شفقنا العراق- لم تشهد العلاقات القطرية_السورية أي تحسن على المستوى الدبلوماسي طيلة سنوات الازمة السورية على اعتبار أن الدوحة تتبنى وجهة نظر ورأي لا يتقاطع مع الحكومة السورية وما قامت بها خلال سنوات الحرب، إلا أن سلسلة التحولات الأخيرة التي شهدتها الساحة السورية والتي نتج عنها استعادة الجيش السوري وحلفائه لغالبية الأراضي التي كانت خارج السيطرة، دعت الكثير من الدول لإعادة النظر فيما يخص تطبيع العلاقات مع سوريا وحكومتها، ولا نعرف إن كان طلب هيئة الطيران المدني القطرية من وزارة النقل السورية منح الخطوط الجوية القطرية إذنا بالعبور فوق الأجواء السورية، هو أول الغيث لبدء هذا التطبيع.
الطيران قد يكون الحل
الطلب القطري لاقى ترحيب من الجانب السوري، حيث وافقت الوزارة السورية على الطلب القطري، وأوضحت الوزارة في بيان أن الموافقة جاءت من مبدأ المعاملة بالمثل حيث أن السورية للطيران تعبر الأجواء القطرية ولم تتوقف عن التشغيل إلى الدوحة طيلة فترة الحرب، وفقا لوكالة الأنباء السورية “سانا”.
ووصفت الوزارة الخطوة بالـ”مهمة جدا” لجهة خفض التكاليف على الشركة وزيادة الإيرادات من القطع الأجنبي لصالح الدولة السورية مقابل توفير الوقت والمال على المسافرين وشركات الطيران.
وأضافت “أنه ونتيجة الحرب ضد سوريا فإن عددا كبيرا من شركات الطيران اعتكف عن المرور فوقها ما رتب عليها تكاليف إضافية كبيرة باعتبار أن وقت الالتفاف حول سوريا حوالي ساعة ونص الساعة”.
الخطوة القطرية لا يمكن رؤيتها بشكل سطحي وعدم ربطها بمستقبل العلاقات مع سوريا، وبما أن جميع الدول الخليجية والعربية التي قطعت علاقاتها مع سوريا بدأت تخطو خطوات حثيثة نحو تحسين العلاقات مع دمشق، لايمكن لـ قطر أن تعيش في معزل عما يجري، لاسيما أن الغليان الدبلوماسي الذي تشهد الساحة السورية هذه الأيام سيرسم مستقبل العلاقات في المنطقة إلى عقود طويلة، وبالتالي لايمكن لقطر ان تكون بعيدة عما يجري وإلا سيصبح من الصعب جدا طرق ابواب دمشق بعد أن تأخذ التحالفات الجديدة في المنطقة شكلها النهائي.
قطر قدمت طلبها إلى دمشق للطيران فوق أجوائها ودمشق وافقت وهذا يعني أن الأخيرة مستعدة للتعاون في مجالات أخرى لطالما أن هناك تقاطع في المصالح بين البلدين، وأثبتت سنوات الأزمة أنه ليس من صالح البلدين الاستمرا على النحو الذي ساروا عليه خلال السنوات الماضية.
الأمر الثاني أن المنافسة على استرضاء “دمشق” لفتح أبوابها وإعادة العلاقات أصبحت محتدة جدا بين الدول العربية وخاصة الخليجية، وعلى سبيل المثال بدأت كل من البحرين والامارات وسلطنة عمان خطوات مهمة في هذا المجال وحاليا تقوم السعودية بالامر ذاته بوساطة روسية، وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد أعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2018، عن إعادة فتح سفارتها في دمشق بعد سبع سنوات على قطع علاقاتها مع سوريا، وكذلك فعلت البحرين.
الولايات المتحدة
اذا عدنا للأسباب الرئيسية التي دفعت الدول العربية لاخراج سوريا من الجامعة العربية وتجميد عضويتها، لوجدنا واشنطن تقف بشكل كبير خلف هذا الأمر، وما أجبر هذه الدول على الخروج من تحت العباءة الأمريكية خلال الفترة الماضية هي النتائج التي حققها الجيش السوري على الأرض، فضلا عن رغبة الدول الخليجية بسحب البساط من تحت ايران، خاصة بعد أن وجدت هذه الدول نفسها عاجزة عن احداث أي تغيير لصالحها في السياسة السورية خارج اطار الحكومة السورية التي اعادت سيطرتها على غالبية مساحة البلاد وبالتالي أصبحت الكلمة العليا لها ولحلفائها على عكس واشنطن وحلفائها، ومن هنا لم تجد هذه الدول الخليجية منفذا لدخول دمشق من جديد سوى عبر النشاط الدبلوماسي واعادة العلاقات مع دمشق قبل فوات الآوان.
تحدثت تقايري صحفية أمريكية عن إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هدد حلفاءه العرب، بعد مساعي بعض الدول العربية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد. ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن دبلوماسيين أمريكيين، قولهم إن جهود الدول العربية لإعادة الاندماج مع الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد، توقفت بصورة كبيرة، بعدما دفعت الولايات المتحدة حلفاءها للتوقف عن تجديد العلاقات الدبلوماسية، وفي الوقت الحالي لا نعلم إن كانت واشنطن ستهدد هذه الدول مجددا وتمنعها من اعادة العلاقة مع سوريا.
اعادة التوازنات
حاليا يتم تشكيل تحالفات جديدة في الشرق الأوسط وجميعها تمر عبر دمشق، وبما أن التنافس بين قطر من جهة وكل من الامارات والسعودية من جهة أخرى في المنطقة وصل ذروته لايمكن تجاوز الملف السوري، الذي سيبنى عليه الكثير، وبما أن تركيا حليفة قطر بدأت تسعى لايجاد حل سياسي في سوريا بشكل جدي اكثر من اي وقت مضى بالتزامن مع الضغوط التي يتعرض لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب اللاجئين والأكراد والانتخخابات المحلية والاقتصاد، كان لابد لقطر أن تحذو حذوها وتبدأ خطوات متوازية معها لكي لا تغرد خارج السرب، ناهيك عن أن جميع الدول التي كانت تطالب باسقاط الاسد اليوم لم تعد تطالب بذلك، وف النهاية جميع المؤشرات تدل على إعادة العلاقات مع دمشق بحكومتها الحالية ورئيسها بشار الاسد أما بالنسبة لايران فهذا موضوع تحدده الحكومة السورية التي قال وزير خارجيتها صراحة أنه لا يمكن المساس بهذه العلاقة تحت أي ظرف.
المصدر: الوقت