خاص شفقنا-الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وضع لا يحسد عليه بالمرة، بعد أن أدخل بلاده في عزلة إثر قراره المتسرع والاهوج بالانسحاب من الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية ومن ضمنها أمريكا، وإعادة فرض العقوبات الأحادية الأمريكية على إيران.
ترامب، لم يكتف بفرض العقوبات السابقة على إيران، بل تمادى إلى أكثر من ذلك عندما، هدد العالم كله، حتى حلفائه في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية من التعامل مع إيران، بهدف تصفير الصادرات الإيرانية من النفط.
الرئيس الأمريكي كان يعتقد، أو يبدو هكذا تم اقناعه، أن الأوروبيين وحلفاء أمريكا في العالم سيعلنون تأييدهم لمواقفه الأحادية ضد إيران، وسيدعمون العقبات التي يفرضها على إيران، فاذا به يتفاجأ بموقف أقرب حلفائه في العالم، الذين رفضوا الانصياع لضغوطاته وسياسته غير المسؤولة إزاء القضايا الدولية الخطيرة، فأخذوا يحاولون ايجاد اليات من اجل الالتفاف على العقوبات الامريكية التي اضرت كثيرا باقتصاديات الدول الاوروبية وبسمعتها وبمكانتها الدولية.
كان واضحا منذ اليوم الأول، أن سياسة ترامب إزاء الاتفاق النووي والعقوبات، ومن إيران بشكل عام، متأثرة برئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، واللوبي الصهيوني في أمريكا وخاصة صهر ترامب الصهيوني حتى النخاع جاريد كوشنر، فلم ترحب أي دولة في العالم بسياسة ترامب إزاء إيران سوى الكيان الاسرائيلي والسعودية.
اليوم وبعد مرور نحو العام ونصف العام على فرض ترامب العقوبات على إيران ومحاولة تصفير صادرات النفط الايرانية، نجحت إيران في استيعاب الصدمة الاولى للحظر الأمريكي وتجاوزها، والسيطرة وكبح التضخم، وإعادة التوازن والاستقرار إلى السوق رغم انخفاض حجم صادرات النفط، الأمر الذي فاجأ الأمريكيين، الذين كانوا يتصورون ان الاقتصاد الإيراني سينهار خلال شهور قليلة.
الملفت أن الإدارة الأمريكية ورغم عزلتها ورفض العالم مماشاتها في سياساتها الظالمة وغير المبررة ضد إيران، وخروج إيران منتصرة في الجولة الأولى من النزال، مازالت تكابر حيث تأخذها العزة بالإثم، في محاولة للهروب من نتائج سياستها الطائشة والرعناء، ورفض الاعتراف بالفشل، وإذا بها تتقمص سياسة القراصنة حيث أخذت تطارد ناقلات النفط الإيرانية في بحار العالم، عبر تهديد الدول بطريقة البلطجية، لكيلا تستقبل هذه الناقلات في موانئها.
الملفت أن أمريكا التي تدعي أنها أكبر قوة عسكرية في العالم، لا تجرؤ ان تقوم باعتراض ناقلات النفط الايرانية، لذلك نراها تحاول توريط دول اخرى ،كما حصل عندما ضغطت على بريطانيا لاحتجاز ناقلة النفط الإيرانية غريس واحد في مضيق جبل طارق، إلا أن بريطانيا وبعد وقوفها على الخطأ الفاحش الذي ارتكبته، تراجعت بعد شهر عن قرارها وأطلقت سراح الناقلة الإيرانية بعد أن غيرت اسمها الى ادريان داريا ورفعت العلم الإيراني، رغم الحاح أمريكا على بريطانيا بمواصلة احتجازها، بل سارعت إحدى المحاكم الأمريكية في إصدار حكم بمصادرة الناقلة وحمولتها، إلا أن الحكم مازال حبرا على ورق، فلا أمريكا تجرأ على تنفيذ حكمها ولا الآخرون يجرؤون على ذلك.
ترامب والمتطرفون من حوله أمثال بولتون وبومبيو، الذين تحولوا إلى دمى يلعب بها نتنياهو، لم يبقوا لأمريكا من هيبة في العالم، بعد أن حولوها من دولة عظمى، إلى دولة منبوذة على الصعيد العالمي، لاهم لها إلا ملاحقة ناقلات نفط دولة اخرى، عبر تهديد العالم كله من التعامل مع هذه الناقلات، وهي طريقة أحقر بكثير من طرق القراصنة، فالقراصنة يمتلكون الجرأة على التعرض لناقلات النفط مباشرة، اما رجال ترامب فيكتفون بتهديد الآخرين من التعامل مع هذه الناقلات، دون أن يمتلكوا الجرأة على التعرض لها او الاقتراب منها.
النهاية