خاص شفقنا العراق-أثارت خطبة الجمعة التي تلاها ممثل المرجعية الدينية العليا السيد أحمد الصافي في 9 اب 2019، مجموعة من الردود وكذلك التفاعلات وإن كانت جلها مؤيدة للتساؤلات التي طرحها السيد الصافي وانتقاده لعدم تحرك الحكومة في محاربة الفساد، لكن بعض الردود انتقدت الخطبة وهاجمتها.
السيد أحمد الصافي كان قد وجه في خطبة الجمعة التي تلاها في كربلاء، انتقادا شديد اللهجة لساسة العراق والمسؤولين الحكوميين متسائلا بالقول: “أين ذهبت أموال البلد بأرقامها المرعبة.. ولماذا تستمر معاناة الشعب العراقي؟”، وفيما طرح تساؤلات على أصحاب القرار، قال إننا نطالب من سنين محاربة الفساد ولم يتحقق شيء.
وقد تفاعل عدد كبير من ساسة العراق وكذلك النواب مع الخطبة، فقد طالب زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، الحكومة بإجابات واضحة لتلك التساؤلات.
وبعيدا عن التأييدات، ظهرت بعض ردود الأفعال المنتقدة، كان منها تغريدة النائب السابق ماجد شنكالي، قال فيها إن الدولة التي تدار من خلال خطب الجمعة وتوجيهاتها لا يمكن أن تكون دولة مدنية مواكبة للتقدم والتطور.
شنكالي دعا القادة العراقيين وسياسيها، متهكما، إلى الانتقال إلى الحوزة العملية في النجف بدلاً من تولي مناصب حكومية.
الدولة التي تدار من خلال خطب الجمعة وتوجيهاتها لايمكن ان تكون دولة مدنية مواكبة للتقدم والتطور،وعلى سياسييها وقادتها الذين ينتظرون تلك الخطب وتوجيهاتها ان يتحولوا الى طلبة في الحوزة والمعاهد والكليات الدينية بدلاً من تسنم مسؤولية ادارة الدولة وقيادتها.#حكومة_العراق #خطبة_الجمعة
— ماجد شنكالي (@majidshingali) August 9, 2019
حديث شنكالي عن الدولة المدنية والتقدم والتطور، يتطلب منا تنبيهه بأن المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالمرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني “دام ظله”، دائما ما تؤكد وتركز على أن الدولة المدنية هي الحل في العراق، علما أن توجيهاتها هي من موقع النصيحة والإرشاد وليس التدخل، فهي تبتعد عن الدخول في التفاصيل وتتركها لأهل الاختصاص في الحكومة، كل بحسب موقعه.
فالمؤكد أن الخطبة لا تدير الدولة، وإنما يديرها من تولاها منذ 2003 حتى الآن، وزراء، ووكلاء، ومدراء عامين، وكذلك نواب، ومن ضمنهم السيد شنكالي نفسه، وكل من تولى منصبا فيها سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية.
ثم إن واجب المرجعية هو النصح، ومن يتابع ويقرأ توجيهاتها وبياناتها يدرك تماما بأنها لم ولن تفرض رأيها، لا على الحكومة ولا على جهة أو شخص، والكل حر في أن يأخذ برأي المرجعية أو يتجاهله، كما تجاهلته الحكومات المتعاقبة، فلو كانت تأخذ بتوجيهات خطب الجمعة لكان الحال تغير إلى الأفضل.
وإذا كان السيد شنكالي ممن لا يريدون سماع توجيهات المرجعية ونصائحها، إيمانا منه بمعارضة ذلك لمبدأ الدولة المدنية، فلماذا ينتظر هو رأي المرجعية في بعض الأمور التي تخص إقليم كردستان ومطالبتها بالتدخل لحل المشاكل والقضايا العالقة بين أربيل وبغداد؟
الهجوم الآخر على خطبة الجمعة كان ما كتبه النائب في البرلمان فائق الشيخ علي، على حسابه في تويتر، وقال: “يجب أن يشجب الشعب العراقي خطبة الجمعة… من جهة يقول الخطيب بأن المرجعية تحذر من الفساد بالدولة منذ سنوات، ومن جهة ثانية يتساءل: أين المسؤولون بالدولة؟ أين الحكومة؟”.
