شفقنا العراق-استضافت القاهرة قمّة ثلاثيّة عراقيّة مصريّة أردنيّة سبقتها لقاءات مُكثّفة بين قادة أجهزة الاستخبارات في البُلدان الثّلاث، وسط أنباء عن وجود خطّة لدى الدول الثّلاث لتعزيز التعاون الأمنيّ إلى جانب السياسيّ والاقتصاديّ.
أهميّة هذه القمّة التي يُقال أنّ العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني هو الذي قام بدور الوسيط لعقدِها، تنبُع من كونها تُعقد قبل القمّة العربيّة المُقبلة في تونس خلال الأيّام القليلة المُقبلة، ممّا أنعش التكهّنات بأنّها ربّما تكون مُحاولة من الدول الثّلاث لتَنسيق المواقف، والتّرتيب لعودة سورية إلى الجامعة والعمل العربيّ المُشترك، وإعادة إحياء الدور العراقيّ في المِنطقة بعد سنوات من الانكماش والتّركيز على القضايا المحليّة.
ولعلّ توقيت عقد هذه القمّة مع إعلان قوّات سورية الديمقراطيّة دُخولها آخِر معاقل تنظيم “الدولة الإسلاميّة” (داعش)، والقضاء بشكلٍ كاملٍ على وجودها العسكريّ شرق الفُرات، أمر يجب أخذه في عين الاعتبار أيضًا، وربّما لهذا السّبب يجري الحديث عن وضع الدول الثّلاث استراتيجيّة، وخطط عمليّة لمُواجهة التطرّف والإرهاب بأشكالها كافّة، خاصّةً أنّ الدول الثّلاث عانت مِنه طِوال السّنوات السّبع الماضية، وما زالت تخوض المعارك ضدّه.
ربّما من السّابق لأوانه القول بأنّ هذه القمّة الثلاثيّة تُشكّل نواة لمحور جديد يضُم دولتين عربيتين مركزيتين يُحقّق بعض التّوازن مع المحور الخليجيّ الذي هيمن على دوائر صُنع القرار في المِنطقة طِوال السنوات العِشرين الماضية تقريبًا، ولكن هذا التّقارب المِصريّ العراقيّ يُشكّل تطوّرًا جديدًا في السياسة الإقليميّة.
هُناك نُقطتان لا يُمكِن إغفالهما في النّظر إلى هذه القمّة المُفاجئة:
الأُولى: هل تعكِس هذه القمّة الثلاثيّة الصّراع العربيّ الإيرانيّ على العِراق، ومساعي الولايات المتحدة لإبعاد بغداد عن محور المُقاومة الذي تتزعّمه إيران في ظِل حالة الاستقطاب السياسيّ المُتصاعدة وتيرتها في المنطقة؟
الثانية: هذا التّقارب المصريّ العراقيّ هل سيكون مُقدّمة لتقارب مصريّ إيرانيّ خاصّةً أنّ العِراق بات الآن أحد البوّابات الرئيسيّة إلى طِهران؟
من الصّعب علينا الإجابة عن أيّ من الأسئلة السّابقة، لكن يُمكن القول أن الدولة الرابعة التي يُمكِن أن تحوّل هذا التّقارب من ثلاثي إلى رباعي هي سورية، ومن غير المُستبعد أن تُركّز جُهود قادتها على عودة سورية إلى الصّف العربيّ، رغم الضّغوط الأمريكيّة المُعاكسة في هذا الإطار.
قمّة ثلاثيّة مُهمّة تُغيّر الكثير من المُعادلات في المِنطقة عُنوانها الأبرز عودة الحِراكين العِراقيّ والمصريّ، ولكن في أيّ اتّجاه؟ هذا السّؤال المُلحّ الذي ينتظِرُ الإجابة.
المصدر: رأي اليوم