهجتها إيران في التعامل مع أمريكا والغرب والرد بالمثل وعدم الخضوع لأي شروط، قد أتت بثمارها حتى يومنا هذا، وذروة هذا النجاح يتضح في انتهاء فترة جون بولتون وقد يعني انتهاء فترة مجموعة (ب) على حد تعبير وزير الخارجية الإيراني.
رحیم حمداوي
————————-
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–