يجب أن يشجب الشعب العراقي خطبة الجمعة اليوم في كربلاء.
لماذا؟
فمن جهة يقول الخطيب بأن المرجعية تحذر من الفساد بالدولة منذ سنوات.
ومن جهة ثانية يتساءل:
أين المسؤولون بالدولة؟ أين الحكومة؟#شني_هاي
چا هو الفساد منو الي جاي يقوم بيه؟من خره بالساعة الي تخلي الناس يستمعون لهيچ خطب!— فائق الشيخ علي/كلمتي للتاريخ (@faigalsheakh) August 9, 2019
الشيخ علي سبق وأن طالب المسلمين، بمقاطعة صلاة الجمعة، قائلا إنهم ليسوا في زمن النبي محمد للاستفادة من خطبها، وكتب: “أيها المسلم: لا تذهب اليوم إلى صلاة الجمعة، فأنت لستَ في زمن الرسول (ص) تستمع إلى خطبته، لتستفيد منها”.
وتابع “أنت جائع (و) حافٍ” وعليك ديون في “زمن نتن (بينما) الإمام الذي يأُمك للصلاة” تبدو عليه علامات الغنى والانتعاش والشبع.
أيها المسلم:
لا تذهب اليوم إلى صلاة الجمعة، فأنت لستَ في زمن الرسول (ص) تستمع إلى خطبته، لتستفيد منها.
أنت جائع حافي مدين مهتلف منتّف في زمن نتن..
والإمام الذي يأُمك للصلاة مريّش منشنش مدنفش مفرفش.
وفوق هذا يصرخ بوجهك كأنه كاروبة (جرّار)!
شعندك رايح للصلاة؟
متگعد إبيتك.#شني_هاي— فائق الشيخ علي/كلمتي للتاريخ (@faigalsheakh) July 12, 2019
وقد رد النائب عن كتلة الصادقون عبد الأمير التعيبان، على الشيخ علي بسبب ما وصفه تهجما على المرجعية، وقال في تغريدة له في “تويتر”: قبل أن تتهجم على خطيب المرجعية بهذا الأسلوب الفاحش وغير المقبول عليك أن تلتزم بدوامك تحت قبة البرلمان ليكون راتبك حلالا عليك.
وفي تغريدة أخرى قال التعيبان أن التهجم على خطيب المرجعية في كربلاء المقدسة من قبل نائب يدعي المدنية والذي هو أصلا منقطع عن الدوام في مجلس النواب ينطبق عليه قول الشاعر (( لا تنهى عن خلق وتأتي مثله .. عار عليك إذا فعلت عظيم)).
https://twitter.com/AbdAlameerHA/status/1160074195562323968
بدوره انتقد القيادي في تيار الحكمة المعارض، محمد اللكاش، هذه التصريحات، وقال في بيان “يحاول البعض من النواب الذين لا يتجاوز عددهم بعض أصابع اليد بحرف البرلمان عن مساره التشريعي والرقابي من خلال بعض التغريدات أو اللقاءات الصحفية متجاوزين على الدستور والقانون والذوق العام وإظهار بعض الكلمات السوقية والتي لا تمت الى أخلاق وعادات وطباع العراقيين بأي نحو كان حتى في لغاتهم {العامية} وكيلهم بعض الاتهامات الباطلة للبعض”.
وأضاف اللكاش “كنّا نتمنى من رئاسة مجلس النواب ولجنة السلوك النيابي أن تضبط إيقاعات البعض من أعضاء المجلس وأن تتخذ بحقهم بعض الإجراءات الانضباطية كونهم تمادوا في غيهم حتى وصل الحال بهم إلى التجاوز على منبر الجمعة في كربلاء المقدسة هذا المنبر الذي انطلقت منه الفتوى المباركة للإمام السيد علي السيستاني وهو نفسه الذي حفظ وحدة العراق وهو المنبر الوحيد لجميع أطياف الشعب العراقي”.
النهاية