خاص شفقنا- بيروت-عَشِقَ فكرَ الإمام المغيب السيد موسى الصدر منذ نعومة أظافره، وقد شكّل اطلاعُهُ على بعض الحقائق التاريخية حول الإمام مرحلةً معرفيّةً غنيةً وثمينةً في حياته، حتى تحوّلت إلى حُجة على قلبِه وعقله، فاعتبر أنه من واجبه الديني والإنساني أن ينقلها للأجيال، وخصوصا طـُلاّب المعرفة والحقيقة، ولكل انسان موضوعي وصادق وتقي في قراءة وتدوين التاريخ وأخذِ العِبَرِ من صَفَحاته ومناراته لأن التاريخ أمانة ومصباح للمستقبل، فكان النِّتاج “منظومة فكرية وسلوكية وجهادية متكاملة” تحت عنوان ” الإسلام القرآني الذي يضم الأديان جميعاً”.
وعلى هامش احتفال اطلاق الموسوعة الذي اقيم برعاية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ممثلاً برئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة السيد هاشم صفي الدين، وبدعوة من معهد المعارف الحكميّة، التقت “شفقنا” مُعدّها علي عبد الهادي جابر في مقابلة حصرية، حيث رأى أن الإمام المغيَّب طرح القِيَم الدّينية من خلال الرؤية الإنسانية الكونية والقضايا المرتبطة بحياة البشر، مشيرا إلى انه “وبعد خمسين عاما من اطلاق الامام موسى الصدر لأفكاره، لا تزال تُشكل أهم الإجابات عن معظم القضايا التي يواجهها الإنسان في القرن الواحد والعشرين، فهي عبارة عن “منظومة فكرية وسلوكية وجهادية متكاملة””.
لماذا الإمام موسى الصدر؟
يتردد جابر في الإجابة عن هذا السؤال، ففيه الكثير من المكنونات التي لا يعرف كنهها إلا من قرأ الإمام بروحه وسبر أغوار فكره بعقله وتعمّق بتفاصيله بحب حقيقي، يقول: قرأتُ الإمام موسى الصدر فوجدته يُجسّد مدرسة الأنبياء وأهل البيت عليهم السلام ولأنه:
“تميّز في الابداع والفن في أساليب التبليغ، وجسّد التكامل الانساني في أبعاده الروحية والثقافية والاجتماعية والسياسية والتنموية والجهادية، وَجَمع الأبعاد الإنسانية والدينية والوطنية والقومية، وحوّل التنوّع والخِلاف الى فرصةٍ للتّفاهمِ والحوار وتنوع التجارب، وكان كالشمس التي تشعُّ النور وتبعثُ الدفء الى جميع الاطراف والانحاء والجهات”، وأخيرا وليس آخراً يضيف جابر: “كان غريباً في وطنه وأمته عندما كان يستشرف المستقبل”…
لماذا “الإسلام القرآني”؟
ويشرح جابر أهمية انتقائه لعنوان الموسوعة بدقّة قائلا: “انتخبت للموسوعة عنوان “الإسلام القرآني” استنادا الى المفهوم الذي أعلنه الامام الصدر في المؤتمر التأسيسي الأول لحركة المحرومين في مؤسسة جبل عامل المهنية في صور 28 -30 ايار 1976 حيث قال:
“القرآن يسمّي رسالة ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد إسلاماً”، “الإسلام القرآني يضم المسلمين والمسيحيين”، الإسلام الحضاري هو الإسلام القرآني”.
ويضيف “ولأن الوفاء للإمام موسى الصدر هو وفاء للإسلام القرآني كما قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله:
“الوفاء للإمام موسى الصدر هو وفاء للإسلام القرآني، يجب ان نستعيد الإمام موسى الصدر إماما للفكر الاسلامي القرآني الجدير بقيادة العصر، وحل مشاكل العصر، والجدير بإقامة دولة حديثة عصرية على الأسس التي قام عليها محمد بن عبد الله “ص” دولته، سنبقى الأوفياء لك ولخطك ولنهجك ولقضيتك في اتباعنا الاسلام القرآني المحمدي الأصيل”.
ويتابع “قرأتُ ما نُشِر من أفكار ومواقف الإمام، وصنّفتُها بين نصٍ كامل، ومقتطفات من نص وأقوالٍ من نصّ، وحافظتُ على أصل النص، ملتزماً أمانة النّقل، ووزعتُها في أربعة مجلّدات وانتخبت لها عنوان “الإسلام القرآني” هذا المفهوم الذي عبّر الإمام الصدر من خلاله عن فهمه للإسلام والإنسان التي جاءت من أجله الأديان.
ويضيف “استغرق اعدادي لها حوالى خمس سنوات، أما عن توقيت اصدارها، فاخترتُ أن يكون في الذكرى الإحدى والأربعين لتغييب الإمام، وذلك، لتأكيدِ حضوره الفكري والثقافي، ولأن سلوك هذا النهج الاسلامي المحمدي الأصيل “في مختلف أبعاده” فكراً وسلوكاً وحياةً وثورة هو أفضل ردٍ على جريمةِ التغييب المستمرة”.
مُحدّداً قُرّاء هذه الموسوعة من قادة ورجال الدين والفكر والثقافة والإعلام والدولة واركان المجتمع ودعاة الإصلاح والتغيير ومراكز الابحاث والدراسات والحوزات الدينية والجامعات.. توجه جابر برسالة الى كل انسان يتصدى لمسؤولية اصلاح المجتمع ان يُتحِفَ معرفتَه بهذا الكنز الثمين، آملاً تطبيق المنظومة الفكرية والسلوكية والجهادية المتكاملة للإمام موسى الصدر لأنها تجسد تعاليم الانبياء والأديان بلغة اصيلة ومعاصرة في آن.
ملاك المغربي